ليبيا تنتظر مخرجات لجنة العشرين بعد نهاية شرعية المؤسسات الحاكمة

ارتفعت في ليبيا أصوات الداعين للإسراع بتنظيم الانتخابات والخروج من حالة العجز الكامل الذي تواجهه النخب السياسية في ظل انتهاء صلاحية وشرعية مختلف الأجسام السياسية في البلاد وتجاوزها ولاياتها الأصلية.
وأكدت رئيسة البعثة الأممية إلى ليبيا حنا تيتيه أن هناك تحركات جديدة تقودها البعثة الأممية لإخراج البلاد من مأزق المرحلة الانتقالية الطويلة، وذلك عبر وضع خارطة طريق شاملة تقود إلى انتخابات وطنية وتشكيل حكومة ذات شرعية شعبية واسعة.
وقالت في تصريحات صحفية إن هذا المسار هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المعقدة التي تعصف بالبلاد، وفي مقدمتها الانقسام السياسي والمؤسساتي الحاد بين الشرق والغرب، مشيرة إلى أن “جميع المؤسسات الليبية، دون استثناء، تجاوزت ولاياتها الأصلية، ولم تعد تمتلك الشرعية القانونية الكافية لمواصلة إدارة الشأن العام، يجب أن يدرك المسؤولون، خاصة أولئك الذين في مواقع القيادة، أنهم يتحملون مسؤولية مباشرة في تمكين الشعب الليبي من اختيار قياداته عبر صناديق الاقتراع.”
تم انتخاب أعضاء مجلس الدولة الاستشاري في عام 2012 ضمن استحقاق تشريعي لانتخاب المؤتمر الوطني العام
جاء ذلك بعد مرور أيام على إعلان تيتيه أن البعثة تنكب على دعم عمل اللجنة الاستشارية لوضع خيارات لمعالجة القضايا الانتخابية الخلافية وتأكيدها أن اللجنة عقدت جلسات في بنغازي وطرابلس، بما في ذلك جلسات مع لجنة 6+6 والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، لمناقشة التحديات، وهي بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مداولاتها، ومن المتوقع أن تقدم تقريرها الذي يقترح خيارات للمضي قدما بحلول نهاية الشهر، ما لم يحدث أي تأخير.
واعتبر عضو مجلس الدولة الاستشاري علي السويح أن حديث المبعوثة الأممية حنّا تيتيه عن أن الأجسام القائمة في المشهد السياسي منتهية الصلاحية كلام دقيق جدا، وأضاف أنه يجب عليها الأخذ بالاعتبار أن البعثة الأممية في بعض الأحيان كان لها دور سيء في إيجاد حل للأزمة الليبية، وأنها تباطأت كثيرا في إيجاد حل للأزمة السياسية، مردفا “لا بد من وجود قوة ضاغطة على كل الأطراف للوصول إلى حل للأزمة السياسية.”
ويعود انتخاب أعضاء مجلس الدولة الاستشاري إلى عام 2012 في سياق أول استحقاق تشريعي لانتخاب المؤتمر الوطني العام، وتمت إعادة تدوير الأعضاء كجزء من الاتفاق السياسي الممضى في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر 2015، بينما كان قد تم انتخاب مجلس النواب في عام 2014 وتم الانقلاب عليه من قبل تيار الإسلام السياسي لتدخل البلاد مرحلة الانقسام السياسي التي لا تزال قائمة إلى حد اليوم.
أما المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية فقد تم انتخابهما في فبراير 2021 ليقودا البلاد نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر من العام ذاته، ووفق الاتفاق السياسي فإن الفترة المحددة لصلاحيات تلك السلطات لا يمكن أن تتجاوز 18 عاما في أقصى الحالات، غير أن الأجل انتهى والتمسك بالسلطة لا يزال الهم الأول للممسكين بمقاليد الحكم في طرابلس.
أوساط ليبية تؤكد أن الأمم المتحدة تعمل من خلال بعثتها على تحشيد الدعم الإقليمي والدولي للمخرجات المنتظر الإعلان عنها بعد اختتام أعمال اللجنة
وأكد المتحدث باسم التجمع الوطني للأحزاب الليبية، المعتصم فرج الشاعري، أن المبعوثة الأممية إلى ليبيا أشارت بوضوح إلى أن جميع الأجسام السياسية القائمة حاليا قد انتهت صلاحيتها، وهو ما يُعد السبب الرئيسي في تعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتى اليوم.
وأوضح الشاعري في مقابلة تلفزيونية أن فقدان هذه الأجسام لشرعيتها هو ما حال دون الذهاب إلى صناديق الاقتراع، وشدد على ضرورة إيجاد بدائل حقيقية تفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها، لافتا إلى أن الأزمة الليبية تجاوزت 14 عاما دون أن يتمكن الشعب من انتخاب رئيس للدولة، كما لم تُجرَ انتخابات برلمانية منذ الدورة الأخيرة لمجلس النواب القائم حاليًا.
وأكدت أوساط ليبية مطلعة أن الأمم المتحدة تعمل من خلال بعثتها على تحشيد الدعم الإقليمي والدولي للمخرجات المنتظر الإعلان عنها بعد اختتام أعمال اللجنة، وخاصة تلك التي تتمحور حول القوانين الانتخابية وروزنامة الانتخابات المرتقبة ومن ذلك إقرار مبدأ الفصل بين الاستحقاقين الرئاسي والبرلماني.
ودعت رئيسة البعثة المجتمع الدولي إلى التعاون في خطة موحدة لدعم دولة ديمقراطية تلبي احتياجات الشعب الليبي وتعزز النمو الاقتصادي والتنمية العادلة، مشيرة إلى أن التقاعس عن العمل سيكون أكثر ضررا من كلفة التغيير، فيما رحبت السفارة الأميركية لدى ليبيا الأحد باللجنة الاستشارية وجهودها لتعزيز نزاهة واستقلال المؤسسات الوطنية الليبية وضمان مساءلتها واستجابتها لتطلعات الشعب الليبي.
ويرى مراقبون أن الإعلان عن مخرجات لجنة العشرين قبل نهاية أبريل الجاري يمكن أن يساهم في بلورة الحل السياسي وفق خطة مدعومة أمميّا لتنظيم انتخابات برلمانية من شأنها إفراز سلطات جديدة قادرة على الخروج بالبلاد من مربع الفوضى السياسية والفراغ الدستوري والفساد المالي والاقتصادي غير المسبوق.
اقرأ أيضا:
• ما بعد التآكل الاقتصادي في ليبيا قد يكون انفجارا شعبيا