لماذا يصبغ الرجل شعره

يسعى الكثير من الرجال الذين تجاوزوا سن الشباب إلى صبغ شعورهم، ربما لرغبتهم في أن يكونوا أكثر وسامة وشبابا، فحينما يشعر الرجل أنه قد كبر في العمر والشعر الأبيض سوف يكشف عن عمره الحقيقي؛ يحاول إخفاءه ليبدو شابا أو أنيقا أو وسيما أو جذابا، فكل حالة لها أسبابها الخاصة.
يقول مصطفى السيد (57 عاما) “أصبغ شعري لكي أبدو شابا، فزوجتي الثانية من جيل أبنائي ولا أريد أن أبدو عجوزا أمامها؛ فأنا أحاول أن أجدد شبابي ولا أجد ضررا في صبغ شعري ما دام القلب شابا. لقد تزوجت في العشرين من عمري بابنة عمي”.
ويضيف “قبل سنتين تقريبا تزوجت للمرة الثانية بفتاة كانت تعمل معي عمرها 26 عاما، وهو ما جعلني ألجأ إلى إخفاء الشعر الأبيض. وبقدر ما يروق لزوجتي الثانية مظهري الأكثر شبابا، تنظر إليّ زوجتي الأُولى باستخفاف، ولكني أتفهم غيرتهما”.
وأفاد منير (60 عاما) “لا أظن أن أحدا على وجه الأرض يستسلم لكبر السن عن رضا تام، ولأن الشعر الأبيض يدل على أن الشباب بدأ في الرحيل، فأنا أُحاول أن أُخفي معالم الكبر، وأشعر بالارتياح النفسي وأني عدت شابا؛ فالبنات يهربن من الرجل الذي يغزو الشيب شعره، ويُفضّلن الشاب الأنيق الذي يحافظ على مظهره”.
وتابع “لا أخفيكم سرا إذا ذكرت أن زوجتي تنزعج جدا لأنني أصبغ شعري، وكأنها تريدني أن أبدو مسنا، وكانت دائما تتخلص من علبة الصبغة؛ لذا أرحتها ولم أعد أصبغ في البيت وأصبحت أصبغ عند صالون الحلاقة، ولا أرى عيبا في هذا، ولست مدمنا صبغ شعري، لكنني ألجأ إلى الأمر بين الحين والآخر، ليس لأنني أخجل من الشيب بل حبا في الموضة، وقد بدأ الأمر معي قبل عامين، عندما أقنعني أصحابي بضرورة إخفاء الشعر الأبيض كي لا يؤثر ذلك في نفسيتي”.
وقال محمد المنسي (33 عاما) “أنا متزوج منذ عدة سنوات، وأب لثلاثة أبناء، وقد بدأ الشيب يشقّ طريقه إلى شعري، لكن الأمر لا يزال محتملا، وأعتقد أنني لو صبغت شعري فسيكون السبب مجاراة العصر والبحث عن الشكل اللائق، كما أن الشعر الداكن يعزز ثقة الرجل بنفسه. ومن المحتمل أن أستشير أصدقائي وزوجتي في أمر الصبغة، لكن القرار النهائي يعود لي وحدي”.
وأضاف “ما دمت لن أستخدم ألوانا فاتحة ولن أتشبّه بالنساء فأين الخطأ؟ وأنا ضد صبغ الشعر بسبب العمر لأن الغاية منه غش الفتيات الصغيرات، أما إذا لجأ الرجل إلى الصبغة بعلم من زوجته التي تصغره سنا، فهذا يرجع لهما. وعلى العموم فإنّ مثل هذه الأمور قد تكون مقبولة في مجتمعات ومرفوضة في مجتمعات أُخرى، ولا يمكن الجزم لأن التحسس من الشيب مسألة شخصية ولها أسباب نفسية واجتماعية”.
ولمحمد الشاهد (37 عاما) رأي آخر حيث يقول “من جهتي لا أفكر يوما في إخفاء الشعر الأبيض، لأن الموضوع لا يعني لي شيئا ولا يسبب لي أي إزعاج، أكثر ما يهمني أن زوجتي راضية عن مظهري، وهي لا تهتم بالمظهر، بل على العكس تبدي إعجابها بي باستمرار، وهذا يمنحني الثقة والرضا عن النفس”.
ويوضح قائلا “شخصيا أنا ضد الذين يخدعون الناس بالمظاهر الصناعية، كالصبغة والعدسات الملونة والعمليات التجميلية، فهذا شكل من أشكال الكذب الاجتماعي، وهو آفة في غاية البشاعة. إن تلوين الشعر ليس جذابا ولا يوحي بالمصداقية، ويعتبر وصمة عار على رأس صاحبه، وكذبة كبيرة لا يمكن أن يضحك بها إلاّ على عقول البنات المراهقات”.
ويشير محمد سيف (45 عاما)، وهو أب لثلاثة أولاد، إلى أنه “من المستحيل أن أفكر في الصبغة، مع أن الشعر الأبيض ظاهر بوضوح، وذلك لأنني غير مقتنع بالأمر ولا بأيّ حال من الأحوال، الرجل عندما يتجاوز سنا معينة تصبح التجاعيد والشعيرات البيضاء جزءا من شخصيته ومكملة لها”.
ويضيف “قد يكون من المقبول أن يقدم الرجل على صبغ شعره إذا كسا الشيب مساحات واسعة من رأسه، وهو لا يزال شابا في بداية الثلاثينات، هنا لا يوجد ضرر من الصبغة، لأنها لن تكون أداة للغش، أما أن يلجأ ابن الخمسين عاما مثلا إلى إخفاء الشعر الأبيض بقصد الزواج بفتاة صغيرة، أو للتغرير بالنساء، فهذا غير منطقي، لأن لون الشعر لا علاقة له بالشباب والحيوية، ثم إنه لا يستطيع أن يخدع أي امرأة طويلا، وحين تكتشف أمره، سوف يتحمّل وحده النتائج”.
وصرحت نوال علي بأنه “قبل أيام ذهب زوجي إلى الحلاق وقص شعره، وعندما عاد إلى البيت نظر في المرآة وأخبرني أنه لن يلجأ في المرة المقبلة إلى القصة نفسها. وحين سألته عن السبب ذكر أن تخفيف الشعر إلى هذه الدرجة يظهر الشيب في رأسه وهو لا يريد أن يبدو كبيرا في السن”.
وتابعت “من الضروري أن نعلم أنّ المرأة والرجل يكبران معا، ومع ذلك فإن الرجل يعتقد أن زوجته هي وحدها التي تكبر، بينما يظل هو شابا وهذا بسبب العقد النفسية التي تربى عليها، فزوجي عمره 40 عاما، أي في عز الشباب، لكنه يخشى بشدة من العمر”.
كما أشارت إلى أن الرجال كلما كبروا في السن، كان هدفهم إغراء الصغيرات، بعكس المرأة التي تتطلع إلى الرجل الناضج متى تقدمت في السن، ويبقى الرجل الذي يغطي شعره الشيب يلفت الانتباه ويستحق الاحترام.
ومن جانبه يقول الدكتور عمر خليل أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس “يلجأ بعض الرجال أو معظمهم الآن إلى صبغ الشعر وإخفاء الشيب لعدة أسباب ترجع إلى تفاصيل حياتهم، وأعتقد أن هذا الأمر عادي جدا فلماذا نعتبره مشكلة أو ليس من حق الرجل أن يصبغ شعره؟ تلك مسألة شخصية ولا يحق أن نتدخل أو نتساءل عن سبب ذلك”.
وأكد قائلا “أنا أشجع الرجل على أن يصبغ شعره كما تفعل المرأة تماما لتبدو جميلة وجذابة، فلماذا نحرم ذلك على الرجل؟ يجب أن نحترم الرغبات الخصوصية ولا نعتبرها خروجا عن المألوف؛ فاليوم يذهب الشباب إلى مراكز التجميل ليبدو مظهرهم ووجوههم وجسدهم في تناسق ورشاقة ووسامة”.