مأزق إلغاء رحلات الطيران

أي أهمية للعلامة التجارية ووعود الإعلانات التي تنهال علينا على شاشات التلفزيونات، وشاشات هواتفنا، حيال إزعاج أن يجد مسافر نفسه وحيدا في مطار عملاق ولا خيار له إلا العودة إلى المنزل بعد أن كان متحمسا للسفر؟
الاثنين 2022/04/25
فوضى السفر

سريالية مشهد آلاف الأفغان وهم يلاحقون طائرة أثناء الهبوط للتشبث بها، يوجد ما يعادلها في فوضى السفر. لو جمعنا مثلا ما يحدث من إلغاء الرحلات في خمسين مطارا في دول العالم، سنجد أن الحيرة تنتاب أولئك المسافرين الذين لا يجدون إجابة واضحة بشأن سبب إلغاء رحلات سفرهم، أو عندما يتفاجأون بعدم وجودها أصلا. ماذا بوسعهم أن يفعلوا آنذاك؟ ستكون أفضل الخيارات أمامهم مرّة ومكلفة ومرهقة. تتلاشى عندها مسرة السفر لقضاء عطلة أو مهمة عمل، وتتحول إلى خيبة ومزيد من الضغط النفسي.

المئات من المسافرين يوميا يعيشون مأزق إلغاء رحلاتهم أو تأجيلها أثناء وجودهم في المطار. وما يحدث في الرحلات رخيصة التكلفة يكشف عن فوضى السفر وفشل تكنولوجيا المعلومات التي جعلت شركات الطيران تكافح من أجل تحليق ما يكفي من الطائرات في الأجواء.

ولطالما اشتكى الركاب من تعطيل الرحلات في اللحظة الأخيرة، والانتظار الطويل لساعات لتسلم الأمتعة، وعدم الرد على المكالمات الموجهة إلى الخطوط الهاتفية لشركة الطيران.

وهكذا بدأت صناعة الخطوط الجوية بالانهيار تحت وطأة الطلب المكبوت الذي سببه تخفيف القيود المفروضة على السفر.

في رسالة داخلية إلى الموظفين الشهر الماضي عبّر شون دويل، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية البريطانية، عن إحباطه بسبب المشكلات التي تعيق شركة الطيران، واعترف بأن “الكثير من مسافرينا قد سئموا عن حق”.

من المفيد أن نعرف أن شركة الخطوط الجوية البريطانية تمتلك مزيجا من الرحلات القصيرة والطويلة إلى 200 وجهة تقريبا على متن أسطول من عشرة أنواع مختلفة من الطائرات المصنعة من “أيرباص” و”بوينغ”، وهو نموذج يعني أنه لا يمكن نقل الموظفين بسهولة لملء الفراغات.

لكن هذا الاعتراف بالإحباط لرئيس واحدة من كبرى شركات الطيران في العالم، لا يعادل أسى أفراد عائلة تجد نفسها ضائعة في المطار وهي متوجهة لقضاء عطلة انتظرتها طويلا، ولا تجد من يرد على تساؤلاتها، لماذا أُلغيت الرحلة، وما الحل أصلا، وكيف لنا العودة الى المنزل بحقائبنا، بل كيف لنا أن نتأمل وجوه بعضنا البعض هذه الليلة بعد فشل سفرنا، بينما كنا نترقب أن نكون في أجواء متعة لا تضاهى لقضاء إجازتنا في بلاد مختلفة؟

أي أهمية للعلامة التجارية ووعود الإعلانات التي تنهال علينا على شاشات التلفزيونات، وشاشات هواتفنا، حيال إزعاج أن يجد مسافر نفسه وحيدا في مطار عملاق ولا خيار له إلا العودة إلى المنزل بعد أن كان متحمسا للسفر؟

لا أتحدث عن مشاعر شخصية هنا، فما أشعر به من غيظ عندما لا أجد رحلة سفري يماثل تماما ما يشعر به بقية الناس الذين يستشيطون غضبا بعد أن يفقدوا أي خيار، غير إلغاء الرحلة في الوقت الذي هيأوا فيه أنفسهم لقضاء وقت مختلف كليا. ما أهمية التعويض المالي بعدها، أو تحديد موعد رحلة بديلة؟

رفاهية السفر انتهت منذ أن توقفت كبرى الشركات العالمية عن الضيافة المعهودة وصارت تبيع وجبات الطعام للمسافرين، وقبلها تركتهم ينتظرون لساعات مقلقة في المطار في وسيلة تعذيب أرحم مواصفاتها الإزعاج!

20