لوفر أبوظبي يحتضن حفل التتويج بأهم جائزة ثقافية عربية

احتفت جائزة الشيخ زايد للكتاب كعادتها كل عام بنخبة من الأدباء والكتاب والمفكرين والناشرين والمواهب الصاعدة ممّن أسهموا بمؤلفاتهم وترجماتهم في إثراء الحراك الفكري والثقافي والأدبي والاجتماعي العربي والإنساني، وقد منحت الجائزة لسبع شخصيات من كتاب وأدباء ومفكرين عرب، كان تتويجهم فرصة للتأكيد على أهمية الثقافة في المسار الحضاري ودورها البارز في خدمة الإنسان العربي اليوم.
أبوظبي- احتضن متحف اللوفر أبوظبي حفل تكريم الفائزين بجائزة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في دورتها الـ 16، وذلك وسط حضور لافت للمسؤولين والمثقفين والإعلاميين العرب والأجانب، وهي الجائزة التي تواصل منذ انطلاقها تحفيز الإبداع والثقافة العربيين وتثري تواصلهما مع الآخر الأجنبي، لتشكل واحدة من أبرز الجوائز الثقافية العربية التي ترفد المشهدين الثقافي والإبداعي بالكثير من المعارف والجماليات.

علي بن تميم: نحن في دولة الإمارات نعتبر العلم والثقافة جزءا لا يتجزأ من إرثنا الحضاري
انطلق الحفل الذي تقدم حضوره الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية ونائب رئيس مجلس الوزراء وعدد من قيادات المؤسسات الثقافية والسياحية، بوقوف الحاضرين دقيقة دعاء على روح الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أعقبها عرض لفيلم تسجيلي استعرض تاريخ الجائزة وأبرز فائزيها.
من ثم ألقى الأمين العام للجائزة ورئيس مركز اللغة العربية الدكتور علي بن تميم، كلمة تطرق فيها إلى دور الراحلين الشيخ زايد آل نهيان والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في دعم الثقافة والعلم ونشر المعرفة وترسيخ الهوية الإماراتية وحفظها، لافتا إلى أن الإمارات تستمر على نفس الدرب درب العلم والثقافة حيث يضع كلاهما ـ العلم والثقافة ـ موضع التطبيق المستنير في التطوير.
وذكر بن تميم بقول الشيخ محمد بن زايد وهو يخاطب الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورة العام 2016 “نحن في دولة الإمارات نعتبر العلم والثقافة جزءا لا يتجزأ من إرثنا الحضاري، ومن العملية التنموية، ومن بناء الإنسان والهوية الواثقة بنفسها، دون أن تتنكر لقيمها وأصالتها وتراثها”.
وقال إن الجائزة استمدت قيمها من هذا النسيج المتفرد الذي قوامه الانفتاح والتسامح وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية واحترام الثقافات وترسيخ الأخوة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وقد انعكست هذه القيم في أفراد عائلة كبيرة تتسع عاما بعد عام من الأدباء والباحثين والمفكرين والمترجمين والهيئات المهنية، ممن توجهت إليهم الجائزة بفروعها التسعة عبر دوراتها منذ انطلاقها عام 2006، كما تجلت فيما أضافته الجائزة للمكتبة العربية والعالمية، من الإبداعات والمؤلفات العلمية والبحثية والمترجمات وغيرها من أعمال انتقتها بعناية، وفق معايير موضوعية منضبطة، لجان من خيرة المختصين في مجالاتهم.
وتابع بن تميم “ها نحن نوشي نسيج الجائزة بدرر نوعية جديدة صاغتها عقول مبدعة، نزهو بالرحلة التاريخية الواعية التي تألقت في كتاب الشاعرة والروائية ميسون صقر ‘مقهى ريش.. عين على مصر‘، ونسعد مع أبنائنا وأطفال العالم العربي بـ ‘لغز الكرة الزجاجية‘ القصة التي قدمتها لهم الكاتبة السورية ماريا دعدوش لتعالج بلغة راقية وخيال خصب قضايا تمس مستقبل الأجيال الجديدة. ونستقبل المؤلف التونسي الشاب محمد المزطوري وكتابه ‘البداوة في الشعر العربي القديم‘ ونحييه على جهده العلمي”.
وأضاف “نشد كذلك على يد المترجم المصري أحمد العدوي الذي أجاد في ترجمته لكتاب ‘الإنسانيات عند المسلمين وفي الغرب المسيحي‘، معبرا عن فهم عميق للجهد العلمي الذي بذله مؤلف الكتاب العلامة الراحل جورج مقدسي، ونستلهم روح المبادرة في عمل الكاتب المغربي محمد الداهي الذي قدم تصنيفا ملهما للأنساق المتعلقة بالسرود الذاتية داخل الخطاب الأدبي العام، في كتابه ‘السارد وتوأم الروح من التمثيل إلى الاصطناع‘. كما نحيي الجهد البارز الذي قدمه الباحث والناقد العراقي محسن الموسوي في كتابه الإضافة ‘ألف ليلة وليلة في ثقافات العالم المعاصر: التسليع العولمي والترجمة والتصنيع الثقافي‘ الذي يناقش في جدة وبمهارة التأثيرات العميقة التي أحدثتها حكايات ألف ليلة وليلة في الثقافات العالمية في العصر الحديث”.
وحيى بن تميم مكتبة الإسكندرية الفائزة في فرع النشر والتقنيات الثقافية، وأعلن عن فوز الباحث والناقد السعودي عبدالله الغذامي بجائزة شخصية العام الثقافية قائلا “الغذامي أحد رموز النقد الثقافي الذي أحدث بأطروحاته النقدية منذ منتصف ثمانينات القرن العشرين نقلة لافتة في الخطاب النقدي العربي، وأسهم في تأسيس الخطاب الثقافي في العالم العربي وتوسيع آفاق أسئلته فضلا عن تعدد اهتماماته العلمية والمعرفية”.
وأعقب كلمة بن تميم تكريم الشيخ سيف بن زايد آل نهيان للفائزين، ليأخذ بعد ذلك عبدالله الغذامي الكلمة محييا ومشيدا بالجائزة ودورها في خلق التعددية الثقافية.
وقال الغذامي “إن التنوع الذي تحتضنه الجائزة يكسر الطبيقة الثقافية ويحمل الناشئة أو المستجدة أو الطارئة بإزاء راسخ للثقافة وتتخذ الجائزة لنفسها سنة إبداعية سنها أبوتمام الذي قال: إن الهلال إذا رأيتَ نموِّهُ… أيقنتَ أنْ سيكونُ بدراً كاملا، هنا يتحقق مفهوم الاختلاف المفضي إلى ائتلاف كما طرحه الجرجاني، وهذه سنة سنتها دولة الإمارات لنفسها منذ زمن الشيخ زايد رحمه الله بالتسامح، والتسامح لا يتحقق إلا بالتعددية الثقافية، والتعددية والثقافية ركنها الأساسي أن يكون الاختلاف مفضيا إلى ائتلاف.. ومن هنا أسمي هذه الجائزة جائزة التعددية الثقافية.