مبادرة حكومية لتأمين حاجة المغاربة إلى الأسماك ودعم قدرتهم الشرائية

المبادرة تهدف إلى تعزيز عرض الأسماك المجمدة على متن سفن الصيد في البحار، وتوفيرها للمواطنين بأسعار تتراوح بين 17 و100 درهم للكيلوغرام.
الأربعاء 2025/02/26
تحديات بالجملة

الرباط - أشرفت السلطات المغربية على إطلاق مبادرة "السمك بثمن معقول" في مدينة تامسنا، وتأمين 4000 طن ضمن خطة حكومية لضمان تزويد الأسواق المغربية بالأسماك ذات الجودة العالية بأسعار تفضيلية خلال شهر رمضان، من خلال تحقيق التوازن بين العرض والطلب، ودعم القدرة الشرائية للمستهلكين.

 وتهدف المبادرة، التي أُطلقت بشراكة مع مجهزي الصيد البحري، إلى تعزيز عرض الأسماك المجمدة على متن سفن الصيد في البحار، وتوفيرها للمواطنين بأسعار تتراوح بين 17 و100 درهم للكيلوغرام، وذلك بحسب نوع السمك، وهو ما سيساعد في تخفيف العبء عن المستهلكين، وذلك استجابة للطلب المتزايد على المنتجات البحرية.

وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار سمك السردين الذي يعتبر طعام غالبية السكان أوضحت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، أن ارتفاع الأسعار يعود إلى قلة المعروض من الأسماك في السوق، ويعزى ذلك إلى تأثير فترة الراحة البيولوجية للأسماك، بالإضافة إلى التغيرات المناخية الحادة، والتي تؤثر بدورها على توافر الأسماك في المياه المغربية.

التغيرات في التيارات المائية تخلق حالة من عدم الاستقرار في توافر الأسماك في المياه، ما يؤدي إلى نقصها

 وأضافت المسؤولة الحكومية أن التغيرات التي تحدث في التيارات المائية تخلق حالة من عدم الاستقرار على مستوى توافر الأسماك في المياه، ما يؤدي إلى قلة المعروض من السردين، وبالتالي ارتفاع أسعاره، كما أن هذه الظاهرة البيئية تلعب دورا مهما في تأثيرات السوق، سواء بالنسبة إلى الصيادين أو المستهلكين. وأكدت وزارة الزراعة والصيد البحري على ضمان توفير الأسماك الطرية خلال شهر رمضان، من خلال تعبئة جميع الفاعلين في قطاع الصيد التقليدي والساحلي وتجار السمك، لإعطاء الأولوية للأسواق المحلية وتلبية الطلب المتزايد.

وأفادت دراسة أنجزتها “سونورجيا”، المتخصصة في أبحاث السوق، بأن 38 في المئة من المغاربة يتناولون السمك مرة واحدة في الأسبوع، فيما تصل نسبة من يتناولونه مرتين فقط في الشهر إلى 19 في المئة، مبرزة أن نسبة كبيرة منهم يرون أن وفرة السمك، مقارنة بالسنوات الماضية، عرفت انخفاضًا كبيرًا.

وسجلت الدراسة أن نسبة 42 في المئة من سكان المناطق الشمالية والشرقية المغربية يرون أن الأسماك أصبحت متوفرة بشكل أكبر، في حين أن سكان المناطق الأخرى يعتبرون أن توفر الأسماك قد تراجع، ومنهم من يعتقد أنه بقي على حاله، ما يعكس تباينا في التوزيع الجغرافي للموارد السمكية في البلاد.

وتشير آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط إلى أن أعلى ارتفاع في أسعار السمك وثمار البحر حدث خلال يناير الماضي بنسبة 6 في المئة، متبوعة بارتفاع أسعار الخضر بـ4.7 في المئة، ما ساهم في رفع معدل التضخم إلى 2 في المئة، وهو أعلى معدل شهري منذ يناير من السنة الماضية.

35

في المئة من المغاربة يرون أن وفرة السمك عرفت تراجعًا كبيرًا مقارنة بالسنة الماضية

وتشهد أسواق سمك السردين في المغرب قلقا متزايدا في أعقاب الارتفاع الحاد في أسعار السردين، الذي يعتبر من العناصر الأساسية على موائد المغاربة، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام في بعض الأماكن 30 درهما (3 دولارات أميركية)، ما أثار استياء العديد من المواطنين الذين يترقبون حلول شهر رمضان الذي يزداد فيه الطلب على السردين بشكل ملحوظ، وهو ما دفع الوزارة إلى طمأنة المواطنين بأن الأسعار ستكون في المتناول.

وكشفت مبادرة شاب مراكشي يدعى عبدالإله، يبيع السمك بأسعار في المتناول إلى منخفضة جدًا، الوجه الآخر للسوق المغربية، حيث تعاني من شبكات مضاربة تؤثر بشكل مباشر على المستهلكين، إذ طالب بعض الفاعلين في القطاع، من بينهم تجار السمك، بضرورة مراقبة الأسواق وتفعيل الإجراءات القانونية للحد من الظواهر التي تضر بالاقتصاد الوطني وتؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين.

وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها قطاع الصيد البحري في المغرب، خاصة في ما يتعلق بتقلبات المناخ وتوافر الأسماك، تعمل الوزارة على تقديم حلول سريعة وفعالة لضمان توفير السردين بأسعار معقولة، كما أنه من المتوقع أن تتحسن الأوضاع مع اقتراب نهاية فترة الراحة البيولوجية للأسماك، ما يساهم في استقرار الأسعار في الأسواق المغربية.

وتحتل مدينة أكادير مكانة بارزة في الصيد البحري، إذ تضم ميناء صيد كبيرا وحيويا، وتعتبر من بين أهم موانئ الصيد في المغرب. كما يتميز ساحل البحر المتوسط في شمال المغرب بتوفر الموارد السمكية، حيث توجد مدن صيد بحرية مثل طنجة والحسيمة وتطوان.

وتتوفر في المغرب الكثير من أنواع السمك، ويشكل السردين الموري المعلب أحد أهم منتجات الصيد البحري في المغرب، إذ يتم تصديره إلى العديد من دول العالم. وعلى مستوى الوفرة سجلت الدراسة التي أنجزتها “سونورجيا” أن 35 في المئة من المغاربة يرون أن وفرة السمك عرفت تراجعًا كبيرًا مقارنة بالسنة الماضية، فيما يرى 34 في المئة منهم عكس ذلك، حيث يعتبرون أنه أصبح أكثر توفرًا مما كان عليه في السابق، مبرزة أن الإحساس بزيادة توفر السمك يبرز أكثر في شمال المملكة وشرقها بنسبة 42 في المئة.

بالإضافة إلى ذلك يُلاحظ أن الوعي بأهمية الأسماك في النظام الغذائي الصحي آخذ في الازدياد؛ وهو ما قد يساهم في زيادة الاستهلاك في المستقبل.

وأكدت نتائج الدراسة على أهمية تعزيز سياسات دعم استهلاك الأسماك، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في الاستهلاك، مع ضمان استدامة الموارد السمكية لضمان توافرها للأجيال القادمة.

4