"ما وراء الطبيعة" أول مسلسل خيال علمي مصري تنتجه نتفليكس

ينتظر قراء الكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق بفارغ الصبر المسلسل الذي أطلقته شبكة “نتفليكس” الأميركية العملاقة للبث التدفقي، بعنوان “ما وراء الطبيعة”، والمأخوذ عن سلسلة روائية للكاتب بنفس العنوان، كانت قد حققت نجاحا منقطع النظير ببيعها ملايين النسخ، وتحقيقها شهرة عربية واسعة رغم ندرة أعمال الخيال والرعب في المدونة الأدبية العربية.
القاهرة - ستبدأ منصة البث الرقمي نتفليكس يوم الخميس بعرض حلقات مسلسل “ما وراء الطبيعة”، وهو أول عمل مصري من إنتاجها، في خطوة كبيرة ضمن إستراتيجية خدمة البث الرقمي للشرق الأوسط.
والمسلسل مقتبس عن سلسلة روايات للكاتب المصري أحمد خالد توفيق، ويحكي عن طبيب تصبح كل قناعاته العلمية فجأة محل تساؤل. وبِيع من تلك الكتب التي لاقت الاستحسان أكثر من 15 مليون نسخة.
حلم يتحقق
بمناسبة عرض المسلسل الجديد، قال أحمد الشرقاوي مدير الأعمال العربية والأفريقية الأصلية لنتفليكس “خطتنا هي الاستثمار في المبدعين العرب والإنتاج العربي والمحتوى العربي. أعلنا عن أربعة مشاريع إلى جانب ‘ما وراء الطبيعة‘”.
ويدور المسلسل حول شخصية رفعت إسماعيل، وهو طبيب ساخر وسريع البديهة تصبح قناعاته بشأن العالم محل تساؤلات عندما يتعرض لظواهر غير طبيعية.
وعلّقت نتفليكس على العمل واصفة بطله الدكتور بأنه “أسير الماضي، مهووس بالبحث عن الحقيقة، وحبه الأول كان شبحا”، ثمّ أتبعت ذلك بنشر البوستر الرسمي مع تعليق “كل شيء له تفسير منطقي إلا حياة د. رفعت إسماعيل”.
وقال عمرو سلامة الذي اشترك مع محمد حفظي في إنتاج المسلسل “هذا مشروع كان من أهم مشاريع عمري. بقيت منذ طفولتي أحلم بإنجازه، ومنذ سنة 2006 اشتريت حقوق المؤلفة أنا ومحمد حفظي، وبقينا نحاول أن نخرجها للنور وأخيرا ظهرت الآن”.
ورغم أن مصر تعرف أنها “هوليوود الشرق الأوسط” وتنتج أكبر عدد من الأفلام والمسلسلات، إلا أن صاحبيْ فكرة العمل بقيا ما ينهاز الـ14 عاما وهما يحاولان إنجاز العمل وتحويله من رواية إلى مسلسل، لكنهما اصطدما بالكثير من العوائق في ما يتعلق بالإنتاج، نظرا إلى أن العمل غريب عن جو الدراما المعتاد في العالم العربي.
وعلى غرار مسلسل “جن” الذي أنتجته نتفليكس وصوّر في الأردن، ينتمي “ما وراء الطبيعة” إلى عالم الخيال الذي تفتقر إليه الدراما العربية بسبب تكلفته الإنتاجية الباهظة ومحدودية الإقبال عليه سواء من الجمهور غير المعتاد عليه أو من قبل قنوات البثّ التي لا تخاطر بالمغامرة والتجديد.
وقال الممثل أحمد أمين، الذي يلعب دور بطل المسلسل، “نحن على منصة عالمية، فالدراما المصرية تشاهد على مستوى العالم. وهذه فرصة مختلفة عن أي فرصة كانت في عمل قبل هذا، من الممكن أن يكون لهذا العمل معجبون من دول أخرى، يتكلمون لغات أخرى، بما أن المسلسل يتيح فكرة الترجمة والدبلجة”.
القراء المشاهدون
سيكون المسلسل ضمن حلقات متفرّقة فكل حلقة بمثابة فيلم مستقل بذاته إلا أنها مترابطة داخل عنصر مشترك وهو “بيت الخضراوي”، الذي يسمى في القاهرة بـ”قصر أبورحاب”، والذي سيكون المحرك الأساسي للأحداث في الموسم الأول.
وقالت نتفليكس إنها تتوقع الانتهاء من تصوير أكثر من 150 عملا فنيا بحلول نهاية العام، وأنها ستعرض المزيد من الأعمال الأصلية خلال كل ثلاثة أشهر من 2021 مقارنة بعام 2020.
وتعتبر سلسلة روايات “ما وراء الطبيعة” ذروة التألق الإبداعي للكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق، وقد ضمت ما يناهز الـ80 عددا، بدأها الكاتب برواية “مصاص الدماء وأسطورة الرجل الذئب”، لتتوالى الأعمال أو إن شئنا الأساطير بدءًا من “أسطورة البيت” ومرورا بـ“أسطورة اللهب الأزرق” و“أسطورة الطوطم” و“أسطورة الطفيل” و“أسطورة أرض الظلام” وانتهاءً برواية “أسطورة الأساطير” في جزأين.
كما هو بيّن من عناوين الروايات، يغوص بنا الكاتب في عالم فريد محفوف بالقصص المريبة وبالأشباح والأرواح والمنازل المسكونة والعوالم السرية الغريبة؛ عالم كشف سره وسبر أغواره بطل السلسلة الروائية الطبيب العجوز رفعت إسماعيل، الذي عاش حياته متجولا بين بيوت مصاصي الدماء وكهوف المستذئبين وغابات المتوحشين.
وتقتفي سلسلة الروايات الخيالية ذكريات الشخصية المحورية التي هي طبيب أمراض دم مصري متقاعد اسمه رفعت إسماعيل، حول سلسلة الحوادث الخارقة للطبيعة التي تعرض لها في حياته أو الحكايات التي تصله من عدة أشخاص من مختلف مناطق العالم.
بدأت سلسلة “ما وراء الطبيعة” في 1993، وصدر منها حتى 2014 العدد 80 وهو “أسطورة الأساطير” (الجزء الثاني)، والذي أنهى فيه الكاتب حياة رفعت إسماعيل بمرض عضال، مع وعد بصدور حكايات لم يحكها بَعد وُجِدت في مذكراته بعد وفاته.
عبر رواياته الثمانين التي جاءت تحت شعار “روايات تحبس الأنفاس من فرط الغموض والرعب والإثارة”، استطاع توفيق خلق جمهور هام من القراء وخاصة من الشباب، وهو ما بدا جليا إثر وفاته في أبريل 2018 عن عمر ناهز 55 عاما إثر أزمة صحية مفاجئة، حيث شيع جثمانه جمهور غفير من قرائه الذين مازالوا يستذكرون رحيله إلى الآن، جمهور كبير من شباب مولع بأعمال الكاتب، وهو ما يحيل إلى الجمهور الذي سيستهدفه العمل الدرامي.
تحويل هذه الروايات متنوعة المواضيع والتي حققت نجاحا كبيرا، حيث بيعت منها ملايين النسخ، لن يكون سهلا، وهو ما تراهن عليه نتفليكس التي تمتلك خبرات وإمكانيات لإنتاج أعمال مثل هذه، لذا ينتظر الجمهور العمل بشوق، لاكتشاف الروايات المثيرة وكيف ستكون على الشاشات ولاكتشاف تفاصيل المسلسل.
وغالبا ما تكون الأعمال الدرامية والسينمائية المأخوذة من أعمال أدبية ناجحة، محل نقد وجدل كبير، حيث تخالف في العادة خيالات القراء، وقد تفاجئهم وقد تحبطهم، ولذا يبقى السؤال المطروح، والذي سنرى صداه في قادم الأيام بعد انطلاق عرض المسلسل، كيف ستكون ردود فعل قراء سلسلة “ما وراء الطبيعة” وهم يشاهدونها عملا دراميا؟