ليبيا – نيكاراغوا: طريق المغامرين الآسيويين لمعانقة الحلم الأميركي

النيابة العامة تحقق في قضية تتصل برحلات جوية نظّمتها شركة غدامس تتعلق بنقل مئات الأشخاص الراغبين في دخول الولايات المتحدة عبر نيكاراغوا.
الأربعاء 2024/07/17
رحلات مشبوهة تضع شركة غدامس للطيران في مأزق

طرابلس - قررت النيابة العامة الليبية إيقاف المدير التجاري في شركة غدامس للطيران، في إطار تحقيق بشأن نقل مهاجرين راغبين في دخول أراضي الولايات المتحدة عبر أراضي نيكاراغوا.

ووفق بيان النائب العام فإن القضية تتصل برحلات جوية نظّمتها شركة الطيران الليبية الخاصة غدامس انطلاقا من مطاري طرابلس وبنغازي ونقلت “مئات الأشخاص الراغبين في دخول أراضي الولايات المتحدة عبر أراضي جمهورية نيكاراغوا، بالمخالفة لقواعد الهجرة النافذة”.

واعتبر النائب العام أن الرحلات المسيرة تمت دون مراعاة التزامات الناقل الجوي والتشريعات الوطنية المتعلقة بالهجرة وكذلك المقتضيات المنبثقة عن الصكوك الدولية المصادق عليها لاسيما بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمِّل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

ووفقا لذلك استنتجت النيابة العامة أن تصرف الشركة ألحق ضررا بمصالح الدولة الليبية، وهو ما جعل المحقق يأمر بحبس المتهم على ذمة التحقيق.

وشركة غدامس للطيران هي شركة ليبية خاصة تأسست في عام 2021 وتباشر عملها من العاصمة طرابلس وتقول إنها اختارت اسمها نسبة إلى مدينة غدامس القديمة التي تعد إحدى أقدم وأعرق المدن الليبية وأشهرها، حيث كان يطلق عليها  اسم لؤلؤة الصحراء.

إيقاف المدير التجاري في شركة غدامس للطيران، في إطار تحقيق بشأن نقل مهاجرين راغبين في دخول الولايات المتحدة عبر نيكاراغوا

وتقوم بتشغيل رحلات الركاب المنتظمة وغير المنتظمة، متخذة من مطار معيتيقة الدولي مركزا للعمليات. وَوِجهاتها الأساسية تركيا وتونس مع خطة لاعتماد وجهات مصر والإمارات والأردن والسعودية.

وتم الكشف خلال الأسابيع الماضية عن تورط الشركة في نقل مئات المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات آسيوية إلى نيكاراغوا كمحطة أولى في اتجاه التسلل نحو الأراضي الأميركية عبر المكسيك.

وفي 15 مايو الماضي أصدرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية تحذيرا لشركات الطيران ومشغلي الرحلات الجوية المستأجرة ووكلاء السفر ومقدمي الخدمات الجوية حول كيفية استغلال شبكات تهريب المهاجرين لخدمات النقل من أجل تسهيل الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة.

وحدد بلاس نونيز نيتو، مساعد وزير الأمن الداخلي الأميركي لسياسة الحدود والهجرة، نيكاراغوا باعتبارها نقطة دخول جديدة للعديد من المهاجرين، فيما تعتبر الولايات المتحدة أن حكومة نيكاراغوا، بقيادة الرئيس دانييل أورتيغا المناهض لسياساتها، متورطة في استغلال تدفقات الهجرة من خلال السماح لأي شخص من جميع أنحاء العالم بدخول البلاد مقابل مدفوعات نقدية.

ونيكاراغوا هي الدولة الوحيدة في أميركا الوسطى التي لا تفرض الاستظهار بتأشيرات دخول على مواطني العديد من الدول المضطربة في منطقة البحر الكاريبي وأفريقيا وآسيا، وتعتبر مقصدا للآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الراغبين في العبور نحو الولايات المتحدة عبر الحدود البرية.

وفي العام 2023 وصل 878 ألفا و900 مسافر أجنبي إلى مطار ماناغوا، في حين غادر 572 ألفا و600 شخص فقط، وذلك وفق إحصائيات رسمية، وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من المسافرين اتجهت إلى سلك طريق غير نظامي نحو الولايات المتحدة.

المهاجرون القادمون من دول آسيوية، وخاصة من الهند، يدفعون ما يصل إلى 10000 دولار مقابل رحلات تجارية إلى نيكاراغوا

واستعملت شركة غدامس للطيران مطار بنينة في شرق البلاد للانطلاق نحو نيكاراغوا، وفي 18 مايو انطلقت رحلتان من بنغازي ووصلتا إلى مطار أوغوستو سي ساندينو الدولي في ماناغوا. استغرقت إحداهما حوالي 14 ساعة و40 دقيقة.

وبعد أيام قليلة أكدت صحيفة “لا برينسا” في نيكاراغوا وصول رحلة جوية ثالثة من ليبيا إلى العاصمة ماناغوا خلال أقل من شهر رغم تحذيرات الولايات المتحدة من استغلال الرحلات الجوية المدنية لأنشطة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، لكن تلك الرحلة انطلقت من مطار معيتيقة في طرابلس وعلى متنها نحو 400 راكب، مشيرة إلى أن الرحلة لم تكن مسجلة لدى هيئة الطيران الوطنية في نيكاراغوا.

وتم في 28 فبراير و14 مارس الماضيين تسجيل رحلتين من طرابلس في اتجاه نيكاراغوا، وهو ما يشير إلى اتساع نطاق ظاهرة نقل المهاجرين غير الشرعيين من المطارات الليبية إلى مطار أميركا الجنوبية، لاسيما وأن هناك ارتفاعا واضحا في أعداد الراغبين في الهجرة غير الشرعية وفي التكاليف التي لا يرون مانعا في دفعها لشركة الطيران المذكورة.

وبحسب تقارير صحفية، فإن المهاجرين القادمين من دول آسيوية، وخاصة من الهند، يدفعون ما يصل إلى 10000 دولار مقابل رحلات تجارية إلى نيكاراغوا قبل الاستمرار برا إلى الولايات المتحدة.

وبرزت نيكاراغوا كنقطة دخول جديدة للعديد من المهاجرين، حيث سمحت حكومة الرئيس دانييل أورتيغا للأفراد من أي مكان في العالم بالسفر جوا مباشرة نظير مقابل يُدفع نقدا، وهو ما جعل الإدارة الأميركية تتخذ خطوات لفرض قيود على منح التأشيرات للمسؤولين في نيكاراغوا وعقوبات على الشركات التابعة للحكومة بسبب الهجرة غير الشرعية والسياسات القمعية.

وقال موقع “ويست فرانس” الفرنسي الذي تتبع المسار الجديد للهجرة غير النظامية بين بنغازي وأميركا الوسطى إن كلفة السفر جوا بين آسيا ونيكاراغوا، عبر ليبيا، تتراوح بين 10 آلاف و20 ألف يورو.

ويرى مراقبون أن قرار إيقاف المدير التجاري لشركة غدامس للطيران الصادر عن مكتب النائب العام جاء بعد تواتر الكثير من التقارير الإعلامية حول تورط الشركة في تسيير رحلات إلى نيكاراغوا، وكذلك بعد بلاغات وردت إلى السلطات الليبية من الإدارة الأميركية التي كانت تراقب الوضع عن كثب.

4