مجلس السيادة يؤدي اليمين إيذانا بعهد جديد في السودان

إحلال السلام في مناطق النزاع وإنقاذ الاقتصاد المتدهور تحديان ضاغطان يواجهان قيادة المجلس الانتقالي.
الخميس 2019/08/22
صفحة جديدة تكتب

أداء رئيس وأعضاء المجلس السيادي اليمين يأذن بانطلاقة عهد جديد في السودان مثقل بالملفات الضاغطة لعل أهمها، إنعاش الوضع الاقتصادي المتدهور وإحلال السلام في مناطق النزاع.

الخرطوم – خطا السودان خطوة كبيرة في التحوّل تجاه الحكم المدنيّ بأداء رئيس وأعضاء المجلس السيادي الذي سيحكم البلاد خلال مرحلة انتقالية مدتها 39 شهرا، اليمين الدستورية.

وسيحلّ المجلس السيادي محلّ المجلس العسكري الانتقالي الذي تولّى السلطة في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير على يد الجيش في السادس من أبريل، استجابة لتظاهرات شعبية غير مسبوقة استمرّت خمسة أشهر.

وتأتي هذه الخطوات الأولى للانتقال بعد احتفالات شعبية كبيرة واكبت توقيع المجلس العسكري وحركة الاحتجاج المطالبة بحكم مدنيّ، على وثيقة دستورية انتقالية في 17 أغسطس الجاري.

وبُعيْد الساعة الحادية عشرة (9.00 ت غ)، أقسم الفريق عبدالفتاح البرهان الذي كان يرأس حتى الآن المجلس العسكري، اليمين ببزّته العسكرية الخضراء المرقطة، واضعا يده على القرآن، في احتفال قصير. وفي وقت لاحق، أدّى أعضاء المجلس العشرة الآخرون، اليمين أمام البرهان ورئيس مجلس القضاء.

إحلال السلام في بلد تسوده نزاعات في أقاليم دارفور وكوردفان والنيل الأزرق يمثل إحدى المهام العاجلة لحكام السودان

وأعلنت أسماء أعضاء المجلس السيادي مساء الثلاثاء بعد تأخير يومين بسبب خلافات داخل معسكر الحركة الاحتجاجية الذي تمثّله قوى الحرية والتغيير.

وسيكون البرهان رئيسا للبلاد للأشهر الـ21 الأولى في المرحلة الانتقالية، على أن يتولّى مدنيّ المدة المتبقية.

ولم يكن البرهان معروفا خارج دوائر الجيش حتى منتصف أبريل الماضي حين تولّى دفة قيادة هذا البلد العربي الأفريقي.

وعُيّن البرهان في 12 أبريل في منصب رئيس المجلس العسكري بعدما تنازل الفريق أول ركن عوض بن عوف عن رئاسته، وذلك بعد أقلّ من 24 ساعة من تنصيبه.

وكان المتظاهرون الذين يطالبون بتولّي حكومة مدنية السلطة بعد انتهاء حكم البشير لثلاثة عقود، اعتبروا ابن عوف من داخل النظام وحليفا مقرّبا من الرئيس المعزول.

البرهان يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للمجلس السيادي
البرهان يؤدي اليمين الدستورية رئيسا للمجلس السيادي

وباستقالة ابن عوف، تحوّل البرهان من شخصية تعمل في الظل إلى رئيس للبلاد بحكم الأمر الواقع.

ويقول ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن هويته إن “البرهان ضابط رفيع المستوى في القوات المسلحة… لم يكن يوما تحت الأضواء كما هو الحال بالنسبة لابن عوف (الذي كان وزيرا للدفاع) والفريق أول ركن كمال عبدالمعروف (الذي كان رئيس أركان الجيش)”.

وأمضى البرهان فترة من حياته المهنية كملحق عسكري لدى بكين. ويقول الضابط السوداني عن البرهان إنه “ضابط كبير يعرف كيف يقود قواته”، مضيفا “ليست لديه ميول سياسية، إنه عسكري”.

وخلال الأشهر الماضية، واصل البرهان الابتعاد عن الأضواء بشكل واضح، وقد عهد دوما لأعضاء آخرين في المجلس العسكري التحدث للإعلام، وبخاصة نائبه محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

ويضمّ المجلس السيادي امرأتين، بينهما ممثلة عن الأقلية المسيحية في البلاد، وسيشرف على تشكيل الحكومة والمجلس التشريعي الانتقالي. ويتألف من ستة مدنيين وخمسة عسكريين.

وأقيم حفل توقيع رسمي للوثيقة الدستورية السبت بحضور عدد من الزعماء الأجانب، في مؤشر على أن السودان قد يقلب صفحة العزلة التي عاشها خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير الذي استمر ثلاثين عاما.

ويتوقّع أن يضغط المجلس الجديد من أجل وقف تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي. واتخذ الاتحاد الأفريقي قرار تعليق عضوية السودان بعد عملية فضّ اعتصام المحتجّين الدامية في الخرطوم في الثالث من يونيو التي أدّت إلى مقتل 127 شخصا.

خطوة نحو الديمقراطية
خطوة نحو الديمقراطية

كما سيسعى حكّام البلاد الجُدد إلى إزالة اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وتطرح أمامهم إشكالية تسليم البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بموجب مذكرة توقيف دولية، واتهامه بأن له دورا في مجازر وقعت في إقليم دارفور حيث اندلعت حركة تمرّد في العام 2003.

ومثل الرئيس المعزول أمام محكمة سودانية الاثنين، لكن فقط في اتهامات بالفساد. وباتت صورة البشير (75 عاما) جالسا في قفص الاتهام، رمزا لانهيار نظامه العسكري.

ورحّب السودانيون على نطاق واسع بمشهد مثول دكتاتورهم السابق في قفص الاتهام، لكنّ العديد منهم حذّر من أنّ تصرف محاكمته بتهم الفساد الانتباه عن الاتهام الأخطر الموجّه له في المحكمة الجنائية الدولية.

وقال أحد المتحدرين من دارفور ويدعى الحاج آدم “أدلة ارتكابه إبادة جماعية يجب أن تقدّم… الكثير من المدنيين داخل السودان وخارجه قتلوا بسببه، ويجب أن يمثُل أمام العدالة”.

وسيحتاج المجلس السيادي للتصديق على معاهدة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدوليّة قبل تسليم البشير ليخضع للمحاكمة في لاهاي.

وسيمثّل إحلال السلام في بلد تسوده نزاعات في أقاليم دارفور وكوردفان والنيل الأزرق إحدى المهام العاجلة لحكّام السودان الانتقاليين. فيما سيشكّل إنقاذ الاقتصاد الذي انهار خلال السنوات الأخيرة تحديّا أساسيا أيضا.

ويقول بائع الفاكهة رامز التقي “إذا لم يلبّ هذا المجلس آمالنا ولم يخدم مصالحنا، لن نتردد أبدا في الثورة مجددا”. ويضيف “سنطيح بالمجلس مثلما فعلنا مع النظام السابق”.

2