مبادرة جزائرية للاستثمار في تدوير النفايات

دفعت التحديات البيئية العالمية الحكومة الجزائرية إلى إطلاق مبادرة للاستثمار في تدوير النفايات، في إطار سعيها الشامل لتحريك كافة مفاصل الاقتصاد المتعثرة والقطع مع السياسات البالية لإعطاء بداية جديدة للاقتصاد الجزائري.
الجزائر - تعكف الحكومة الجزائرية على وضع خارطة طريق متكاملة للتنمية الاقتصادية تشمل الاستثمار في تدوير النفايات لخلق فرص عمل، في وقت يرتفع فيه الرهان العالمي على الاقتصاد الأخضر لخلق الثروة والتنمية المستدامة.
وباتت النفايات بأنواعها مجالا استثماريا مهما للعديد من الدول بفضل تقنية إعادة التدوير وإدخال التكنولوجيا في هذا النشاط بعد أن كانت مصدرا للتلوث البيئي ولانبعاث الروائح الكريهة.
وتحرص وزارة البيئة والطاقات المتجددة على وضع الأسس لاقتصاد دائري يخلق الثروة وفرص العمل للمساهمة في تحقيق نموذج اقتصادي جديد.
ويولي القطاع الخاص الجزائري أهمية كبيرة للاستثمار في القطاع، كما هو الحال بمركز بني مراد لتدوير النفايات في ولاية البليدة، حيث تعالج يوميا أطنان من المخلفات.
ونسبت وكالة الأنباء الرسمية إلى وزيرة البيئة والطاقات المتجددة نصيرة بن حراث قولها خلال مؤتمر صحافي عقد بالعاصمة هذا الأسبوع إن “جهود الوزارة تهدف إلى بلوغ الانتقال البيئي، وإنشاء نموذج اقتصادي جديد محرر من الطلب العام والتخلص تدريجيا من هيمنة الريع النفطي”.
ويدعو خبراء إلى ضرورة التخلص من الاقتصاد الريعي وتنويع مصادر النمو لخلق الثروة والتخلص من الاعتماد الشديد على عوائد صادرات النفط والغاز، التي تراجعت أسعارها بشدة منذ منتصف عام 2014، الأمر الذي انعكس سلبا على الموازنة وعلى احتياطات البلد من العملات الصعبة.
وأضافت الوزيرة إن “استراتيجية قطاع البيئة والطاقات المتجددة لا ترتكز فقط على الانتقال البيئي بل على الانتقالات في مجال الطاقة وحماية البيئة أيضا”.
وأشارت إلى أن هذا المخطط سيعمل على إعادة التوازن الإقليمي بين الشمال والجنوب وكذلك المحيط الصحراوي، الذي سيكون في صلب أولويات القطاع.
وذكرت أن من بين المحاور الأساسية الأخرى لتجسيد الانتقال البيئي من خلال “استثمار تدوير النفايات وتحيين مدونة الوظائف المرتبطة بالبيئة بشكل يتوافق مع متطلبات كل مرحلة مع تكييف المخططات الخاصة بتسيير النفايات المنزلية”.
وشددت على أن القيام بعملية الفرز الانتقائي للنفايات على كل المستويات بشكل تدريجي مع التركيز على أعمال نموذجية سيلعب دورا هاما لإنجاح الانتقال البيئي، إضافة إلى إعداد مخططات محلية للتكيف مع التقلبات الجوية ومراجعة آليات تحصيل الرسوم البيئية.
وأكدت أن تعزيز عمليات المراقبة والإجراءات الردعية لحماية الأوساط البيئية والقضاء على المصبات العشوائية وتحويل الفضاءات المسترجعة إلى مساحات خضراء، والتسيير المدمج للمناطق الصحراوية والنائية وحماية والاستفادة من الموارد الطبيعية يساعد في إنجاح الانتقال البيئي.
ومنذ وصول الرئيس عبدالمجيد تبون إلى السلطة في ديسمبر الماضي بعد أول انتخابات رئاسية عقب الإطاحة بنظام عبدالعزيز بوتفليقة ركزت الحكومة على إطلاق حزمة من الإصلاحات تشمل كافة القطاعات في محاولة لاحتواء الحراك الشعبي المستمر في البلد في عامه الثاني.
وفي هذا السياق أكدت الوزيرة بن حراث أن المبادرة الجديدة تجسد تعهدات رئيس البلاد من أجل بناء جزائر جديدة، وتنفيذا لبرنامج عمل الحكومة.
وسبق أن أكدت الحكومة أن النموذج الاقتصادي، الذي ستركزه يهدف إلى تنويع النمو واقتصاد المعرفة، ومن بين أهم محاوره تحسين مناخ الأعمال والاستثمار وتكثيف الصادرات خارج قطاع المحروقات، وفق قواعد قانونية تساعد على بعث الثقة بين المتعاملين والمستثمرين والدولة.
وأوضحت أن سياسة قطاع البيئة والطاقات المتجددة يعتمد على منهج جديد يضمن للمواطن محيطا نظيفا ويحفظ له صحته ويستجيب لمتطلبات التنمية المستدامة.
وتهدف الخطة إلى حماية الموارد الطبيعية وتثمينها لتحقيق التنوع البيئي وتركيز التكنولوجيات الخضراء والاقتصاد الدائري والتصدي لتغيرات المناخ ومحاربة التلوث البيئي.
وتعول الجزائر أيضا على هذا البرنامج لتنفيذ خططها للاعتماد على الطاقات المتجددة في إدارة موارد البلد حيث وضعت الحكومة خارطة طريق لتحقيق الانتقال نحو الطاقات النظيفة وتخفيف العبء على قطاع النفط.
وكانت الحكومة قد أكدت خلال عرضها لبرنامجها الحكومي في فبراير الماضي أنها سوف تركز على “ثالوث التّجديد الاقتصادي القائم على الأمن الغذائي والانتقال في مجال الطاقة والاقتصاد الرقمي”.
وتشهد القارة الأفريقية تنافسية كبيرة لتوظيف الاقتصاد الدائري في خلق فرص العمل وتحقيق الانتقال نحو الطاقة النظيفة وجذب الاستثمار داخليا وخارجيا حيث تفرض التقلبات المناخية على البلدان مراجعة سياساتها البيئية وتكييفها مع المتغيرات المناخية العالمية لحماية الطبيعة بما يخدم الاقتصاد.
وقد ركزت دول شمال أفريقيا وخاصة تونس والمغرب على مجال الاستثمار في تدوير المخلفات لتوفير فرص شغل للشباب العاطل عن العمل.
ووضعت تونس منذ 2001 عدة برامج لتسهيل عمل المستثمرين في القطاع، وقدمت حوافز لإنشاء الشركات الصغيرة.
كما أطلقت الحكومة المغربية العديد من المبادرات في هذا المجال من أجل النهوض بالقطاع بشكل أكبر وقد حصلت على دعم كبيرة من البنك الدولي لإعادة تدوير 20 في المئة من النفايات بحلول عام 2022.