لماذا تُقاتل جِنين بالسلاح عِوضا عن الحجارة؟

خبراء يرون أن ما يجري في جِنين مردّه استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وغياب الأفق السياسي، وأسباب أخرى منها اجتماعية واقتصادية، تدفع للمواجهة.
الجمعة 2021/08/20
لا صوت يعلو فوق صوت السلاح

جنين (فلسطين) – يواجه الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية تحديا حقيقيا في مدينة ومخيم جِنين (شمال)، فحينما يقتحم بقية مناطق الضفة، يواجه بالرشق بالحجارة من قبل الشبان؛ لكن في جنين يُطلقون الذخيرة الحية باتجاهه وتندلع اشتباكات مسلحة.

وكان آخر هذه الاشتباكات ما جرى فجر الإثنين الماضي، حينما توغلت القوات الإسرائيلية لاعتقال شاب فلسطيني، فاندلع اشتباك مسلح أسفر عن مقتل 4 فلسطينيين.

ويقول ناشط في المخيم إن الشباب من كافة الفصائل على “استعداد للاشتباك مع الجيش الإسرائيلي كلما اقتحم مخيمهم”.

أما الخبراء فيرون أن ما يجري في جِنين مردّه “استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وغياب الأفق السياسي، وأسباب أخرى منها اجتماعية واقتصادية، تدفع للمواجهة”.

جهاد حرب: التصدي المسلح في جنين قد يمتد إلى بقية محافظات الضفة

وبحسب إحصائيات فلسطينية، قتل منذ مطلع العام الجاري 10 شبان في جنين برصاص الجيش الإسرائيلي.

وكان من أبرز الحوادث خلال الفترة الماضية، ما جرى في العاشر من يونيو الماضي، حينما اندلع اشتباك مسلح عقب اقتحام المدينة وأسفر عن مقتل 3 فلسطينيين، بينهم عنصرا أمن يعملان في جهاز الاستخبارات الفلسطينية.

وفي شوارع مخيم جنين يُشاهَد العشرات من الشبان الذين يحملون السلاح علانية، من كافة الفصائل. ويصف رياض أبووعد، الناشط في مخيم جنين، الأوضاع حاليا بقوله “حالة من التوتر والقلق، المشهد ثأري، الشباب غاضب وأي اقتحام لقوات الاحتلال سيحدث اشتباكا مسلحا أعنف من السابق”.

وأضاف أبووعد “المواجهة تتسع يوما بعد يوم مع قوات الاحتلال الإسرائيلية، ردا على عمليات الاقتحام والاعتقالات التي لم تتوقف منذ العام 2002”.

ويعرف مخيم جنين بصلابته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، حيث خاض مقاومون معركة ضارية مع الجيش الإسرائيلي في أبريل من العام 2002، أسفرت عن مقتل 52 فلسطينيا، وفق تقرير للأمم المتحدة في حينه، وتدمير غالبية مساكن المخيم.

ويُرجع القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين أسامة الحروب تصاعد المقاومة المسلحة إلى وجود جيل “تربى على مقاومة الاحتلال، وكسرت لديه حالة الخوف بينما كانوا أطفالا خلال معركة المخيم في العام 2002”.

ويضيف الحروب “معركة المخيم أنتجت جيلا تربى على المقاومة، والمقاومون (الحاليون هم) أبناء شهداء وذويهم شهداء أو أسرى”. وقال “الجيش الإسرائيلي لا يريد وجود مقاومة تُطلق النار على قواته خلال عملياته، يريد تنفيذ عمليات الاقتحام والاعتقالات بكل هدوء”.

Thumbnail

وفي المقابل، يقول خبراء إن أسبابا عديدة تدفع لتحوّل مدينة جنين ومخيمها خاصة إلى ساحة مسلحة للمواجهات.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت جهاد حرب إن “عامل الاحتلال واستمرار اقتحاماته لمحافظة جنين ومخيمها تحديدا واعتقال النشطاء أبرز تلك العوامل”.

ولفت إلى أن حالة إحباط عامة تسود الشارع الفلسطيني لغياب أي “أفق سياسي”، وهي مؤشر على اتجاه الأمور نحو “الانفجار، ومواجهة الاحتلال في ظل استمرار انتهاكاته”.

وتوقفت المفاوضات السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ عام 2014، نظرا لرفض الأحزاب اليمينية الإسرائيلية المكونة للحكومات المتعاقبة لمبدأ “حل الدولتين”، وسعيها لضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل.

وبيّن حرب أن الحالة السائدة في جنين، (التصدي المسلح)، قد تمتد إلى بقية محافظات الضفة الغربية، في ظل “الظروف المتفجرة وبسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وسياسات التهويد في القدس، وكلها مؤشرات دافعة للوصول إلى انفجار”.

وتوقع أستاذ العلوم السياسية استمرار “حالة الاشتباك، وتصاعدها في حال اقتحام القوات الإسرائيلية للمخيم”. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، جنوب بالضفة الغربية، بلال الشوبكي أن ما يجري من تصعيد واشتباك مسلح في جنين ومخيمها مع الجيش الإسرائيلي “حالة حتمية للنضال الفلسطيني ولغياب الأفق السياسي”.

وقال الشوبكي “منذ العام 2014 تشهد الضفة الغربية هبات في مواجهة الاحتلال، متفاوتة زمانيا ومكانيا”، مؤكدا أن تلك “الهبات ليست بوتيرة واحدة وتقتصر على بعض المناطق ، كما يحدث اليوم في مخيم جنين من حالة اشتباك مسلح مع القوات الإسرائيلية”.

2