مبادرة ليبية تختبر جدية الإسلاميين في التسوية السياسية

مبادرة لتشكيل مجلس رئاسي جديد متكون من رئيس ونائبين وحكومة وحدة وطنية يسمى رئيسها من خارج المجلس الرئاسي.
الجمعة 2020/04/24
السلاح التركي يرفع معنويات الميليشيات

يستعد البرلمان الليبي لتقديم مبادرة سياسية إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تجنّب البلاد المزيد من الاقتتال بعد أن فشلت المبادرات الأممية والدولية في تحقيق أي اختراق، لكنّ تمسك الإسلاميين بالبقاء في السلطة والتحكم في الثروة يجهضان مساعي أي تسوية سياسية لا تراعي هذه النقاط.

القبة (ليبيا)  –  تختبر مبادرة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح للعودة إلى المفاوضات مدى استعداد الإسلاميين للحوار والوصول إلى تسوية سلمية للنزاع تراعي مصالح الطرفين وتوزع الثروة بشكل عادل بين الأقاليم الثلاثة للبلاد.

ويستعد صالح لتوجيه دعوة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتبني مبادرة لتشكيل مجلس رئاسي جديد في ليبيا ينهي حالة الانقسام في البلاد.

وأكد المتحدث الرسمي لمجلس النواب عبدالله بليحق أن المبادرة تتمثل في تشكيل مجلس رئاسي جديد متكون من رئيس ونائبين على أن يكون كل عضو من الأعضاء الثلاثة بالمجلس ممثلا عن إقليم من أقاليم ليبيا التاريخية وأن يقوم كل إقليم بالتوافق على ممثل له في المجلس الرئاسي وتكون هنالك حكومة وحدة وطنية يسمى رئيسها من غير أعضاء المجلس الرئاسي.

وأشار بليحق إلى أن هذه المبادرة سيتم التوجه بها إلى الأمم المتحدة مع اقتراح أن تكون هناك حكومة وطنية يترأسها شخص من خارج المجلس الرئاسي.

ويقلل مراقبون من إمكانية قبول الإسلاميين بأي تسوية في الوقت الراهن لا تتماشى مع مصالحهم بشكل مطلق خاصة مع استقوائهم بالتدخل العسكري التركي.

وسبق للإسلاميين أن رفضوا اتفاق أبوظبي الذي جرى بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر والذي ينص على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية العام الماضي، إضافة لدخول الجيش إلى طرابلس.

وسعى الإسلاميون لفرض تسوية على مقاسهم من خلال مؤتمر غدامس الذي تم إلغاؤه بعد إطلاق الجيش لعملية السيطرة على طرابلس. ومنذ بدء المعركة يردد الإسلاميون أنهم لن يقبلوا بالدخول في أي مفاوضات قبل عودة الجيش إلى مواقعه في الشرق وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 4 أبريل، وهي الشروط التي تطرح تساؤلات بشأن جدية الإسلاميين في إنهاء الانقسام وتعزز الاتهامات الموجهة إليهم بتقسيم البلاد بين شرق وغرب.

وخسر الإسلاميون الانتخابات التشريعية التي جرت في 2014، لكنهم لم يخسروا الحكم بعد أن قاموا بعملية فجر ليبيا التي انتهت بطرد الحكومة الشرعية من طرابلس وتنصيب حكومة إسلامية موازية.

ولم يعترف المجتمع الدولي حينئذ بحكومتهم لكن اتفاق الصخيرات أعاد إليهم الاعتراف الدولي، رغم عدم موافقة البرلمان الليبي عليه.

ميليشيات الوفاق في طرابلس تراهن على الأسلحة التركية لحسم المعركة
ميليشيات الوفاق في طرابلس تراهن على الأسلحة التركية لحسم المعركة

ورغم النجاحات التي حققها الجيش بفرض سيطرته على أغلب الجغرافيا الليبية، إضافة إلى حقول النفط وموانئ تصديرها، ما زال الإسلاميون يحاولون فرض اتفاق يبقيهم المتحكمين الرئيسيين في ليبيا ومواردها.

وتقول أوساط سياسية إن ما دفع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في 4 أبريل 2019 إلى مهاجمة العاصمة هو رفض الإسلاميين دخول الجيش إلى طرابلس في إطار تسوية كان من المرتقب أن تتبلور في مؤتمر غدامس.

كما أن الإسلاميين، الذين يدركون جيدا تراجع شعبيتهم بسبب ما ارتكبوه من فوضى منذ 2011، يرفضون إجراء الانتخابات وخاصة الرئاسية، وهي أحد شروط حفتر للقبول بأي تسوية سياسية.

وبعد عام من القتال لا تبرز أي مؤشرات على استعدادهم للتنازل عن تلك الشروط، خاصة مع استقوائهم بالسلاح التركي والمرتزقة السوريين الذين أرسلتهم أنقرة لدعم جبهات القتال.

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن تدفق الأسلحة التركية المتطورة على ميليشيات حكومة الوفاق وتحقيقها تقدما على الساحل الغربي في صبراتة وصرمان، رفع من المعنويات والأمال في تحقيق انتصار عسكري، ما يقبر أي مبادرة سياسية في الوقت الراهن.

وتؤكد ذات المصادر أن الإسلاميين سيضطرون إلى التفاوض على تسوية سياسية في حال التصدي للعبث التركي في البلاد وتطبيق القرار الأممي بحظر توريد الأسلحة.

وفي وقت سابق شكك المتحدث الرسمي باسم خارجية حكومة الوفاق محمد القبلاوي في جدوى تحقيق البعثة الأممية إلى ليبيا أي اختراق للأزمة، واصفا دعوتها إلى الهدنة بـ”العبثية”، فيما دعا عضو مجلس الدولة الاستشاري عبدالرحمن الشاطر الأمم المتحدة كما الاتحاد الأوروبي إلى القبول بالحل العسكري.

ويرى متابعون للشأن الليبي أن حماسة حكومة الوفاق للانخراط في دعوات الهدنة التي أطلقتها الأمم المتحدة أو الدول الأوروبية في وقت سابق كان وليد الشعور بالعزلة والضعف في مواجهة تقدم الجيش الليبي، أما مع وصول السلاح التركي إلى طرابلس يبدو أن الاستراتيجية تغيرت.

وتحولت ثروات ليبيا الهائلة من نعمة إلى سلاح لاستدامة الفوضى وإطالة عمر الحرب، بعد أن استحوذت الميليشيات في طرابلس على منابعها وعائداتها ما سمح لها بتمويل أنشطتها واستدامة أمد استحواذها على السلطة بدل البحث عن حل سياسي يوقف نزيف الاقتتال، فيما يدفع الشعب الليبي ثمن مراهنة حكومة الوفاق على المجموعات الإرهابية وأمراء الحرب للبقاء في السلطة.

4