لا شيء يدعو إلى القلق في الرياض بشأن آليات الحكم

الأوساط السعودية القريبة من محيط الحكم ومن العائلة الحاكمة لا تشعر بالقلق بشأن إدارة الدولة سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل.
الأربعاء 2020/07/22
مسيرة الإصلاح متواصلة

الرياض – تسير الحياة بنسقها المعتاد في العاصمة السعودية بعد الإعلان عن الحالة الصحية المستقرة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز والتطمينات التي صدرت من أبنائه إلى السعوديين، وهو ما يؤكد أن لا شيء يدعو إلى القلق بشأن القيادة في السعودية ومستقبلها، وأن آليات الانتقال في حال الطوارئ تبدو متماسكة.

وقالت مصادر سعودية إن الحالة الصحية للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز مستقرة، وذلك بعد دخوله مستشفى في العاصمة الرياض الاثنين بسبب التهاب في المرارة، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام السعودية.

وكانت وسائل الإعلام الرسمية قد نقلت الاثنين عن بيان للديوان الملكي أن الملك سلمان (84 عاما) الذي تقلد الحكم في 2015 دخل مستشفى الملك فيصل التخصصي لإجراء بعض الفحوص. ولم يذكر البيان مزيدا من التفاصيل.

وقال مسؤول في المنطقة طلب عدم ذكر اسمه إنه تحدث مع أحد أبناء الملك سلمان الاثنين وكان “هادئا”، وإنه لا يوجد شعور بالقلق بشأن صحة العاهل السعودي. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الملك سلمان تلقى اتصالات هاتفية من زعماء الكويت والبحرين والأردن.

وقال مصدر دبلوماسي إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سافر عائدا إلى الرياض الاثنين من قصره في مدينة نيوم المطلة على البحر الأحمر وألغى اجتماعا كان مخططا له مع وفد عراقي زائر.

وكان آخر ظهور علني للملك سلمان في التاسع عشر من مارس حين ألقى كلمة مدتها خمس دقائق عبر التلفزيون بشأن جائحة فايروس كورونا. ونشرت وسائل الإعلام الرسمية صورا وتسجيلات مصورة للملك وهو يرأس اجتماعات أسبوعية للحكومة عبر الإنترنت. كما نشر الإعلام صورا لولي العهد وهو يحضر هذه الاجتماعات عبر الإنترنت.

ويشير متابعون للشأن الخليجي إلى أن الأوساط السعودية القريبة من محيط الحكم ومن العائلة الحاكمة لا تشعر بالقلق بشأن إدارة الدولة سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، لافتين إلى أن السنوات الماضية كانت مهمة في ترسيخ الملك سلمان لآليات الحكم من خلال توسيع دائرة الشورى وزرع مناخ الثقة داخل الأطراف المقربة من السلطة، وبالذات داخل أسرة آل سعود بأجيالها المختلفة، وخاصة الأجيال الشابة التي باتت تدعم الإصلاحات بمفهومها الشامل وتنظر إليها على أنها ضمانة استقرار للمملكة.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن الأطراف المحيطة بالسلطة غادرت دائرة الشك التي أحيطت بالإصلاحات، وهو شك تضخم بالتزامن مع الاشتغال الإعلامي لخصوم المملكة، ومحاولة استثماره لدفع الملك سلمان إلى مراجعة خيار الحد من نفوذ المتشددين، وانفتاح المملكة التدريجي على القيم الكونية وإغناء ثقافة الشباب السعودي بالفنون المختلفة، مشيرين إلى محاولات الإيحاء الملتبسة التي رافقت ذلك بإظهار الإصلاح وكأنه قرار شخصي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان وليس خيارا رسميا للدولة مدعوما من الملك سلمان.

Thumbnail

وتخطى الأمير محمد بن سلمان محاولات التشكيك وبات في نظر الداخل والخارج ضمانة لانتقال سياسي آمن ومرن في حالة الطوارئ، خاصة أن الرجل بات يمسك بكل مفردات السلطة ويحوز على ثقة أوسع داخل العائلة الحاكمة، وساهمت الحملة على الفساد في ذلك بالرغم مما أحيط بها من تسريبات وإشاعات وتأويلات كان الهدف منها إفشال الرهان عليه كرجل للمستقبل.

وإذا كان من المنطقي أن يثير صعود الأمير محمد بن سلمان نقاشا داخل الأسرة الحاكمة في سياق توازناتها وتقاليدها الداخلية في الاختيار والترشيح، فإن الحرب على المتشددين والسعي لتفكيك نفوذهم داخل مؤسسات البلاد وكف أيدي المستفيدين الأجانب من رخاوة القرار في السعودية ولجم مسعاها للتحول إلى قطب إقليمي فعّال، كلها عناصر أكسبت ولي العهد السعودي مشروعية داخل الأسرة، وخاصة الأمراء الشباب، فضلا عن مشروعية شعبية واسعة أهلته ليكون ضمانة المستقبل.

ويحسب لولي العهد تحمّسه للإصلاحات الشاملة التي تضمنتها رؤية 2030، وهو خيار الضرورة الذي أصبح الشباب السعودي يدافع عنه ويروج له باعتباره خيارا للدولة وليس خيارا شخصيا للأمير محمد بن سلمان.

ولئن اختار ولي العهد السعودي في الفترة الأخيرة أن يقلّل من الحضور الإعلامي، فإن كل الخيوط تتجمع عنده سواء ما تعلق منها بملفات الإصلاح الداخلية، أو ما اتصل بمسألة تقوية النفوذ السعودي الإقليمي بما يتماشى مع إمكانيات المملكة وحجمها وتاريخها، والقطع مع الأداء الدبلوماسي المبني على الرخاوة والغموض، والتأسيس لدبلوماسية نشطة وفعالة تراهن على العمق العربي لمنافسة المشاريع الإقليمية المضادة خاصة الإيرانية والتركية.

1