مؤسسات الإعلام الرقمي في سباق مع الوقت لمواكبة تغير اهتمامات المستخدمين

رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية محمد الحمادي: الأرقام تغلب الجودة في زمن الإعلام الرقمي.
الخميس 2020/02/13
الإمارات تحتل المركز الثالث عالميا في الانتشار الرقمي

باتت صناعة الإعلام الرقمي على درجة عالية من المنافسة تفرض عليها مواكبة التغيير المستمر والتنويع للفت انتباه الجمهور، مع ما يتطلبه ذلك من استراتيجية وتخطيط وكلفة عالية في الجهد والمال.

أبوظبي – أكد محمد الحمادي رئيس جمعية الصحافيين الإماراتية أن التغيّر المستمر هو أصعب ما يواجهه الإعلام الرقمي، وهو تغيير يشمل التكنولوجيا وأماكن تواجد المستخدمين.

وتناول الحمادي رئيس تحرير صحيفة الرؤية، في محاضرة بعنوان “الإعلام الرقمي وتحديات المستقبل”، نظمها مكتب شؤون المجالس بديوان ولي عهد أبوظبي، الوضع الراهن للمؤسسات الإعلامية، وأبرزها تحدي الوقت، والتغيير المستمر، والأخبار الكاذبة وقوتها والتصدي لها، إضافة إلى فقدان القيمة مقابل الرقم، وغيرها من التحديات.

وأوضح أن المتلقي يبحث عن مصادره الإعلامية عبر محركات البحث أو عبر وسائل الإعلام التقليدية، ثم باتت شبكات التواصل الاجتماعي جزءًا مهما من طرق اكتشافه، مشيرا إلى الوسائل الحديثة متغيرة، وظهور مواقع إلكترونية وتطبيقات ذكية باستمرار، فقد ظهر فيسبوك وتويتر، ومن ثم ظهر إنستغرام وسناب شات، وبعد ذلك جاء تيك توك.

وباتت صناعة علامة إعلامية رقمية قوية تتطلب استمرارا وثباتا مكلفا للجهد والمال، إضافة إلى التغيير المستمر والتنويع للفت انتباه الزائر، على أمل أن يصبح الاسم في ذاكرة المستخدم، وفقا لحمادي.

واحتلت الإمارات المركز الثالث عالميا في نسبة الانتشار الرقمي لعام 2019، وفقا لتصنيف مؤسسة “آي.إن.جي ميديا” البريطانية. حيث حصلت على 2.6 بالمئة من نسبة التداول عبر وسائل الإعلام الرقمي العالمي على مدار 2019.

محمد الحمادي: قوة الأخبار الكاذبة والحرب عليها لا تتمثل فقط بكشفها، بل بالصمود أمام بقايا الرأي العام الذي تخلقه
محمد الحمادي: قوة الأخبار الكاذبة والحرب عليها لا تتمثل فقط بكشفها، بل بالصمود أمام بقايا الرأي العام الذي تخلقه

وتفوّقت الإمارات على الولايات المتحدة وكندا وأستراليا والصين وكل دول أوروبا. وجاءت اليابان في المرتبة الأولى، وكوريا الجنوبية الثانية.

لكن هذا التطور الرقمي يفرض بدوره تحديات عديدة من أبرزها، انتشار التضليل والأخبار الكاذبة، وقال الحمادي إن هذا التحدي لا يتمثّل فقط في نشر الأخبار الكاذبة، بل تعدّاه إلى أن الأخبار الكاذبة تشكل وجهة نظر لدى المستخدمين، وعند نشر ما يتعارض مع وجهة النظر هذه تواجه وسيلة الإعلام هجوما مضادا، فقوة الأخبار الكاذبة والحرب عليها لا يتمثّل فقط بكشفها، بل بالصمود أمام بقايا الرأي العام الذي تخلقه.

ويشكّل موقع فيسبوك مصدر الأخبار لـ25 بالمئة من الجمهور في الإمارات، فيما يشكّل تويتر مصدر أخبار لـ12 بالمئة من الجمهور، في حين استحوذت المواقع الإخبارية الإلكترونية على نسبة 8 بالمئة. بحسب دراسة أعدّها المجلس الوطني للإعلام في أبوظبي.

ويبلغ عدد الحسابات النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات نحو 19.3 مليون حساب بحسب تقرير حالة التواصل الاجتماعي الذي أعدته شركة “كراود أناليزر” بالشراكة مع “هوتسوت”.

وأفاد التقرير بأن حسابات مواقع التواصل الاجتماعي النشطة في الإمارات تتوزع بواقع 8.5 مليون مستخدم على فيسبوك، و3.5 مليون مستخدم نشط على “لينكد إن” و3.3 مليون مستخدم لإنستغرام، إضافة إلى مليوني مستخدم لتويتر، والعدد ذاته من الحسابات على موقع سناب شات.

وتوزعت اهتمامات مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بين التسوّق 5.6 مليون مستخدم واللياقة البدنية 3 ملايين مستخدم والألعاب 4.5 مليون مستخدم والأخبار 4 ملايين مستخدم و8.5 مليون مستخدم للسفر.

وبلغت حصة موقع إنستغرام نحو 17 بالمئة من الحسابات النشطة على مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسة في الإمارات.

وأشار الحمادي إلى أن عامل الوقت والسرعة في نقل المعلومة يعتبر محورا مهما في الإعلام، حيث لم يعد المستخدم يصبر أكثر من ثانيتين إلى 3 ثواني فقط كي يطلع على المعلومة، فإن لم تخطف انتباهه، عاد لما يتسلى به من الخيارات الكثيرة، كما أن الوقت الذي بقي للمستخدمين من أجل البحث عن خبر أو معلومة أقلّ بكثير من السابق.

وتعكس مؤشرات سوق الإعلان في الإمارات قوة حضور الإعلام الرقمي وتعاظم تأثيره على الرأي العام المحلي.

صناعة علامة إعلامية رقمية قوية تتطلب استمرارا وثباتا مكلفا للجهد والمال
صناعة علامة إعلامية رقمية قوية تتطلب استمرارا وثباتا مكلفا للجهد والمال

وأكدت مؤسسة وطني الإمارات في ورقة بحثية نشرتها في يناير الماضي أن انتشار التكنولوجيا الرقمية في العالم وظهور تقنية الإعلام الإلكتروني، وانتشار مواقع التواصل وما حققته من شعبية واسعة جعلت الشركات والمؤسسات الإعلامية العملاقة، ذات الإمكانيات المادية الهائلة، تفقد سلطتها المطلقة، كما هو الحال عندما كانت تحتكر الرسائل الإعلامية إذ بات بمقدور الجميع أن يؤثروا ويدلوا بآرائهم، بل ويساهموا في الكثير من الأحداث.

ويقول متابعون إن قواعد اللعبة الإعلامية تغيرت بعد سيطرة الإعلام الرقمي، حيث تحكم المنافسة المحتدمة مصير المؤسسات الإعلامية مع المتغيرات المتسارعة في القطاع، لتجعل من الصعب على هذه المؤسسات الاستمرار دون خطط استراتيجية للتطوير والتحسين لضمان المنافسة في صناعة الإعلام الحديث.

وحذّر الحمادي خلال المحاضرة من خطورة المنافسة التي يفرضها العصر الرقمي، قائلا “لا يمكن إغفال خطورة الذكاء الاصطناعي على تغيير شكل الإعلام الرقمي تماما، إذ من المتوقع أن يدخل مستثمرون المجال لا يأبهون بالحقيقة ولا بأخلاقيات المهنة، بقدر ما يبحثون عن الإبهار لجمع أكبر عدد من المستخدمين ثم الربح”.

وبيّن أنه في زمن الإعلام الرقمي أصبحت تغلب الأرقام الجودة، حيث إن الناس يتحدثون عن قصص نجاح من بوابة الأرقام كعدد المستخدمين أو وقت استعمالهم، ولم يعد هناك ذكر حقيقي لقيمة ما يتم تقديمه، ضارباً المثل بمواد إعلامية رصينة في محتواها قد لا تحقق مشاهدات بقدر خبر سريع عن أحد المشاهير لا تستغرق كتابته 3 دقائق.

ولفت إلى أن المشاهدات والزيارات تعني دخلا ماليا، وكلما قلّت قلّ هذا الدخل، وبالتالي يقلّ الاستثمار في المحتوى، مضيفا أن المشكلة أن المواضيع الأهم تبدو أقلّ جذبا من مواضيع كوميدية أو ساخرة أو غير مفيدة، وبالتالي يكسب الأقلّ احتراما لتقديم المعلومة المهمة.

18