"محطة انتظار" مسلسل يلفت الأنظار لمشكلات المجتمع الكويتي

المسلسل الكويتي يعد نصا مختلفا في طريقة تناوله وكتابته، حيث يطرح العديد من المشكلات التي باتت تواجه الأسرة الكويتية.
الخميس 2019/02/28
معالجة درامية للكثير من التفاصيل الحياتية للمجتمع الكويتي

يروي المسلسل الكويتي “محطة انتظار” قصص مجموعة من الأشخاص، اصطدمت أحلامهم بواقعهم المرير، ومنهم مَن حاول التمرد على ذلك بالسعي إلى تحقيق أحلامه، بينما فضّل الآخرون انتظار لحظة الوداع الأخير، متسائلين إن كانت هذه الحياة التي حلموا بها؟

 “محطة انتظار”، مسلسل كويتي يتطرق إلى بعض القضايا المسكوت عنها ويغوص عميقا داخل الكثير من المشكلات التي تواجه الأسرة الكويتية على نحو جريء، إذ يناقش العديد من الظواهر السلبية كالتحرش ويلفت الانتباه كذلك إلى ضحايا الاغتصاب وكيف يتم التعامل مع النساء المعتدى عليهن كمُدانات، عليهن أن يحملن وزر ما اقتُرف في حقهن طوال حياتهن، كما تتميز شخصيات المسلسل بأن لكل منها تركيبتها النفسية المميزة، كما أن بعضها يحمل جانبي الخير والشر معا.

والمسلسل عرض، أخيرا، على قناة “الراي” الكويتية، وهو من إخراج خالد جمال وتأليف أنفال الدويسان، ويتصدى لبطولته نخبة من نجوم ونجمات الخليج، على رأسهم الفنان محمد المنصور وبثينة الرئيسي وأحلام محمد وشيماء علي وعبدالمحسن القفاص والفنانة غرور وباسمة حمادة وناصر الدوسري وفوز الشطي.

ويدور مسلسل “محطة انتظار” حول رجل متزوج من اثنتين، لكنه يعيش مع زوجته الثانية وأبنائه منها، بينما يهجر زوجته الأولى ملقيا عليها بمسؤولية تربية أبنائها، وهو في نفس الوقت يبدو قاسيا على أبنائه منها لأسباب لا نعلمها في البداية، ما يؤدي إلى الكثير من التعقيدات الحياتية بين الأسرتين، تعقيدات يؤججها الحقد والغيرة والكراهية التي تضمرها الزوجة الثانية للزوجة الأولى وأبنائها.

هذه العلاقات الشائكة رغم المبالغة في تأكيد حدتها هي نماذج حاضرة في أي مجتمع، وقد نجحت الكاتبة أنفال الدويسان في تجسيدها من خلال هذا العمل على نحو لافت، إذ لم يبتعد المسلسل كثيرا عن طابع المسلسلات الاجتماعية التي قدمتها الدويسان خلال الفترة الأخيرة، حتى أنها كانت حريصة على ما يبدو على وضع بصمتها الخاصة التي ميزت بعض أعمالها الأخيرة والمتمثلة في فكرة الراوي، الذي يطالعنا بصوت الفنانة بثينة الرئيسي رابطا بين الأحداث والحلقات.

ويؤدي الفنان محمد المنصور دور الزوج مبارك، بينما تؤدي كل من الفنانة البحرينية أحلام محمد والفنانة باسمة حمادة دوري الزوجتين.

علاقات شائكة رغم المبالغة في تأكيد حدتها
علاقات شائكة رغم المبالغة في تأكيد حدتها 

محور العمل أو الصراع داخل المسلسل يدور حول أسرتي أحلام وباسمة وأبنائهما، وهم لطيفة (شيماء علي) ويوسف (حسين الحداد) ونورا (بثينة الرئيسي) وشوق وتلعب دورها الفنانة إيمان الحسيني وهم أبناء الزوجة الأولى نجاة، أما أبناء الزوجة الثانية نوال فهم نسيبة (صابرين بورشيد) ولولوة (سارة القبندي) وراكان (ناصر الدوسري).

ومنذ الحلقة الأولى من المسلسل ندرك على الفور مدى التباين بين طباع الأبناء داخل الأسرتين، والذي يعود إلى أسلوب التربية التي تتبعها الأم على الجانبين، فبينما تغرس الزوجة الثانية نوال في نفوس أبنائها الكراهية والنفور من إخوتهم، تحاول الزوجة الأولى قدر المستطاع الحفاظ على الحد الأدنى من الود وصلة الرحم بين الإخوة.

الفنان ناصر الدوسري يقوم هنا بدور الابن الطائش دائم التحرش بزميلاته الفتيات في الجامعة، أما شقيقته لولوة فهي مهووسة بوسائل التواصل الاجتماعي والموضة وأدوات التجميل، وتبدو نسيبة (صابرين بورشيد) وسط هذه الأجواء كحالة شاذة، فهي دائمة العطف على الفقراء ولا تعجبها تصرفات أمها وإخوتها، كما تحاول قدر المستطاع رأب الصدع بين الأسرتين.

أحد المحاور المميزة في هذا العمل يتعلق بالدور الذي تؤديه الفنانة فوز الشطي (حصة)، وهي تعمل طبيبة في أحد المستشفيات، لكنها متزوجة من ابن عمها الفلاح (عبدالمحسن القفاص) وهو رجل غير متعلم ويعمل في تجارة الأغنام، وهو وضع مثير للتساؤل، خاصة أن زوجها فلاح ذو شخصية قاسية وهمجي الطباع.

مع الوقت نكتشف سر هذا الارتباط غير المتكافئ حين نعلم أن أسرتها قد أجبرتها على هذا الزواج سترا لها بعد تعرضها للاغتصاب وهي صغيرة، وتؤدي الفنانة فوز الشطي هنا دورا مختلفا ومتميزا، استطاعت من خلاله إظهار موهبتها التمثيلية، وجاء أداؤها متزنا دون انفعال زائد، غير أن المعايرة التي تتلقاها من زوجها وأمها على ما تعرضت له، قد اتسمت بالمبالغة أحيانا.

ومن بين الأدوار اللافتة في هذا المسلسل يأتي دور الفنانة شيماء علي (لطيفة) وهي تؤدي دور الفتاة التي عانت من صدمة عاطفية جعلتها تفقد الثقة في من حولها، وتتمتع لطيفة بشخصية قوية وصدامية، لكنها في نفس الوقت تحمل قلبا محبا ومشاعر جياشة.

طالعنا أيضا بدور مميز الفنان محمد الدوسري الذي جسّد شخصية رائد، وهو يعيش في بيت خالته نجاة بعد أن لفظه كل من أبيه وأمه المنفصلين، وهو دائم الخلاف مع زوج أمه القاسي، حتى أنه يفكر في التخلص منه.

ومن بين أبرز الأدوار التي طالعتنا في هذا المسلسل يأتي دور يوسف الذي أداه الفنان حسين الحداد وهو الشاب الأبكم الذي يحلم كغيره من الشباب في سنه بالزواج، غير أن إعاقته تقف حائلا على ذلك، فهو حين يرتبط بفتاة يصدم برفض أهلها له، كما أنه يعاني كذلك من معامله أبيه القاسية معه.

واستطاع الحداد -وهو أحد الوجوه الشابة- أن يتقن دور الأبكم بمهارة، فجاء أداؤه طبيعيا ومقنعا إلى حد كبير، خاصة أنه بدا متمكنا من استخدام لغة الإشارة.

ودور حسين حداد يلقي الضوء بالطبع على الكثير من التحديات التي يواجهها أصحاب الإعاقة في المجتمع الخليجي والعربي بشكل عام، خاصة مع وجود بعض الأفكار البالية والنظرة الخاطئة لهم من قبل البعض، أما مفاجأة المسلسل فقد تمثلت في وجود الفنانة البحرينية أحلام محمد بعد غياب استمر لأكثر من عشر سنوات عن المشاركة في الدراما الكويتية.

يذكر أن آخر الأعمال الدرامية التي شاركت فيها الفنانة أحلام محمد كان مسلسل “هذيان الطين” عام 2008، وكان لافتا أيضا عودتها مرة أخرى بمصاحبة الفنان محمد المنصور الذي طالما شكلت معه ثنائيا مميزا في فترة التسعينات، وكانت آخر الأدوار التي التقيا فيها معا مسلسل “سهم الغدر” عام 2002.

“محطة انتظار” هو نص مختلف في طريقة تناوله وكتابته عما تعودنا عليه من دراما اجتماعية، على مستوى الحبكة والقصة والمعالجة الدرامية للكثير من التفاصيل الحياتية للمجتمع الكويتي.

16