لماذا لا تسمح أبل لغيرها بإصلاح أجهزتها الإلكترونية

الشركة تريد الحفاظ على حصتها الضخمة في خدمات الإصلاح والصيانة لهواتف آيفون.
الأحد 2021/07/18
أبل تتحدى الجميع وتسيطر على خدمة الصيانة

لم تكن تصريحات مؤسس أبل ستيف وازنياك الأخيرة، التي أبدى من خلالها تأييده لحق المستخدمين في إصلاح أجهزتهم الإلكترونية بشكل مستقل، كافية لطمأنة جمهور هواتف آيفون المستائين من استحواذ الشركة على خدمة الصيانة، حيث يؤكد الخبراء أن رغبة الشركة في الحفاظ على حصتها الضخمة في خدمات الإصلاح والصيانة تدفعها إلى الاستمرار في سياستها الصارمة والحازمة.

واشنطن - يجد مستخدمو هواتف آيفون في كل مرة أنفسهم أمام مأزق بمجرد ظهور مشاكل على هواتفهم، حيث لا تبدو عملية إصلاح الجهاز سهلة مع رفض شركة أبل إصلاح أجهزتها الإلكترونية من مراكز صيانة من خارجها، وعلى العكس سيكون توقف الشاشة عن الاستجابة للمس أو تعطل مستشعر الإضاءة سبيل الشركة لإجبار المستخدمين على اللجوء إلى خدمات الصيانة الخاصة بها.

وفيما يشكو مستخدمو آيفون في جميع أنحاء العالم من هذه المشكلة حيث يرفض أي متجر عادة تحمل مسؤولية إصلاح الجهاز، تتصاعد الدعوات والضغوط بهدف منح أبل الضوء الأخضر للمستخدمين لإصلاح أجهزتهم عبر مراكز صيانة مستقلة، فيما لا تبدي الشركة تجاوبا مع هذه الدعوات التي تقف وراءها ما تعرف بـ”حركة الحق في الإصلاح”.

ويتساءل خبراء التقنية عن سبب رفض أبل لغيرها بإصلاح أجهزتها الإلكترونية، حيث تحذر الشركة في كل مرة المستخدمين من فك الأجهزة، وتنبه من أن الضمان على الجهاز لن يصبح سارياً في حال قام المستخدم بفكه، كما تجبر المستخدمين الراغبين بإصلاح عطل ما على مراجعة محلات أبل نفسها التي لديها فقط حق الفك والإصلاح، وسيكون ردها قاسيا بحرمان المستخدمين من إحدى مزايا الهاتف في حال جازفوا بإصلاحه في مراكز صيانة أخرى.

وتقوم هواتف آيفون ذاتياً بتعطيل مستشعر البصمات إذا تم استبداله من طرف مراكز الصيانة التي لا تتبع أبل، وبينما تزعم الشركة أنها تريد حماية المستخدمين والحفاظ على سلامتهم، إلا أن خبراء يعتقدون أن الدافع الأساسي هو رغبة الشركة في الحفاظ على حصتها الضخمة في خدمات الإصلاح والصيانة لهواتف آيفون والتي تبلغ تقريباً 4 مليارات دولار سنوياً.

وحسب هؤلاء يعكس إصرار أبل على الاستحواذ على إصلاح أجهزتها مخاوفها من أن تشكل مراكز الصيانة غير التابعة لها تهديداً لحصة الشركة وأرباحها التي تجنيها من خدمات الإصلاح، بالرغم من أن الكثير منها ذو سمعة جيدة ويقدم قطعا أصلية بتكلفة أقل مقارنة بمتاجر أبل ومراكز الصيانة المعتمدة من قبلها.

ستيف وازنياك: إتاحة فك الأجهزة للجميع قد يكون هو البذرة عند جيل جديد لصناعة ثورات تقنية قادمة
ستيف وازنياك: إتاحة فك الأجهزة للجميع قد يكون هو البذرة عند جيل جديد لصناعة ثورات تقنية قادمة

ومع عودة الجدل بين الشركة العملاقة والمستخدمين بشأن استحواذها على خدمة الصيانة، فاجأ مؤسس الشركة الأوساط التقنية بوقوفه في صف حركة الحق في إصلاح الأجهزة.

ونقلت شبكة “سي.أن.أن” الأميركية عن ستيف وازنياك الشريك المؤسس لشركة أبل قوله إنه “يقف مع حق الناس في فك وتصليح أجهزتهم، وأنه متعاطف كثيراً مع هذه القضية”.

ولم يبد وازيناك دعمه لحركة الحق في تصليح الأجهزة لأنها حق للمستخدمين وحسب، بل لأنه يرى أن إتاحة فك الأجهزة للجميع قد يكون هو البذرة عند جيل جديد لصناعة ثورات تقنية قادمة، تماماً مثل ما حصل مع شركة أبل نفسها في بداياتها التي استفادت من العديد من الأجهزة التي كانت متاحة للفك والتركيب حينها.

ويقول وازنياك الذي ظهر أيضا في مقطع فيديو على يوتيوب وهو يدعم هذه القضية، بأن العديد من إنجازات أبل الكبرى لم تكن ممكنة لو لم تكن العديد من الأجهزة في ذلك الوقت قابلة للفك والإصلاح.

هواتف آيفون تقوم ذاتياً بتعطيل مستشعر البصمات إذا تم استبداله من طرف مراكز الصيانة التي لا تتبع أبل

وعلى رغم تصريحات وازنياك التي أبدت تأييده لإصلاح الأجهزة من مراكز صيانة مستقلة، إلا أنها برأي الخبراء مجرد دعوة لتخفيف الانتقادات ولن تؤثر على استراتيجية الشركة في ما يخص سيطرتها على خدمة الصيانة وعلاقتها بالمستخدمين.

ومن المعلوم أن شركتي أبل ومايكروسوفت تنهاضان حق المستخدمين في إصلاح أجهزتهم، حيث تقضي سياسة الشركتين بإغلاق الأجهزة ومنع المستخدمين بقدر الإمكان من فكها.

ولمواجهة هذا الاحتكار تضغط حركة الحق في الإصلاح منذ سنوات بهدف تمتع المستخدمين بإصلاح هواتفهم بشكل مستقل، وأخذت الحركة زخماً بوقوف عدد من المشاهير معها.

وتضم الحركة العديد من مراكز الصيانة المستقلة وتهدف إلى الدعوة لإقرار تشريعات في الولايات المتحدة والدول الأخرى لإجبار أبل والشركات المصنعة للهواتف الذكية على مشاركة معلومات الصيانة وقطع الغيار وأدوات الصيانة مع مالكي الهواتف ومراكز الصيانة لإعطاء المستخدم الحرية في إصلاح هاتفه لدى الجهة التي يريد.

Thumbnail

في المقابل تواجه أبل مثل هذه الدعوات بنوع من التحدي مع اعتمادها أجهزة حديثة توقف تقريباً أي قطعة عن العمل في حالة اكتشاف أنها ليست معتمدة من أبل، ومن شأن ذلك أن يضعف مكانة الشركة، وقد يتراجع عدد المستخدمين بسبب ما يواجهونه من صعوبات في إصلاح هواتفهم.

كما توسعت دائرة الضغوط التي تواجهها الشركة بسبب دعم الإدارة الأميركية الجديدة لحقوق المستخدمين. وذكرت مصادر مطلعة أن إدارة بايدن تجهز لقرار يتيح للمستخدمين حق إصلاح أجهزتهم بدون الرجوع إلى مصنعي الأجهزة، في خطوة قد تشكل ضربة قوية لشركات التكنولوجيا العملاقة.

ومن شأن حزمة مكافحة الاحتكار التي كشف عنها الكونغرس في يونيو الماضي والتي تستهدف كبريات شركات التكنولوجيا أن تؤثّر، حال إقرارها، بشكل كبير على كيفية استخدام الناس للإنترنت وعلى الشركات الأميركية الأكبر والأنجح.

وتأتي الإجراءات بعد تحقيق استغرق 16 شهرا في مجلس النواب قاده رئيس اللجنة الفرعية لمكافحة الاحتكار ديفيد سيسيلين، وخلص إلى أن شركات التكنولوجيا العملاقة تستغل هيمنتها ولديها تأثير كبير على الاقتصاد.

وحذّر محللون بشدة من التداعيات التي لا يمكن التنبّؤ بها من جراء استهداف شركات ناجحة للغاية يعتمد عليها كثيرون في حياتهم اليومية.

وذكر إيان موراي كبير المحللين في معهد المشاريع التنافسية أن “الخطوة قد تدفع أبل على سبيل المثال إلى إغلاق سوق التطبيقات الخاص بها وأن تبيع هواتف خالية من التطبيقات أو تحويل القسم الخاص بالهواتف إلى شركة منفصلة”.

وخلص في بيان نشر في يونيو الماضي إلى أنه “غالبا سيعتبر الزبون العادي أن خدماتها تراجعت بشدة”.

17