لبنان بين مطرقة مورغان وسندان سلاح حزب الله

إن لم يسلم الحزب سلاحه فسيعاد ما تفعله الولايات المتحدة مع الحوثيين في اليمن، لكن هذه المرة بالآلات العسكرية الإسرائيلية.
السبت 2025/04/12
عهد جديد أمام سقوف انتظارات عالية

أكدت بعض المصادر أن نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي وصلت إلى بيروت الجمعة 4 أبريل الجاري، طرحت على المسؤولين في لبنان خطوط إدارتها الحمر، لاسيما في ما يتعلق بـ”أمن إسرائيل” و”إزالة أي تهديد” على حدودها الشمالية.

وشهدت الساحة اللبنانية السبت 5 أبريل جولة من النقاشات غير المحببة، التي حصلت بين الجانبين اللبناني والأميركي، والتي لا تتوقف عند تطبيق القرار 1701، حيث الجميع متفق على تنفيذه. ولكن الأمر متعلق بالمطالب المرتبطة بتحديد جدول زمني لتسليم حزب الله سلاحه، وبتشكيل لجان للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي.

في الشكل تطبيق القرار 1701 لا خلاف عليه، باعتبار أن لبنان يلتزم ببنوده، ولكن الجانب الإسرائيلي هو من يعرقل التنفيذ من خلال الخروقات والاعتداءات اليومية التي يقوم بها جيشه داخل الأراضي اللبنانية.

وأدان رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام الغارة الإسرائيلية التي استهدفت شقة سكنية في مدينة صيدا صباح الجمعة 4 أبريل، والتي أدت إلى مقتل مسؤول في حركة حماس مع أولاده، إذ قال المكتب الإعلامي لسلام “مجددًا تستهدف إسرائيل ليل الآمنين، هذه المرة في عاصمة الجنوب صيدا.”

هل سيرتدع حزب الله قبل الانزلاق نحو الهاوية ويمضي في مشروع تسليم السلاح والتسوية الكبرى؟

استخدام كلمة “مجددًا” في بيانه دليل على أن الإسرائيلي لم يزل يعتدي على سيادة لبنان بوتيرة يومية، وبغطاء أميركي. هذا ما يضعف من موقف الدولة اللبنانية لاسيما في مطالبتها حزب الله بتسليم سلاحه، وجعله يتّخذ من هذه الاعتداءات ذريعة للاحتفاظ به.

عقبة رئيسية ترتبط بتسليم السلاح، لأنّ الضغوط الأميركية وضعت لبنان تحت معادلة “تسليم السلاح أو عودة الحرب”، ومن ينظر إلى الجرائم التي ترتكب اليوم بحق الغزاويين يدرك حجم الحرب القادمة على لبنان بغطاء وتمويل أميركيين.

لهذا يعيش لبنان واقعًا مأزومًا في ما خصّ تحديد “الجدولة الزمنية” وطرح “الآلية” المطلوبة لتنفيذ هذه المهمة، التي ستؤدي حتمًا إلى جرّ البلد إلى حرب داخلية، تخدم المشروع الأميركي كما الإسرائيلي في إضعاف هذا البلد وشرذمته لأخذه مرغمًا إلى التطبيع.

تدرك الإدارة الأميركية أن موضوع السلاح لا يرتبط بقرار الحزب تسليم سلاحه إلى القيادة في لبنان. لهذا السلاح دور إقليمي يتخطى فعل المقاومة، ليوضع في خدمة المشروع المرتبط بالإستراتيجية الإيرانية في المنطقة.

لقد عبّر أكثر من مسؤول إيراني في أكثر من مناسبة، على رأسهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، عن دور سلاح حزب الله في خدمة المصالح الإيرانية، وفي تفعيل المفاوضات حول الملف النووي مع الدول الغربية.

حملت مورغان “سلة” من التعقيدات التي تطرحها على لبنان، والتي تصبّ جميعها في خانة دخول هذا البلد في نفق الاقتتال الداخلي. إذ تحظى الطروحات الأميركية، بشأن حلّ أزمة الاحتلال الإسرائيلي والخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بدعم أوروبي. وهذا ما يزيد من التعقيد، لأنّ لبنان الرسمي بات دون حليف دولي يسانده في مبدأ رفض تعددية اللجان وتطعيمها بدبلوماسيين كي لا تنحرف المفاوضات وتسير في مسار التطبيع كما ذكر رئيس مجلس النواب نبيه بري.

لكن وقوف أوروبا إلى جانب المطلب الذي تقدمت به مورغان سيسهم في إرباك التفاوض، وهذا أيضًا سيعطي الحزب ذريعة إضافية للتمسك بسلاحه هذه المرة من جهة محاربة التطبيع والانتفاضة على هذا المشروع على شاكلة انتفاضة 17 مايو عام 1983 عندما كان لبنان الرسمي ذاهبا في هذه الاتجاه.

Thumbnail

في جعبة أورتاغوس طروحات بتشكيل لجنة مدنية، تتفاوض مع إسرائيل حول الملفات المطروحة، وهي انسحاب إسرائيل وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين وحل مسألة النزاع الحدودي العالق منذ عام 2006 والمتمثل في 13 نقطة حدودية برية بهدف تحديد الحدود.

تدرك الإدارة الأميركية أن المطالب التي تحملها مورغان في جعبتها إلى لبنان من المستحيل معالجتها وجدولتها، لأنّ موضوع السلاح بيد الحزب لا يدخل في إطار المقاومة فقط، فبحسب المصادر هو يصب في خدمة المشروع الإيراني.

إن ما تفعله اليوم الولايات المتحدة مع حركة الحوثيين في اليمن سيعاد تكراره إن لم يسلم الحزب سلاحه، ولكن هذه المرة بالآلات العسكرية الإسرائيلية.

تعمل السياسة الأميركية في المنطقة على شلّ قدرات الجماعات الموالية لإيران في المنطقة لتحقيق هدفين، الأول مرتبط بتجريدها من القدرة الصاروخية التي تهدد الممر الاقتصادي الهندي الذي تمّ التوقيع عليه في نيودلهي في 10 سبتمبر عام 2023. والثاني تجريد إيران من كافة أوراقها الضاغطة لأخذها مرغمة إلى طاولة المفاوضات في ما يتعلق بملفها النووي وتفكيك شبكة صواريخها الباليستية التي تهدد المصالح الأميركية وأمن إسرائيل، تجنبًا لدخول الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع طهران.

يقع لبنان اليوم بين المطرقة الأميركية وسندان تسليم الحزب سلاحه وارتباطه بالمشروع الإيراني. هذا ما بات يتجاوز قدرة لبنان على الاحتمال، لهذا صارت كافة السيناريوهات مطروحة على الطاولة، لاسيما سيناريو “غزة 2″، فهل سيرتدع حزب الله قبل الانزلاق نحو الهاوية ويمضي في مشروع تسليم السلاح والتسوية الكبرى؟.

7