لماذا اختار الرئيس السنغالي موريتانيا كأول وجهة خارجية له

زيارة باسيرو ديوماي فاي تنبع من وضعية  موريتانيا كدولة آمنة ومستقرة في محيط اقليمي مضطرب.
الأحد 2024/04/21
داكار تسعى للحفاظ على العلاقات المتينة مع نواكشوط

نواكشوط - أكد الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي على خصوصية العلاقة بين بلاده وموريتانيا التي اختار أن تكون أول وجهة خارجية له بعد تسلمه مقاليد الحكم في بلاده في الثاني من أبريل الجاري.

وقال ديوماي فاي إن مباحثات مع مضيفه محمد ولد الشيخ الغزواني في العاصمة نواكشوط “طبعتها المشاعر الأخوية وتميزت بالتطابق في وجهات النظر”. وأضاف، في منشور على فيسبوك بعد العودة إلى العاصمة داكار، أن هذا التطابق في وجهات النظر “يترجم الروابط التاريخية القوية وحسن الجوار والصداقة الأخوية والتعاون الوثيق التي تربط بلدينا”، حسب تعبيره، معربا عن شكره للرئيس ولد الشيخ الغزواني على ما أسماه “الاستقبال الحار ولكل الاهتمام الذي حظيت به ووفدي” خلال زيارة موريتانيا.

وأدى الرئيس السنغالي زيارة صداقة وعمل إلى موريتانيا، الخميس، تخللتها مباحثات مع نظيره الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تطرقت لتطوير علاقات التعاون بين نواكشوط وداكار، وذلك في أول سفر خارجي بعد تنصيبه رئيسا لبلاده مطلع شهر أبريل الجاري.

واعتبر المكتب الإعلامي الحكومي السنغالي تعليقا على الزيارة، أن السنغال “تحافظ على علاقات” مع موريتانيا “عمرها قرون” وتعد “مثالا للصداقة الودية وحسن الجوار والأخوة”.

وأوضح المكتب الإعلامي ذو الطابع الرسمي، أن الزيارة الخارجية الأولى لديوماي فاي إلى موريتانيا منذ انتخابه في 24 مارس 2024 “لها طابع رمزي في غاية الأهمية”. وتابع أن هذه الزيارة “تشهد أيضا على رغبة الرئيس بسيرو ديوماي فاي، في ضمان تعزيز العلاقات التاريخية بين السنغال وجيرانها”، معتبرا  أن البلدين “يحافظان على تعاون يمتد عمليا ليشمل جميع القطاعات: الأمن، والهيدروكربونات، والمياه، والبيئة، والطاقة، وصيد الأسماك، والزراعة، والمالية العامة”، بالإضافة إلى “قضايا الضرائب والجمارك، والبنية التحتية للنقل، وغيرها من المجالات الاجتماعية ذات الأهمية الكبيرة”.

وتمحورت المباحثات بين الرئيسين السنغالي والموريتاني حول العلاقات الثنائية ولاسيما ملف الغاز المشترك بين البلدين، من خلال حقل “أحميم الكبير”، والمتوقع أن يبدأ إنتاجه خلال العام الجاري، وكذلك بملف الصيد البحري الذي يربط بين البلدين بروتوكول اتفاق تعاون بشأنه لمدة عام تم التوقيع عليه في 14 يوليو 2023، ويمنح للطرف السنغالي 500 رخصة لصيد 50 ألف طن من أسماك السطح الصغيرة بأسعار رمزية.

وقال الناطق باسم الحكومة الناني ولد أشروقه إن اختيار الرئيس السنغالي لموريتانيا كأول وجهة خارجية له يحمل رسالة خاصة. وأضاف خلال مؤتمر صحفي أن الخطوة “تعبّر عن عمق العلاقة الأخوية بين البلدين التي تطال جميع ميادين الحياة، كالصيد والغاز والمناطق الرعوية، فضلا عن العلاقات الروحية بين الشعبين”.

وبحسب مراقبين إقليميين فإن الرئيس السنغالي اختار نواكشوط لتكون أول عاصمة يزورها، حيث لم يسبقه إليها أيّ من الرؤساء الأربعة السابقين في بلاده الذين كانوا عادة ما يدشنون زياراتهم الخارجية بإحدى الدول الناطقة باللغة الفرنسية. وهو بذلك ينطلق من أهمية موريتانيا في سياقات التوازنات الإستراتيجية والجيوسياسية الحالية ووضعيتها كدولة آمنة ومستقرة في محيط اقليمي مضطرب وخاصة بعد انقلابات مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ومن التعاون الاقتصادي ولاسيما من حيث الاستغلال المشترك للثروات المكتشفة حاليا والتي جعلت البلدين ينضمان رسميا إلى عضوية منتدى الدول المصدرة للغاز .

ويوم الأربعاء، حث الرئيس السنغالي خلال ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، “الحكومة على إيلاء اهتمام خاص للحفاظ على العلاقات الودية” التي تربط السنغال بجيرانها، و”العمل على تعزيزها”.

المباحثات بين الرئيسين السنغالي والموريتاني تمحورت حول العلاقات الثنائية ولاسيما ملف الغاز المشترك بين البلدين

وبينت الرئاسة أن الزيارة تأتي في إطار “مواصلة تعزيز روابط حسن الجوار التاريخية، والتلاقح الاجتماعي والثقافي” بين البلدين.

وقالت الوكالة الموريتانية للأنباء إن الزيارة تكتسي رمزية خاصة، إذ أنها أول زيارة للرئيس بسيرو إلى الخارج منذ انتخابه رئيسًا للسنغال في  24 مارس الماضي، بما يعكس عمق ومتانة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين البلدين في مختلف المجالات.

وأضافت أن موريتانيا والسنغال ترتبطان بعلاقات متميزة متأصلة الجذور بحكم التاريخ ووحدة الدين والجغرافيا والثقافة والمصير المشترك، كما تربطهما علاقات اقتصادية واستثمارية متنوعة، تجسدت في التوقيع على العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبروتوكولات، مشيرة إلى أن مشروع السلحفاة أحميم للغاز يعد نموذجًا ناجحًا للتعاون الاقتصادي بين البلدين.

ويراهن الجانب الموريتاني على استمرار التعاون المشترك بين البلدين وفق ما نصت عليه الاتفاقيات السابقة التي كان الرئيس السنغالي الجديد تحدث في وقت سابق عن إمكانية إعادة النظر فيها، وخاصة في علاقة بالاستغلال المشترك لحقل الغاز.

ووصف السفير الموريتاني في السنغال أحمدو ولد أحمدو علاقات موريتانيا والسنغال بأنها “متينة وضاربة في التاريخ والجغرافيا والتمازج بين مواطنينا الذين تربطهم كافة أنواع الصلات”، مؤكدا أن آفاق التعاون بينهما ممتازة وتنبني على رؤية مشتركة لمصلحة الدولتين، واعتبر في تصريحات للوكالة الموريتانية أن مجالات التعاون بين البلدين غنية ومتنوعة وتشمل جميع مجالات الحياة، ذاكرا منها التعاون في مجالات الطاقة، والصيد، والأمن، وإقامة مواطني كل من الدولتين على أراضي الدولة الأخرى، والتعليم، والصحة، والنقل، والزراعة، والتنمية الحيوانية، والانتجاع، وفي جميع المجالات.

كما ذكر ولد أحمدو بالتشغيل المرتقب لجسر روصو، والاستغلال المشترك للغاز، ووصفهما بأنهما يشكّلان عناصر للتكامل وأمثلة يحتذى بها في جميع أنحاء المعمورة ، وأشار إلى انتماء البلدين لمنظّمات مشتركة، كمنظمة استثمار نهر السنغال – التي تعتبر مثالا للتعاون – وبفضلها تستفيد الدول المطلة على نهر السنغال وتشارك في التسيير المشترك لمياه النهر.

وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني قد أجرى أيضا اتصالا هاتفيا بباسيرو ديوماي فاي بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية عبّر له من خلاله “عن التهنئة على الثقة الكبيرة التي منحه إياها الشعب السينغالي”، كما عبر له عن سعادته بجو “الهدوء والمسؤولية” الذي طبع هذه الانتخابات، مشيدا بـ”نضج الشعب السينغالي وعراقة تجربته الديمقراطية”.

2