مثالنا النهائي في الأخلاق والحب

مع أي تكنولوجيا جديدة، نحتاج دائما إلى التفكير في ما سيأتي بعد ذلك. لكن الذكاء الاصطناعي يتحرك بسرعة كبيرة بحيث يصعب فهم مدى أهمية تغيير الأشياء.
الاثنين 2024/05/27
فيلم "أنا رَجلكِ" لا يتحمل معضلة الإجابة عن التحيز الأخلاقي في الذكاء الاصطناعي

ماذا لو علّمَنا الذكاء الاصطناعي الدرس الأخير الحاسم في الأخلاق والحب الذي ينتهي بعده أي جدل بشأن تلك المفردتين اللتين رافقتا الإنسان بوصفه النوع العاقل على هذه الأرض.

يقترح علينا فيلم المؤلفة والمخرجة الألمانية ماريا شريدرI’m Your Man”” إجابات باهرة عما إذا كان بمقدور لجنة الأخلاقيات أن تمنح الروبوتات بعض حقوق الإنسان؟

فيلم “أنا رَجلكِ” على براعته في صناعة الإجابات عن تحسين البشرية من نوعيتها، لا يمكن تصنيفه كخيال علمي أو هجاء أو كوميديا. بقدر ما هو اقتراح ذكي لما يتداوله العالم عن مصير الجنس البشري عندما يبرع الذكاء الاصطناعي في وضع المدونة الأخيرة لمعايير الأخلاق والحب وثبات المشاعر وانتهاء معضلة أن يكون الآخر هو الجحيم وفق اعتبارات جون بول سارتر التي لم تعد صالحة في زمن الذكاء الاصطناعي، فالآخر عندما يكون ذلك الإنسان الآلي كشريك أسري يوفر حاجتنا العاطفية والجسدية ينتهي معه الازعاج والاستياء ونوبات الغضب البشرية، فمن لا يرغب بذلك بالله عليكم؟

يتمحور الفيلم حول ألما “التي تلعب دورها مارين إيجيرت”، وهي باحثة بارعة في تحليل الكتابة المسمارية من بلاد الرافدين في متحف بيرغامون الشهير في برلين، توافق على مضض للمشاركة في تجربة غير عادية لمدة ثلاثة أسابيع من أجل الحصول على أموال بحثية لعملها. يجب عليها أن تعيش مع توم “دان ستيفنز”، وهو إنسان آلي مصمم خصيصًا ليناسب شخصيتها واحتياجاتها البحثية والعاطفية. في حين أن محاولات توم الأولية لألما تسمح له بالتوغل بشكل أعمق في أشواقها الحقيقية.

هذا الفيلم الذكي يسلط الضوء على ما يعنيه حقا أن تكون إنسانا مفعما بالمشاعر، ويقترح إجابات مبكرة عندما تناط بالذكاء الاصطناعي مهمة تحديد عواطفنا بدلا مما كنا نقوم به على مدار تاريخ البشرية. “ماذا لو أختار لنا زوجاتنا؟”.

بينما يختار الفيلم المثال الأكثر عاطفية في الإنسان الآلي كشريك محب ورؤوم للبشر، لكنه لا يتحمل معضلة الإجابة عن التحيز الأخلاقي في خوارزميات الذكاء الاصطناعي. وغير معني أيضا بالمحاذير التي تجعل من هذا الذكاء بشرياً بدرجة مخيفة.

التحذيرات مستمرة، عندما أظهرت أنظمة الذكاء الاصطناعي أنّ بإمكانها أن تعزز التحيزات الموجودة في البيانات التاريخية، مما يؤدي إلى نتائج تمييزية في كل ما سنلاقيه بعلاقتنا مع المستقبل.

مع أي تكنولوجيا جديدة، نحتاج دائما إلى التفكير في ما سيأتي بعد ذلك. لكن الذكاء الاصطناعي يتحرك بسرعة كبيرة بحيث يصعب فهم مدى أهمية تغيير الأشياء. حول تسخير قوته أخلاقيا.

سبق وأن أطلق ديفيد لوكستون استاذ علم النفس السريري في كلية الطب بجامعة واشنطن اسم “التكنولوجيا فائقة التدمير” على الذكاء الاصطناعي بسبب قدرته على إحداث تغيير عميق في المجتمع بطرق غير متوقعة. مع أنه على الجانب الآخر، قد يحمل الذكاء الاصطناعي أيضا القدرة على الحد من الظلم في عالم اليوم إذا تمكن الناس من الاتفاق على معنى “العدالة”.

وفيلم “أنا رجلك” يقترح علينا المثال الأروع بشأن العدالة والحب عندما يكون المحب هو الذكاء الاصطناعي بعينه. لكن من يضع خوارزميات هذا العاشق؟ وهل يمكن أن يصل الذكاء الاصطناعي إلى مستوى الوعي بذاته؟

ذلك ما أستبعده نخبة من الباحثين بينهم عالم اللسانيات نعوم تشومسكي، في مقال مشتركمعتبرين الأمر بـ”الوعد الزائف”!

ومع أن هؤلاء الباحثين عبروا عن تفاؤلهم بأن هذا الذكاء وسيلة يمكن من خلالها حل مشاكلنا، إلا أن مخاوفهم كانت أكبر عندما يمتهن النوع الأكثر شهرة ورواجا من الذكاء الاصطناعي، علمنا ويشوه أخلاقنا من خلال دمج مفهوم معيب بشكل أساسي للغة والمعرفة في التكنولوجيا التي نستخدمها.

18