ما بدأه كورونا تكمله التكنولوجيا

لا يتفق الجميع حول فضائل العمل عن بعد. وإن كان "الكسل عسل" كما يقال، فإن عسل العمل عن بعد مرّ المذاق.
الجمعة 2023/06/23
كائنات تعيش في عالم افتراضي بحت

ودعنا الضحايا، ونسينا أو كدنا أن ننسى الأضرار التي تسببت بها جائحة كورونا. ولكن، حتى لو نجحنا في التخلص من الفايروس، وهذا أمر مشكوك فيه، ستبقى آثاره ماثلة بيننا.

آثار الوباء السلبية ليست فقط على الاقتصاد، وليست في عدد الضحايا؛ الندوب التي ستبقى طويلا، أو تتعمق، هي ندوب اجتماعية لن تبقى محصورة على العلاقات بين الأفراد والمجتمعات، بل ستطال صحتنا الجسدية والنفسية.

اللعنة التي احتفى بها الجميع وتسبب بها الوباء، هي العمل عن بعد. أصحاب العمل وجدوا في إغلاق المكاتب فرصة للتخلص من عبء الإيجار الباهظ، والعاملون تخلصوا من عبء التنقل ووجبات الطعام الغالية.

لم يجد المتحمسون للعمل عن بعد صعوبة في العثور على من يدافع باستماتة عن النمط الجديد، ويخترع له فوائد من بينها خفض التأثير السلبي على البيئة، فهو يقلل من استهلاك الوقود وانبعاثات الكربون.

وإذا أضفنا إلى العمل عن بعد الدراسة عن بعد، أيضا، تحولنا إلى كائنات تعيش في عالم افتراضي بحت.

يعمل اليوم وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا، خمس البريطانيين من المنزل، وفي العاصمة لندن يعمل 40 في المئة من السكان بنظام عمل هجين يجمع بين المنزل والمكتب.

ولا توجد أي مؤشرات على تراجع هذه النسب. على العكس، النسب آخذة في الارتفاع. وما بدأته كورونا تكمله التكنولوجيا.

لا يتفق الجميع حول فضائل العمل عن بعد. وإن كان "الكسل عسل" كما يقال، فإن عسل العمل عن بعد مرّ المذاق. والحديث هنا ليس فقط عن العزلة، بل عن تغيرات بطيئة تحدث دون أن نلاحظها.

الجنس البشري يمكن أن يعاني من تحولات مخيفة إذا واصلنا العمل من المنزل.

هذا ما زعم باحثون تحدثوا عن تحولات مخيفة سيتعرض لها البشر مستقبلا، تشمل الأيدي التي ستنبت لها مخالب، وأجساد هلامية وملامح مجعدة. كل ذلك في أقل من 100 عام.

النموذج ثلاثي الأبعاد - يدعى آنا - الذي كشف عما يمكن أن يبدو عليه العاملون من المنازل بحلول عام 2100، يعرض تغيرات يسببها الاستخدام المتنامي للتكنولوجيا، والتعرض للشاشة، ووضعية الجلوس السيئة، ويسلط الضوء على مشكلات الصحة العقلية المحتملة، إذا ما استمرت معدلات العمل من المنزل في الارتفاع.

تعاون المصممون مع خبراء في الصحة لفحص "الآثار الصحية الضارة المحتملة للعمل من المنزل". وما تبقى تكفل به الذكاء الاصطناعي الذي أنشأ نموذجا ثلاثي الأبعاد لكائن مترهل ضعيف البنية.

النتيجة في النهاية كانت كائنا هو أقرب إلى "زومبي" منه إلى البشر.

لا أخفيكم أني استرقت النظر إلى أطرافي المترهلة.. هل هي رسالة تحذيرية مشفرة من الذكاء الاصطناعي، أم مجرد مزحة سمجة؟

قد يكون الأمر مجرد خيال أو مزحة.. ولكن، ماذا لو تحول الخيال إلى حقيقة؟

18