محمد الخياري لـ"العرب": أحاول الخروج من جلباب الفكاهة في "الدم المشروك"

من بوابة حكاية اجتماعية جادة يعود الممثل المغربي محمد الخياري إلى التمثيل بعد غياب ليس بطويل، لكنه يعود بدور جديد مختلف عمّا قدمه سابقا حيث خصص المساحة الأكبر من تجربته للكوميديا، وفي هذا الحوار مع "العرب" يعود إلى بداياته ويسلط الضوء على أهم مشاريعه الفنية الحالية.
الرباط – تدور أحداث مسلسل “الدم المشروك” للمخرج أيوب لهنود حول ثلاث أخوات يجتمعن لإدارة مشروعهن التجاري بعد وفاة والدتهن، لكن تبدأ الخلافات بينهن وتتصاعد لتصبح أكثر عنفا ودموية. ومع ظهور العديد من الشخصيات في حياتهن، من يدعي البراءة، ومن يخفي أسرارًا، ومن يطمع في الإرث، تزداد التوترات والصراعات.
المسلسل من بطولة محمد الخياري ودنيا بوطازوت وعبدالله ديدان وسعد موفق وساندية تاج الدين ومريم الزعيمي. ويعرض العمل ضمن الماراثون الرمضاني لهذا العام، وفي هذا السياق كان لصحيفة “العرب” حوار مع الفنان المغربي محمد الخياري حول هذا العمل وكواليس أعماله الأخيرة.
حول اختياره العودة هذا العام من خلال مسلسل “الدم المشروك” بعد غيابه السنة الماضية عن المشاركة في أعمال رمضانية، يقول الخياري “في مسلسل ‘الدم المشروك’ أجسد دورا دراميا، من خلال شخصية رجل شرير وقوي، وكان بمثابة اختبار لي: هل لا زلت قادرا على تقديم الدراما من جديد أم لا؟ لحسن الحظ، وجدت الدور مريحا، والمخرج أيوب لهنود متفهما ومتعاونا، وكذلك كان الحال مع المنتجين، بينما تبقى الدراما منها جئت وإليها عدت، إذ بدأت مسيرتي في أدوار الشباب مع فرقة البدوي عامي 1980 و1981، من خلال مجموعة من المسرحيات مثل ‘في انتظار القطار’ و’وصية الثعلب’ و’بيت من زجاج’ و’الحلقة فيها وفيها’ و’راس الدرب’ و’وليدات الزنقة’، كما شاركت في العديد من المسلسلات، أذكر منها ‘نافذة على المجتمع’ و’نماذج بشرية من قضايا رمضان’، وبعدها اشتعلت جمرة الكوميديا في داخلي وبدأت بتقديم قفشات ساخرة في سن السادسة عشرة، عندما كان الثنائي بزيز وباز، والزعري أبرز الكوميديين في ذلك الوقت.”
ويتابع “واصلت العمل بمفردي بعد ذلك قبل أن أقدم ثنائيا في ‘زيك وزاك’، حينها اشتغلنا في التلفزيون والمهرجانات، وبعد فترة عدت للعمل بمفردي في المسرح عام 1990، وبعد انقطاع عدت من خلال مسرحية ‘نابولي مليونيرة’، للكاتب إدواردو دي فيليبو، ومن اقتباس وإخراج حميد باسكيط، زوج الممثلة سعيدة بعدي”.
ويوضح لـ”العرب”، “من هناك انتقلت إلى فرقة مسرح الحي، وقدمنا عدة مسرحيات مثل ‘شرح ملح’، قبل أن أعود إلى الستاند آب وأعمال الكوميديا التلفزيونية، إذ شاركت في نحو 20 عملا متسلسلا، ثم عدت إلى الدراما عبر مسلسل ‘ولد صفية’ للمخرج يونس الركاب وإنتاج ديسكونيكتيد، ومسلسل ‘الزطاط’ للمخرج علي الطاهري، الذي قدمت فيه دورا دراميا حادا، كما شاركت في مسلسلات أخرى مثل ‘اليتيمة’ و’ألف ليلة وليلة’، وبعد ذلك عدت إلى السيتكومات والستاند آب كوميدي.”
أما عن مشاركته في مسلسل من إخراج أيوب لهنود، فيقول الخياري إن “هذا العمل يعد سابقة، إذ إن رمضان الماضي شهد مسلسلين تمحورا حول بقايا السيارات وهما ‘الجنين’ و’بنات الحديد’، وبغض النظر عن الموضوع، فقد قدمت الصورة ديكورا جديدا لم يعتد عليه الجمهور المغربي، وكذلك اليوم يتناول ‘الدم المشروك’ قضية الإرث، إلى جانب مواضيع القتل وما يحصل من فساد في المجازر الكبرى والصراع بين النزاهة والغش والخير والشر والرحمة وانعدامها، إنه عمل جميل ومتميز.”
وينوه محمد الخياري بالجولة الفنية التي سيقوم بها بعرضه الكوميدي “كوميكاز” في المغرب وخارجه، قائلا “الجميع يعرف أن الإرهابي الذي يفجّر نفسه لغاية سلبية لا علاقة لها بالإنسانية يسمى ‘كاميكاز‘، أما أنا فـ‘كوميكاز‘ وهو تفجير كوميدي بين الناس، عمل ساخر يضم مجموعة من الشباب النجوم في الكوميديا، إذ ستكون العروض الأولى في هولندا وبرشلونة، ثم في المغرب وتحديدا في خريبكة والعيون خلال شهر رمضان الحالي، ويليها عرض في ألمانيا خلال مايو المقبل، ونقول للجمهور: مرحبا بكم في كوميديا المغرب.”
ويشاركنا الممثل جديده السينمائي بعد فيلم “طاكسي أبيض” حيث يوضح أن هذا الفيلم “قد لا ينتهي وقد نصل إلى أجزاء عديدة، والسبب أنه يقدم فضاء يجمع المواطنين من مختلف الشرائح، فهو أشبه بمغرب صغير متنقل، إذ يلتقي فيه الشرطي والصيدلي والطبيب والمريض والمتقاعد وغيرهم، لخلق مواقف كوميدية غنية، وجاء الجزء الثاني لاستكمال الأحداث في أبعاد جديدة، وهو عمل قابل للتجديد ما دام يخاطب مختلف الفئات في المغرب، سواء من الناحية الكوميدية والدرامية والإنسانية أو السينمائية.”
المسلسل يتناول قضية الإرث إلى جانب مواضيع القتل والفساد في المجازر الكبرى والصراع بين النزاهة والغش
ويكشف أن “المشروع السينمائي القادم ‘دار المحراش’ فهو مشروع جديد سيتم تصويره قريبا، بعد النجاح الذي حققه ‘طاكسي أبيض 2’، وحقيقة جعل الأنظار تتجه إلي سينمائيا، علما أنني أُعتبر من أوائل الممثلين الذين خاضوا التجربة السينمائية، وشاركت عام 1989 في فيلم ‘المطرقة والسندان’ للمخرج حكيم النوري، إلى جانب نخبة من النجوم الكبار، لكن عندما عدت إلى السينما كانت البداية مع سعيد الناصري في فيلم ‘البانضية’، ثم شاركت في ‘سعيدة ومسعود وسعدان’ مع عزيز داداس، بالإضافة إلى فيلم آخر مع إبراهيم الشكيري وبونعيلات وعمر لطفي.”
ويوضح الخياري أن “دار المحراش” هو فيلم “يتناول قضية الأيتام والمتخلى عنهم، تحت وصاية رجل محترم يتكفل برعايتهم وحمايتهم إلى أن أصبحت ‘دار المحراش’ مؤسسة كبيرة، فالفيلم يطرح فكرة مفادها أن مثل هذه الملاجئ ليست بالضرورة مكانا لتنشئة المنحرفين، إذ يمكن أن يتخرج منها أطباء وأساتذة ومهندسون، فالعمل من إخراج ربيع شجيد وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور”.
ومحمد الخياري ممثل بدأ مسيرته الفنية في مسرح البدوي، وشارك في العديد من العروض المسرحية التي تساهم في تشكيل موهبته، وانضم لاحقا إلى فرقة مسرح الحي بمساهمة من العربي باطما، كما شارك في عدة أعمال تعتمد على البطولة الجماعية، مثل “العقل والسبورة”، “حسي مسي”، “شرح ملح”، و”حب وتبن”، وبعد تفكك الفرقة أسس مع عبدالخالق فهيد فرقة مسرحية خاصة بهما وقدما عروضا مسرحية جديدة، مثل “فوق السلك”، واتجه بعد ذلك إلى تقديم عروض كوميدية فردية، وشارك في عدد من المسلسلات التلفزيونية، مثل “مبارك ومسعود”، “لوبيرج”، “البهجة ثاني”، “الكوبيراتيف”، “كلنا مغاربة”، و”زنقة السعادة”، إلى جانب أعمال سينمائية مثل “الباندية”، “عمي”، و”بورن آوت”.
يعمل الخياري كعضو في لجنة تحكيم برنامج “كوميديا” لاكتشاف المواهب الكوميدية، ويشارك في تقييم المتسابقين لعدة مواسم، قبل أن يتم استبعاده بسبب خلافات مع المنتج ياسين زيزي، ويعزو سبب استبعاده إلى اعتراضه على وجود أسماء من مجال الدراما ضمن لجنة التحكيم بدلا من الكوميديا، إضافة إلى خلاف مالي حول تخفيض راتبه، وهو يشدد على أن لجنة التحكيم يجب أن تضم فنانين كوميديين لضمان مصداقية التقييم، بينما يستمر في تقديم أعماله الفنية المتنوعة، ويواصل نشاطه في المشهد الكوميدي المغربي من خلال التلفزيون والمسرح.