لبنان لن يشهد رئيسا له قريبا في ظل ترنح تسوية فرنجية

تراوح الأزمة السياسية في لبنان مكانها، ويستمر الفراغ المتحكم بالمشهد، في ظل الموقف غير المفهوم لدى البعض والمزايد لدى البعض الآخر على التسوية التي طرحها رئيس تيار المستقبل سعد الحريري والتي يجد كثيرون أنها الأكثر جدية لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ سنة ونصف السنة، والذي أثر بشكل سلبي على باقي مؤسسات الدولة.
الأربعاء 2015/12/16
الحريري وثق بي ونصر الله خذلني

بيروت - تشير المعطيات القادمة من لبنان، إلى أن هذا البلد لن يشهد رئيسا له قبل نهاية هذه السنة، في ظل “الفيتو” الذي يضعه البعض على وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى المنصب في إطار تسوية، عدها الكثيرون “منطقية” لإنهاء الفراغ الرئاسي.

ورغم اللقاء الذي جمع فرنجية بالرئيس السوري بشار الأسد والذي ضجت به وسائل إعلام مقربة من حزب الله ودمشق، إلا أن لا مؤشر عن وصول التسوية إلى خواتيمها السعيدة.

وأكدت صحيفة «الأخبار» المقربة من الحزب أن اللقاء الذي تم الأحد الماضي ناقش المبادرة الرئاسية التي طرحها بشكل غير رسمي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وأن الأسد أبدى تحفظات عليها.

وكان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري قد قدم طرحا بدا للوهلة الأولى أنه سيلاقي قبولا لدى معظم الأطياف السياسية اللبنانية، التي ما فتئت تردد على مدار الأشهر الماضية ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي بالنظر للأخطار التي تتهدد البلاد.

ويرتكز طرح الحريري الذي يلاقي دعما أميركيا وسعوديا على تولي سليمان فرنجية منصب رئاسة الجمهورية، فيما يكون منصب رئاسة الوزراء من نصيب سعد الحريري.

وقد أدخل هذا الطرح أو التسوية ارتياحا كبيرا لدى الأوساط الشعبية، كما انعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي، ولكن يبدو وفق المتابعين أن للسياسة حسابات أخرى.

حيث أبدت أطراف داخل فريقي 8 آذار كما 14 آذار تحفظات على التسوية، وتسعى بعض هذه الأطراف إلى تحقيق نقاط في سلة المستقبل، كوضع قانون انتخابي قائم على النسبية شرطا للنقاش حول أي تسوية في هذا الملف.

بالمقابل يستمر حزب الله الموالي لطهران في سياسة المناورة، دون أن يكون له رغبة فعلية في إنهاء الشغور الرئاسي في الظرفية الحالية.

ويقول في هذا الإطار القيادي في المستقبل أحمد فتفت في تصريحات لـ”العرب”، “هناك قرار إقليمي ينفذه حزب الله، يقضي بإبقاء الفراغ في سدة الرئاسة الأولى في لبنان”.

ويضيف القيادي أن “إيران تستشعر أن ظروف التسوية العامة في المنطقة لم تنضج بعد، وهي تسعى لتحسين شروطها التفاوضية ضمنها”.

ويعتبر فتفت أن المشكلة تكمن في أن إيران لا تريد فصل الملف اللبناني عن الملف الإقليمي، في حين أن التسوية كما طرحت كانت تقضي بفصل هذين الملفين، وهو ما لا يبدو أن إيران بصدد القبول به.

ويشدد القيادي في المستقبل على أن الفراغ في ظل هذا الموقف الإيراني المتصلب يبقى المرشح الحقيقي لحزب الله بالنسبة للرئاسة.

ويرى أنه على الرغم من ذلك، فإن المسائل لم تبلغ درجة الاستحالة بعد، مشددا على أن “التسوية تبقى قائمة طالما لم يتوفر البديل، لأن البديل الوحيد المطروح هو الفراغ”.

تصريحات فتفت لا تتفق ورؤية المحلل السياسي المقرب من حزب الله فيصل عبدالساتر، الذي اعتبر “أن العوائق التي تقف في وجه التسوية مزدوجة وليست فقط عند فريق الثامن من آذار كما يروّج”.

وأوضح عبدالساتر في تصريحات لـ“العرب” أن “عوائق كبيرة عند فريق الرابع عشر من آذار أبرزها اتساع الهوة بين الرئيس سعد الحريري، وسمير جعجع، وحزب الكتائب والمستقلين في هذا الفريق”.

ورأى المحلل السياسي أن الأمور عند فريق الثامن من آذار حسمت بعد زيارة فرنجية لنصرالله، حيث اتخذ موقف واضح يقول إن ميشال عون لا يزال مرشح هذا الفريق.

وأضاف أن حسن نصرالله قدم طرحا متكاملا يتعلق برئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، والاتفاق على قانون انتخابي يعيد تشكيل السلطة، وهذا المطلب الأخير كان الأهم بالنسبة للتيار العوني، لأنه يعتبر أنه متعرض لإجحاف كبير بسبب القوانين الانتخابية المشوهة.

وتابع عبدالساتر أن الرئيس الحريري انطلق من نقطة يحتاج إليها تتعلق بعودته الى رئاسة الحكومة وحاجته إلى وجود رئيس للجمهورية، لم يطرح الأمور من الزاوية التي طرحها حزب الله وعون الذي قال إن المشكلة لا تتعلق برئيس الجمهورية بل بالجمهورية.

واضح أن هذه التسوية باتت تحتاج إلى قوة دفع جديدة، تعيد تحريك المناخ العام الذي تحركت فيه المبادرة. وهناك تحرك سيتم في القريب العاجل، قد يعيد تفعيل المبادرة، لناحية شبكة زيارات واتصالات سيقوم بها فرنجية إلى أكثر من مرجعية.

ويؤيد الكثير من المتابعين للمشهد اللبناني أن التسوية “وإن تم كبحها إلا أنها لم تنته بعد”، وأن خطوة الحريري ستبقى “قابلة للحياة”، عندما يتأكد عون أن العدد الأكبر من النواب لن ينتخبوه، ولا سيما من كتلة المستقبل واللقاء الديمقراطي الذي يقوده النائب وليد جنبلاط، لا تقبل بتوليه المنصب في ظل مواقفه الداعمة بالمطلق لفريق بعينه.

وسيكون مجلس النواب اللبناني اليوم الأربعاء، على موعد مع جلسة جديدة تحمل العدد 33 لانتخاب رئيس للجمهورية، وسط ترجيحات أنها ستكون كسابقاتها.

2