للتأقلم مع المتغيرات.. بريطانيا في تحول شامل لتطوير قدرات الجيش

خبراء يدعون لندن إلى ضرورة وضع أسس جديدة لعمل القوات البريطانية في عصر المنافسة المستمرة مع الخصوم.
الجمعة 2020/10/02
ضرورة وضع أسس جديدة لعمل القوات البريطانية

يؤكد خبراء عسكريون أن إعادة هيكلة الجيش البريطاني باتت ضرورة تفرضها التحولات الجيوسياسية المتسارعة، التي يشهدها العالم وما تفرضه من تحديات أمنية وتكنولوجية تستدعي القيام بإدخال مفهوم تشغيل جديد من أجل تحول أساسي في عمل المؤسسة العسكرية لمواجهة الخصوم.

لندن – يعمل قادة الجيش البريطاني على إقناع صناع القرار السياسي إلى الإسراع في إحداث تغيير جذري على الطريقة التي تواجه بها المملكة المتحدة الطموحات السياسية والعسكرية للمنافسين “الاستبدادين” عبر التفكير في مفهوم شامل يستند على تطوير معدات فائقة التكنولوجيا للقوات العسكرية.

وتزامن خطاب الجنرال نك كارتر في مركز أبحاث بوليسي إكسشينج الأربعاء الماضي مع نشر “مفهوم التشغيل المتكامل” الجديد في بريطانيا. ويقول رئيس أركان الدفاع إن التغييرات الرئيسية التي يدعمها المفهوم تشمل تحسين تكامل الجهود عبر الحكومة ومع الحلفاء، وتحديث المعدات، والمنافسة المستمرة مع الخصوم دون عتبة الحرب.

وذكر موقع دينفس نيوز أن المفهوم يتضمن إعادة التفكير في استراتيجية حتى تمثل التغيير الأكثر أهمية في الفكر العسكري البريطاني منذ عدة أجيال، بحيث سيؤدي إلى تحول جذري في الأداة العسكرية وطريقة استخدامها. وقال كارتر إن إحدى “الأفكار الكبيرة” في المفهوم العملياتي هي أنها تميز بين “العمليات” و”القتال الحربي”.

في عصر المنافسة المستمرة، يحتاج موقف بريطانيا الرادع إلى إدارة وتعديل أكثر ديناميكية ومن ثم فإن هذا المفهوم يقدم مبدأ المنافسة لنموذج الردع التقليدي المتمثل في الفهم والمصداقية والقدرة والتواصل.

ويقول خبراء إن هذا يعترف بالحاجة إلى التنافس دون عتبة الحرب لردع الحرب، ومنع خصوم المرء من تحقيق أهدافهم في استراتيجيات الأمر الواقع، كما حصل في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا وليبيا وأماكن أخرى، إذ تتضمن المنافسة وضعا للحملة يتضمن العمل المستمر وفقا لشروط الجيش البريطاني وفي الأماكن التي يختارها.

وقد حدد كارتر طبيعة التهديد المتزايد الذي يدفع بريطانيا إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها خاصة وأن مؤسسة غلوبال فاير باور وضعت الجيش البريطاني في تصنيفها لعام 2020 في المركز الثامن، الأمر الذي يستدعي وضع أسس جديدة لعمل القوات البريطانية.

نك كارتر: يجب أن تكون استجابتنا اليوم على قدر مستوى الخصوم
نك كارتر: يجب أن تكون استجابتنا اليوم على قدر مستوى الخصوم

ويرى خصوم بريطانيا السياق الاستراتيجي على أنه “صراع مستمر يتم فيه استخدام الأدوات غير العسكرية والعسكرية دون قيود بأي تمييز بين السلام والحرب. وتعتقد هذه الأنظمة أنها منخرطة بالفعل في شكل حاد من الصراع الذي يغلب عليه الطابع السياسي وليس الحركي”، لذلك أشار كارتر إلى أن “أسلوبهم في الحرب استراتيجي، وهو متزامن ومنهجي، ويجب أن تكون استجابتنا كذلك”.

ويأتي المفهوم الجديد قبل مراجعة الدفاع المتكاملة للحكومة، والمتوقعة في النصف الثاني من نوفمبر المقبل، من المقرر أن تجمع المراجعة بين التفكير في السياسة البريطانية عبر الدفاع والأمن والسياسة الخارجية والإنفاق التنموي الخارجي.

وقد أشار الوزراء والمستشارون الحكوميون في السابق إلى أن المراجعة ستشهد تحول الجهود العسكرية بعيدا عن القدرات العسكرية التقليدية وتتجه نحو تركيز أكبر على الفضاء والفضاء الإلكتروني والذكاء الاصطناعي. ويعتبر خطاب كارتر والوثيقة الاستراتيجية الجديدة أفضل دليل حتى الآن على الاتجاه الذي تتجه إليه خطة الحكومة للتغيير.

ويؤكد قائد الجيش البريطاني أنه يجب على المملكة المتحدة رسم اتجاه السفر من العصر الصناعي للمنصات إلى عصر المعلومات للأنظمة و”سيتعين على بعض قدرات العصر الصناعي مواجهة غروب الشمس بشكل متزايد لخلق مساحة للقدرات اللازمة لشروق الشمس… الحيلة هي كيف تجد طريقا خلال الليل. نحن نعلم أن هذا سيتطلب منا تبني مجموعات من التقنيات المتمحورة حول المعلومات. لكن توقع هذه المجموعات سيكون صعبا”.

ويحدد المفهوم بعض القدرات التي يتوقع أن تكون مطلوبة في المستقبل، بما في ذلك قدرات أصغر وأسرع لتجنب انخفاض الحماية المادية لزيادة التنقل والاعتماد المتزايد على الحرب الإلكترونية وتكنولوجيا التخفي وشبكات أنظمة متطورة للغاية.

لم يذكر كارتر كيف ستعثر الدولة التي تعاني من ضائقة مالية على الموارد اللازمة لإعادة التفكير في استراتيجية تتطلب إنفاقا كبيرا في قطاعات مثل الفضاء والفضاء الإلكتروني. غير أن محللين يعتقدون أن الإهمال المبكر للقدرات التقليدية، مثل الكثير من قوة دبابات القتال الرئيسية، قد يكون إحدى طرق موازنة تلك الاتجاهات.

في الأسبوع الماضي، أكدت وزارة الدفاع البريطانية أنها تدرس خفض طلب شراء خمس طائرات بوينغ ويدجيتيل للقيادة والسيطرة إلى ثلاث منصات كجزء من جهودها لخفض التكاليف. ومن المتوقع الانتهاء من صناعة الطائرة الجديدة بحلول عام 2030.

وتكشف وثيقة مفهوم التشغيل الجديدة أنه من المستحيل التخلي على الفور عن هيكل القوة الحالي وإنشاء هيكل مفصل من الصفر، كما أشارت إلى أن العمليات المهمة يجب أن تستمر وأن البرامج والأنظمة القديمة يجب أن تحتفظ بفائدتها.

وعزز كارتر تلك الرسالة، قائلا إنه “من المهم التأكيد على أن الاستعداد للالتزام بقدرات صارمة بشكل حاسم مع مصداقية لخوض الحرب هو جزء أساسي من القدرة على العمل وبالتالي الردع”.

6