لا محاكمة بتهمة التآمر للأمير حمزة لكن المحاكمة المعنوية بدأت

عمان – لم تشمل قائمة المتهمين الذين تمت إحالة ملفاتهم إلى المدعي العام اسم الأمير حمزة، ما يعني وفق مصادر أردنية أن “تبرئة” وليّ العهد السابق من تهمة التآمر لن تعفيه من محاكمة معنوية قد تلزمه بالبقاء لمدة طويلة في ما يشبه الإقامة الجبرية، والتعهد بعدم الإدلاء بتصريحات أو مواقف أو اتصالات يعبّر من خلالها عن مواقفه السابقة التي كانت تنتقد الأوضاع.
وقال مصدر أردني مطلع لـ”العرب” إنه تم تخيير الأمير حمزة بين محاكمة علنية يتم فيها كشف حلقة اتصالاته الداخلية والخارجية ودوره في “المؤامرة” التي “كانت تستهدف الأردن وقيادته”، وبين السكوت التام في المستقبل ما عدا التصريحات التي تظهر الولاء للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ووليّ عهده الأمير الحسين بن عبدالله.
وأشار المصدر إلى أن الأمير حمزة سيجد نفسه مجبرا على الاعتراف بالترتيبات القائمة داخل الأسرة، وهي ترتيبات كان يرفضها ويشعر أنها لم تعطه حقه، وأن ليس أمامه من خيار سوى إظهار الطاعة للملك ولوليّ عهده كأمر واقع في الحاضر والمستقبل، مقابل الخروج من الوضعية الصعبة التي هو فيها الآن.
وكان الأمير حمزة قد ظهر، في الصورة التي هدفت لإظهار “تماسك” الأسرة الهاشمية، واقفا في الصف الثاني خلف الملك ولم يكن إلى جانبه أو إلى جانب ولي العهد مباشرة، وهي وضعية حملت إشارة قبوله بأنه من أمراء الصف الثاني، وفيها اعتراف بالواقع الذي كان يشتكي من أنه قد وضعه على الهامش.
وسمّى الملك عبدالله الأمير حمزة ولياً للعهد عام 1999 بناءً على رغبة والده الراحل الملك الحسين عندما كان ابنه الأمير الحسين في الخامسة، لكنّه نحّاه عن المنصب عام 2004 ليسمّي عام 2009 ابنه الحسين وليًا للعهد.
وأعلن التلفزيون الرسمي الأردني الاثنين إحالة ملف الاعتقالات المرتبطة بملف الأمير حمزة إلى المدعي العام لاستكمال إجراءات المحاكمة.
جاء ذلك وفق ما نقلته قناة “المملكة” الأردنية (رسمية) نقلا عن مصدر لم تذكر طبيعته أو تسمّه.

بشر الخصاونة: كان هناك حديث بين الأمير حمزة وعوض الله عن تحريض ضد الملك
وقال المصدر إن “ملف الاعتقالات المرتبطة بملف الأمير حمزة بن الحسين (الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني) تم تحويله إلى المدعي العام”.
وأوضح أن “مسألة الأمير حمزة ستحل ضمن إطار الأسرة الهاشمية”، ما يعني استثناءه من إجراءات المحاكمة أمام القضاء.
وجاء نفس هذا الموقف في كلمة لرئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة خلال لقائه بمجلس الأعيان ما يؤكد أن التوجه الرسمي في التعاطي مع موضوع “المؤامرة” هو فصل الأمير حمزة عن مسار القضاء وحلّ الخلاف معه داخل الأسرة وإلزامه بعدم العودة إلى حملات النقد لأداء المؤسسة الرسمية في إدارة الأزمات.
ولا يعني هذا الفصل تبرئته، في وقت يواصل بعض المسؤولين الكشف عن تفاصيل من ملف الأبحاث لتأكيد وقوف الأمير حمزة بشكل مباشر وراء ما جرى من استهداف للملك.
وقال الخصاونة إنه تحدث في لقائه بمجلس الأعيان عن تحركات وزيارات قام بها الأمير حمزة، وإن باسم عوض الله (رئيس الديوان الملكي الأسبق) كان على اتصال به وينسق معه منذ أكثر من سنة، وأنه كان هناك حديث عن تحريض ضد الملك ومخالفة الدستور.
وأضاف رئيس الوزراء الأردني “إن المتهمين في القضية سيحالون إلى المدعي العام باستثناء الأمير الذي سيتم التعامل معه داخل إطار العائلة”.
لكنّ متابعين للشأن الأردني يحذرون من أن هذا التمييز في التعامل قد يثير المزيد من الغضب في صفوف العشائر التي تم اعتقال بعض أبنائها ممن كانوا يعملون ضمن حاشية الأمير حمزة.
وتقول شخصيات عشائرية إن العشائر تدعم الأسرة الهاشمية بأكملها، وإنها لا تريد الانجرار إلى ما تعتبره صراعًا عائليًا داخليًا.
وقال أحد الدبلوماسيين الغربيين في تصريحات لصحيفة وول ستريت جورنال “إذا تُركت (الجروح بين الدولة والعشائر) دون علاج، فإنها ستتراكم وتنتشر في الكثير من الجسد السياسي بحيث لن تتمكن (السلطات) في النهاية من تضميدها”، وإن هذا “سيكون صداعا إضافيا في العلاقة بين المواطن والدولة”.
واتهمت الحكومة الأردنية الأحد الماضي وليّ العهد السابق الأمير حمزة (41 عاما) وأشخاصًا آخرين من الحلقة المحيطة به بالتورط في مخطط “لزعزعة أمن الأردن واستقراره”، واعتقل نحو عشرين شخصا بينهم باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، بينما وُضع الأمير حمزة في الإقامة الجبرية.
لكن الملك عبدالله الثاني قال في رسالة بثها التلفزيون الرسمي الأربعاء الماضي إن “الفتنة وئدت” مؤكدا أن “الأمير حمزة اليوم مع عائلته في قصره وتحت رعايتي”.
وقال الأمير حمزة، بحسب بيان للديوان الملكي نشر مساء الاثنين، في رسالة “أضع نفسي بين يديّ جلالة الملك، مؤكّداً أنّني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفياً لإرثهم، سائراً على دربهم، مخلصاً لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك”.
وجاء ذلك بعد تكليف العاهل الأردني عمه الأمير الحسن بن طلال بالتعامل مع قضية الأمير حمزة.