لماذا يبكي الرضع: الإجابة عندهم وليست عند غوغل

خبراء يؤكدون أن تفاعل الآباء مع بكاء أطفالهم يساعدهم على النوم بشكل سليم، ويجعلهم أكثر وعيا اجتماعيا مع أنفسهم ومع الآخرين.
الثلاثاء 2015/07/28
حمل الطفل وهدهدته يخلص الأم من بكائه المزعج

قال عالم نفس بريطاني إن ملايين الآباء من مستخدمي الإنترنت أصبحوا اليوم يسألون غوغل عن أسباب بكاء أطفالهم الرضع، عوض البحث عن ذلك في الإشارات والإيماءات التي يصدرونها، وفي ملامح وجوههم وتصرفاتهم، وخاصة في نبرات بكائهم.

وأوضح سو غيرهارد في كتابه الذي يحمل عنوان “أهمية الحب: كيف تشكّل العواطف دماغ الطفل”، أنه على الرغم من أن نوبات بكاء الرضع المتواصلة تتصدر لائحة الأصوات الأكثر إزعاجا، إلا أنها تعمل على تنشيط جزء أساسي من الدماغ يسمى “اللوزة الدماغية”، وهي شبيهة برادار يستشعر إشارات الخطر.

وأكد أن معظم الرضع في الأسابيع القليلة الأولى من عمرهم يبكون لمدة ساعتين يوميا، لأنهم لا يمتلكون وسائل دفاعية عن النفس غير البكاء الذي يرشد الآباء إلى المحفزات التي يمكن أن تهدد حياتهم.

وأشار إلى أن “الأجنة أشبه بالفراخ في العش، ولكن مع فارق كبير، فالفراخ تصرخ عندما تجوع أو لطلب الحماية من الخطر، أما الرضع فيبكون بأنماط مختلفة تراوح بين متقطعة ومستمرة، وبكاؤهم يحمل مدلولات متعددة، قد يكون تنبيها للمشرفين على رعايتهم برغبتهم في الحصول على الدفء أو البرودة، أو بسبب شعورهم بالملل والأسى، وقد يكون ناتجا عن الرغبة في النوم أو نتيجة إحساسهم بالألم من شيء ما”.

وأضاف “يخطئ من يظن أن الرضع في مراحل عمرهم المبكرة ليسوا اجتماعيين، إنهم في حوار دائم ومتواصل مع القائمين على رعايتهم، وفي حالة تأهب للتفاعل مع كل الإشارات والرسائل التي تنقلها إليهم لغة جسد المشرف على تربيتهم، مثل رائحة الأم ولمساتها ونبرة صوتها”. وقال إن طرق تفاعل الآباء مع بكاء أطفالهم يلعب دورا هاما في نموهم بشكل سليم ويساعدهم على أن يكونوا أكثر وعيا اجتماعيا مع أنفسهم ومع الآخرين.

عالم بريطاني يدعو إلى التواصل المبكر مع الرضع لأن ذلك من شأنه أن يكسب الوالدين مهارة في قراءة لغة بكاء أطفالهم

ودعا إلى ضرورة التواصل المبكر مع الرضع لأن ذلك من شأنه أن يكسب الوالدين مهارة في قراءة لغة بكاء أطفالهم وتفسير كل إشارة لتقاسيم وجوههم، ويساعدهم على الاستجابة الغريزية لما يريدونه في الوقت المناسب.

ونوهت دراسة أجرتها جامعة فالنسيا الأسبانية بأهمية تمضية الأمهات لوقت أطول مع أطفالهم الرضع ودور ذلك في جعلهن أكثر قدرة على فهم سبب بكاء أطفالهن بمجرد النظر في عيونهم.

ونبه الباحثون المشرفون عليها إلى أن الطفل الذي يشعر بالغضب أو الخوف يبقي عينيه مفتوحتين، فيما يغلق الطفل الذي يعاني ألما عينيه أثناء البكاء.

وأشاروا أيضا إلى التغيرات في ديناميكية البكاء التي يمكن أن تكون دليلا على أسبابه، فإذا ما كانت أقل تركيزا فهي تدل على أن الرضيع غاضب من أمر ما، أما إذا ازدادت حدة فهذا يعني أنه يعاني من الخوف أو الألم.

وقالت الباحثة ماريانو كوليز “البكاء هو الطريقة الرئيسية التي يعتمدها الطفل للتواصل والتعبير عن المشاعر السلبية، وبالرغم من أنه من الصعب تحديد أسبابه، إلا أن بكاء الأطفال الرضع بسبب الألم يسبب لهم توترا أكثر عما يحدث لهم عندما يبكون بسبب الجوع.

إهمال الرضيع وتركه يبكي لفترات طويلة يؤديان إلى ارتفاع مستويات هرمون التوتر لديه ويضران بنمو دماغه

وأضافت “عندما يبكي الأطفال من الغضب أو الخوف تبقى عيونهم مفتوحة ويقومون بإغلاقها عندما يعانون من الألم”.

ونوه خبراء في علم نفس الأطفال بقيمة الاستجابة السريعة لبكاء الطفل وتلبية حاجياته وتهدئته في الوقت المناسب لتجنيبه التوتر والتشنجات التي من شأنها أن تصيبه بأمراض نفسية طويلة الأمد.

وكشف باحثون من معهد رايكن الياباني عن سرّ توقف الأطفال عن البكاء عندما تقوم الأمّ بحملهم أو هدهدتهم. وأكدوا أن استجابة الطفل إلى الحمل والهدهدة تؤثر بشكل فعال على جهازه العصبي مما يدفعه إلى الهدوء والاسترخاء بعد البكاء.

وأشاروا إلى أن التقاط الطفل وحمله وهدهدته لا يساعده فقط على الهدوء، ولكن أيضا على تحقيق تفاعل أكبر بينه وبين أمه.

وقال الطبيب كومي كورودا “استجابة الطفل سريعا لهذا النوع من الهدهدة لا يفيد فقط الطفل في الحصول على الهدوء ولكن أيضا يفيد الأم كثيرا في التخلّص من بكاء الطفل المزعج ومعاناتها في محاولة إسكاته”. وأضاف “ذلك من شأنه أن يساهم كثيرا في الحدّ من حالات العنف ضد الأطفال التي يلجأ إليها بعض الآباء والأمهات في محاولة منهم لتهدئتهم”.

وكانت بعض الأبحاث السابقة قد أكدت على أهمية الاستجابة السريعة لبكاء الطفل، ودورها في التأثير على نموه النفسي والعقلي وعلى تطوره العاطفي وقدرته على التفاعل مع الأزمات التي يمكن أن يتعرض لها في حياته مستقبلا. في حين حذرت من العواقب الوخيمة جراء إهمال الرضيع وتركه يبكي لفترات طويلة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون التوتر لديه (الكورتيزول) ويضر بنمو دماغه.

21