لملمة قضائية مستعجلة لقضية "الفتنة" في الأردن

عمان – قالت مصادر مطلعة في العاصمة الأردنية إن إغلاق قضية “الفتنة”، وبحكم مشدد بلغ 15 سنة للمتهمين فيها رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله وعضو الأسرة الشريف حسن بن زيد، وفي غياب الشهود، كان محاولة متسرعة من السلطات للملمة القضية التي شغلت الرأي العام المحلي.
وأشارت هذه المصادر إلى أن هذه اللملمة لم تكن موفقة لقضية سعت السلطات لتأكيد أنها قضية كبيرة وخطيرة، متسائلة كيف يمكن تطويق قضية بهذا الحجم في ظرف وجيز وترك الأسئلة التي يطرحها الأردنيون معلقة دون إجابات؟
واعتبرت أنه لم يعد من الممكن التكتم على تفاصيل التحقيقات، وأنه كان يفترض أن تتم المحاكمة بشكل علني بدلا من السرية التي زادت الشكوك لتطال الأسرة المالكة نفسها التي أخذت علما من خلال ما يجري بأنها ليست بالتماسك الذي تعتقد أنه سائد.
وباتت الأسرة المالكة متابعة لما يجري، ولم تعد مثلما يحدث في السابق حين كان يتم حل خلافاتها في دائرة مغلقة، فقد تغير الأمر، وأصبحت الانتقادات الشعبية تجد صداها لدى أمير (خط أول) وشريف في الأسرة (خط ثان) قد يحركهما بعض الطموح السياسي، ولكن على خلفية شعبية من التذمر.

مالك العثامنة: كان يمكن لملمة القضية لو وجدت صيغة منطقية للأمير حمزة
وقضت محكمة أمن الدولة في الأردن الاثنين بسجن عوض الله والشريف حسن البارزين خمسة عشر عاما بتهم السعي لإحداث الفوضى والفتنة داخل الدولة. ومن الممكن استئناف الحكم أمام محكمة أعلى.
واعتبر المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة أن الحكم كان متوقعا، لكن المستغرب هو سرعة الوصول إليه في سياق محاكمة سريعة، الأمر الذي يعكس قضية صيغت كلها باستعجال.
وقال العثامنة في تصريح لـ”العرب” إن “القضية كان يمكن أن تلملم لو تم إيجاد صيغة أكثر منطقية للأمير حمزة، فهو أيضا قد تمت إدانته معنويا عبر إدانة المتهمين عوض الله والشريف حسن”، مستبعدا وجود عفو قادم على المتهمين في القضية على الأقل في المدى القريب.
وأضاف أن “الحكم على باسم عوض الله تحديدا هو رسالة موجهة إلى الرياض، وكذلك إلى واشنطن التي يزورها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني حاليا”، كاشفا أن “واشنطن كما قيل وتسرب إلينا كانت أول من نبّه الجهات الأردنية المعنية بما تم تسميته بالمؤامرة”.
ولم يستبعد متابعون للملف أن يمهد تسارع الإجراءات لتطويق القضية عبر عفو ملكي على عوض الله والشريف حسن ما من شأنه أن يقود إلى تطويق القضية سياسيا وشعبيا.
وأرادت السلطات محاكمة سرية وسريعة من خلال محكمة عسكرية خاصة، متذرعة بأن الجلسات العلنية ستعرّض الأمن القومي للخطر. كما رفضت طلب الدفاع استدعاء شهود من بينهم الأمير حمزة.
وعينت أسرة عوض الله، الذي يحمل الجنسية الأميركية، المدعي الاتحادي الأميركي السابق مايكل سوليفان لتمثيلها، وزعمت تعرضه للتعذيب وأن اعترافه انتزع بالإكراه.
وقال سوليفان إن الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة بسجن موكله 15 عاما يفتقر إلى الشفافية والعدالة.
وأضاف في بيان له أن عوض الله “ضُرب وعُذب” وأُجبر على توقيع اعتراف ملفق وحُرم من محاكمة عادلة تمكنه من دحض اتهامات النيابة، وهو كلام استبعده العثامنة معتبرا أن هذه تسريبات غير معقولة. وتنفي السلطات أي إساءة معاملة.

ويقول مسؤولون أردنيون إنهم أوقفوا ما كان يمكن أن يتطور إلى مؤامرة مدفوعة من الخارج. ويضيفون أن عوض الله حاول دفع الأمير حمزة إلى إضعاف مقاومة الملك عبدالله لخطة السلام في الشرق الأوسط التي كشف عنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مشيرين إلى أن الأمير حمزة لم يبد اهتماما بذلك وركز فقط على طموحاته لارتقاء العرش.
ووصل عوض الله والشريف حسن إلى المحكمة تحت حراسة مشددة مرتدييْن بدلات السجن الزرقاء ومكبلي الأيدي خلف ظهريهما، بحسب صور ومقاطع فيديو نشرتها السلطات.
وتابع الصحافيون مقاطع قصيرة بثت مباشرة من قاعة المحكمة في خيمة أقيمت إلى جانبها، ونقلت تلك المقاطع تلاوة الأحكام.

مايكل سوليفان: الحكم بسجن موكلي باسم عوض الله 15 عاما يفتقر إلى الشفافية والعدالة
وفي بداية جلسة النطق بالحكم تلا رئيس المحكمة المقدم القاضي العسكري موفق المساعيد وقائع الدعوى وتفاصيل لائحة الاتهام.
وقال إن عوض الله والشريف حسن يرتبطان “بعلاقة صداقة منذ عام 2001، كما يرتبط الأخير بعلاقة القربى والصداقة بالأمير حمزة بن الحسين”.
وأضاف أنهما حملا “أفكارا مناهضة وتحريضية ضد نظام الحكم السياسي القائم في المملكة وشخص جلالة الملك عبدالله”.
وأكد المساعيد أن “إرادتيهما التقتا في مشروع إجرامي منظم واضح المعالم محدد الأهداف يهدف إلى ترجمة أفكارهما المناهضة والتحريضية والمناوئة إلى واقع عملي”، مشيرا إلى أن هدف المشروع “إحداث الفوضى والفتنة والفرقة داخل المجتمع الأردني” و”بث خطاب الكراهية تجاه نظام الحكم السياسي القائم”.
وأدين الشريف حسن كذلك بتهمة حيازة مادة مخدرة وبتهمة تعاطي مادة مخدرة (الحشيش) وحكم عليه بالسجن لسنة واحدة ودفع غرامة مقدارها 1000 دينار (1400 دولار) لكل من التهمتين. لكن المحكمة تطبق العقوبة الأشد، وهي السجن 15 عاما.
وأكد محاميا الدفاع عن المتهمين محمد العفيف وعلاء الخصاونة أنهما سيطعنان في القرار.
وقرارات محكمة أمن الدولة قابلة للطعن خلال 30 يوما من صدور الحكم.
ووفق لائحة الاتهام المؤلفة من 13 صفحة فإن الأمير حمزة، الذي تم إخراجه من القضية، كان له طموح شخصي بالوصول إلى سدة الحكم وتولي عرش المملكة.