"ليالي روكسي".. مسلسل يروي قصة صناعة أول فيلم سينمائي سوري

في مسلسل "تاج" الذي عرض العام الماضي تأليف عمر أبوسعدة وإخراج سامر برقاوي ظهرت شخصية نزيه الشهبندر، أول عارض سينمائي سوري وصاحب أستوديو وسينما الشهبندر التي كانت موجودة في حي باب توما في أربعينات القرن الماضي، وأدى الشخصية الممثل محمد زرزور، حيث ظهرت الشخصية ضمن سياق الأحداث فكان صديقا لتاج (تيم حسن) وصديقه الصحافي سليم (كفاح الخوص) إذ كان يساعدهم بإعطائهم ملابس يستخدمها في أفلامه كي يتنكروا بها حتى لا تكشفهم السلطات الفرنسية التي كانوا مطلوبين لديها.
كما أن نوران (فايا يونا) زوجة تاج السابقة والذي ظلت تحبه بعد زواجها من رياض الجواد (بسام كوسا) كانت تلتقي بتاج المختبئ في سينما الشهبندر سرّا، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم التطرق فيها لتاريخ السينما السورية وأحد روادها في مسلسل درامي سوري وعلى ما يبدو أن هذه اللفتة فتحت شهية مؤلفي مسلسل “ليالي روكسي” الذي سيعرض في رمضان القادم، تأليف محمد عبدالعزيز وورشة من الكتاب، وإخراج عبدالعزيز نفسه.
يتطرق العمل لتاريخ السينما السورية حيث يروي المسلسل، الذي تدور أحداثه في عشرينات القرن الماضي أثناء الانتداب الفرنسي على سوريا، قصة سينما روكسي التي أصبحت لاحقا سينما الأهرام وقصة صناعة أول فيلم روائي سوري واسمه “المتهم البريء”، بطولة وإخراج أيوب بدري الذي سيؤدي دوره في المسلسل الممثل جوان خضر.
ويحكي الفيلم الذي أنتج عام 1928 وصوّره رشيد جلال، قصة عصابة من اللصوص روعت أرياف دمشق أيام الحكم الفيصلي، ويروي أيضا قصة عامليْن لدى أحد المزارعين يحبان الفتاة نفسها فيقوم صاحب المزرعة بقتل والدها وإلصاق التهمة بالمزارع الثاني الفقير، فيتوارى عن الأنظار لذلك سمّي الفيلم “المتهم البريء” نسبة إلى قصة هذا الشاب.
وصورت المشاهد الخارجية منه في بساتين دمشق وأحد كهوف جبل قاسيون، أما المشاهد الداخلية فصورت في منزل مصور الفيلم رشيد جلال، وأدت بطولته في حينها ممثلة سورية اسمها توتة تؤدي دورها في المسلسل الفنانة سلاف فواخرجي، الأمر الذي اضطر السلطات الفرنسية لمنع الفيلم في حينها بسبب اعتراض رجال الدين في دمشق على ظهور امرأة في الفيلم ما يتنافى مع العادات والتقاليد حينها، رغم موافقة أهل الفتاة، الأمر الذي اضطر صناع الفيلم إلى استبدال الفتاة بامرأة ألمانية تعمل في أحد ملاهي دمشق، حتى توافق السلطات على عرضه وهو الذي حصل حيث عرض الفيلم في سينما الكوزموغراف الواقعة خلف فندق عمر الخيام في حي المرجة الدمشقي.
أما مسلسل “ليالي روكسي” الذي تدور أحداثه في أحد الحارات الدمشقية أيام الانتداب الفرنسي، فيحكي قصة الصراع القديم بين شخصيتين بسبب زواج الأول من المرأة التي كان يحبها الثاني، الشخصية الأولى هي عطا (أيمن زيدان) الرجل الوطني الذي يحبه أهل حارته، أما الشخصية الثانية التي هي نقيض الأولى هي فرزات (عبدالفتاح مزين) الذي يعمل لصالح سلطات الانتداب الفرنسي ويكرهه أهالي الحارة، لكن الصراع الدائم بين الشخصيتين لا يمنع ابن الثاني نشوان من حب ابنة عطا غريم والده، وينتحر لاحقا بسبب رفض والديهما لهذه العلاقة.
كما يشارك في المسلسل الفنان القدير دريد لحام في مشاركة ثانية تحت إدارة المخرج محمد عبدالعزيز، حيث كانت الأولى في مسلسل “شارع شيكاغو” عام 2020، حيث يؤدي لحام في “ليالي روكسي” شخصية المخرج المسرحي عبدالوهاب السعود، الذي يدرب توتة (سلاف فواخرجي) على التمثيل استعدادا لمشاركتها في فيلم “المتهم البريء”، كما تشارك إلى جانبه الفنانة القديرة منى واصف التي تجتمع للمرة الثانية في مسلسل مع الفنان دريد لحام، حيث كانت المشاركة الأولى في سبعينات القرن الماضي في مسلسل درامي.

كما يظهر في المسلسل عدد من الشخصيات الوطنية السورية التي كان لها دور نضالي في تلك المرحلة، كشخصية الزعيم فخري البارودي التي يؤديها الفنان وائل رمضان.
ولا يغفل المسلسل عن دور المرأة السورية في تلك المرحلة وخصوصا النساء التنويريات اللواتي دعون إلى تحرر المرأة اجتماعيا، وساهمن في النضال ضد المستعمر، حيث تظهر فيه شخصية أهم نساء تلك المرحلة وهي الكاتبة والمناضلة نازك العابد صاحبة أول جريدة نسائية شهرية في مشق وهي جريدة “نور الفيحاء” (1920) والمرأة الوحيدة التي شاركت في معركة ميسلون ضد الجيش الفرنسي والتي منحها الأمير فيصل بسبب هذه المشاركة رتبة نقيب في الجيش، وأسست أول جمعية تطوعية إنسانية وهي “النجمة الحمراء” التي رافقت الجنود السوريين المتوجهين إلى ميسلون لطبابتهم ومساعدتهم وقد أصبح اسمها لاحقا “الهلال الأحمر” إذا نحن أما موزاييك دمشقي مميز في مسلسل “ليالي روكسي” ويبقى الحكم النهائي على سويته الفنية بعد المشاهدة.