لعنة العراق أم متلازمة صدام!

هذا الفيلم الذي يبدو عنوانه "رجل عامل" إنسانيا! ينتهي بمحتوى سيئ يعيش على لعنة العراق التي وصلت إلى هوليوود.
الاثنين 2025/05/26
فيلم سخيف، خال من التشويق وممل

ليس هناك الكثير من صور العراق تحت الاحتلال في فيلم "رجل عامل" باستثناء مقدمة الفيلم الممزوجة بأسماء الكادر والمصنعة تقنيا وليس تصوريا، تظهر حرب احتلال بغداد وصور القتال والقذائف والمواجهة مع المقاومة العراقية، لكنّ مشهدا واحدا في الفيلم يبني ثيمته على لعنة العراق ومتلازمة أو عقدة صدام التي لا يمكن أن نتوقع بأن هوليوود ستشفى منها في زمن قريب.

يُظهر ليفرتي الجندي الأعمى نتيجة انفجار في العراق، جسّد دوره ديفيد هاربور، مشجب أسلحته لصديقه ليفون كيد، جسد دوره جيسون ستاثام، لتزويده بسلاح يساعده في إنقاذ فتاة مخطوفة من قبل عناصر مافيا مخدرات روسية شريرة يديرها رجال منحرفون. ومن بين تلك الأسلحة بندقية صدام حسين الذهبية!

هكذا يقوم ستاثام الجندي السابق في العراق وعامل البناء الحالي بطريقة رامبو (شارك سيلفستر ستالون في كتابة سيناريو الفيلم!) بقتل العشرات من الأشرار، بمن فيهم رجال شرطة فاسدين لإنقاذ ابنة مديره في العمل المختطفة من بار يروج للمخدرات.

لكن لماذا يتحول الجندي القاتل لآلاف العراقيين إلى إنساني مفرط الحساسية تجاه حياة الناس؟ فقط لأنه تعهد لوالد الفتاة المختطفة باستعادتها كنوع من رد الجميل للأسرة التي شغلتهُ رئيسا للعمال في مشروعها العقاري بعد أن لقي الإهمال من أقرب الأشخاص إليه والجيش الذي خدم فيه بعد انتحار زوجته. لذلك عاش مشردا ينام في شاحنته أمام موقع العمل، ويتلقى هبات الطعام من زملائه العاملين وأسرة رب العمل والفتاة المختطفة ابنة المطور العقاري.

هكذا يخبرنا فيلم “رجل عامل” للمخرج ديفيد آير بأن الحرب عندما تدخل إلى السينما تصبح أخلاقية، في تفسير يوضح لماذا يمتلك دعاة الحرب والهيمنة أدوات الإعلام والإنتاج.

ستاثام الذي كان ضيفا دائما في أفلام السرعة والمرتزقة لسنوات، أخلى هاربور المصاب في قتال بالعراق، لكنه أصيب بالعمى واحتفظ بأسلحة القتل في مشجبه الصغير بما فيها بندقية صدام حسين المسروقة من القصور الرئاسية. وفي لحظة رد الجميل لستاثام يتبرع له بالسلاح لقتال الأشرار المنحرفين من رجال المافيا واستعادة الفتاة المخطوفة. (تأمّل هنا فقاتل المدنيين العراقيين يتحول إلى أداة لاستعادة فتاة بريئة مختطفة من قبل رجال المافيا!)

هذا الفيلم المقتبس من رواية “تجارة ليفون” للكاتب تشاك ديكسون، قبل كل شيء، مُختصر في جوهره وفاقد لنكهته. فستاثام رجل قوي ذو ماضٍ عسكري غامض في العراق وبلغة إنسانية لا تُضاهى! مع أنه متهم بشكل مستمر من والد زوجته المنتحرة بالقاتل والمتوحش.

إلا أن هناك الكثير مما يبدو غير مدروس من حبكة اختطاف الفتيات إلى المتاجرة بالبشر البشعة وصولا إلى الفظاعة التي تتضمنها عبارة “العنف يتبعك كالسحابة،” التي نطقت بها إحدى الشخصيات لكيد بغطرسة. فكيف يستوي هذا العنف مع الإنسانية المفرطة للقتلة!

ومع ذلك، فإن الأحداث سطحية تماما، ومهارات كيد في القتل المُبالغ فيه كجندي سابق لم تكن مقنعة أو معقولة في حدها الأدنى. ويبدو محصنا من طلقات الرصاص، غير مُعرّض للخطر أبدا، ولا يُواجه خطر الموت بعد قتل العشرات من رجال المافيا، كنسخة معدلة من رامبو.

لا يُطهّر هذا الفيلم قتلة العراقيين لمجرد أن بطله يقوم بإنقاذ فتاة مختطفة.

“إنه فيلم سخيف، خال من التشويق وممل” حسب عرض لمجلة “إمباير” المعنية بالدراما.

دراميا لا تتدفق العديد من المشاهد مع بعضها البعض، في حين يتم التخلص من خيوط القصة بأكملها. يزور ستاثام محاميه بشأن حضانة طفلته من جدها المتغطرس في بداية الفيلم، لكن السيناريو ينسى في خضم انشغاله بالقتال، مصير الطفلة ولا يعود إليه حتى نهاية الفيلم!

في النهاية هذا الفيلم الذي يبدو عنوانه “رجل عامل” إنسانيا! ينتهي بمحتوى سيئ يعيش على لعنة العراق التي وصلت إلى هوليوود.

18