لا سلام وشيكا بين السعودية وإسرائيل

المنامة - أثارت انتقادات حادة من مسؤول سعودي سابق لإسرائيل، خلال مؤتمر إقليمي عقد في العاصمة البحرينية المنامة، تساؤلات عدة لاسيما من حيث توقيتها، وعما إذا كانت وليدة شعور الرياض بعدم اضطرارها للسير في مسار سلام مع تل أبيب مع قرب رحيل الإدارة الأميركية الحالية.
وأطلقت إدارة دونالد ترامب منذ أغسطس الماضي مسارا لتطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية، بإبرام كل من الإمارات والبحرين والسودان اتفاقات سلام مع إسرائيل، وسط ترجيحات أميركية بانضمام عدة دول من بينها السعودية.
وأظهرت الرياض ترددا كبيرا في الانضمام إلى هذا المسار في ظل تحديات كبيرة تواجهها في الداخل والخارج. في المقابل، تسعى تل أبيب جاهدة إلى تحقيق الهدف المنشود بالنظر إلى الثقل الذي تتمتع به المملكة بالنسبة إلى العالمين العربي والإسلامي.
وفي تصريحات شديدة اللهجة، قال الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، إن إسرائيل تقدّم نفسها بأنها “دولة صغيرة تعاني من تهديد وجودي محاطة بقتلة متعطشين للدماء يرغبون في القضاء عليها”. وتابع “ومع ذلك، فإنهم يصرحون برغبتهم أن يصبحوا أصدقاء مع السعودية”.
ووصف الأمير تركي إسرائيل بأنها “قوة استعمارية غربية” متحدثا عن إجراءات إسرائيل وتهجير الفلسطينيين قسرا وتدمير القرى. وأضاف أن الإسرائيليين “يهدمون المنازل كما يشاؤون ويقومون باغتيال من يريدون”.
وأثارت تصريحات المسؤول السعودي السابق استنكار إسرائيل التي سارعت إلى الرد عبر وزير خارجيتها غابي أشكنازي الذي شارك بدوره في حوار المنامة عبر تقنية الاتصال المرئي، إذ قال إنه يشعر “بالأسف” لما صدر.
وكتب أشكنازي بعدها في تغريدة على تويتر “الاتهامات الكاذبة للممثل السعودي في مؤتمر المنامة لا تعكس الحقائق أو روح التغيير التي تمر بها المنطقة”. وأضاف “رفضت تصريحاته وأكدت أن عصر إلقاء اللوم قد انتهى. نحن في فجر عصر جديد. عصر السلام”.
وأكد الأمير تركي أن تصريحاته تمثل رأيه الشخصي، وأعرب عن شكوكه في اتفاقات السلام التي وقعتها دول خليجية مع إسرائيل. واعتبر أنه “لا يمكنك علاج جرح مفتوح باستخدام مسكنات الألم”.
ولا يستبعد البعض أن يكون الموقف السعودي ردا على ترويج وسائل إعلام إسرائيلية لرواية عن زيارة سرية أداها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السعودية في نوفمبر الماضي التقى خلالها بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكانت المملكة سارعت إلى نفي أمر تلك الزيارة، وقال وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان السبت، إن موقف المملكة ما زال ثابتا.
وأكد “كنا واضحين تماما بأنه من أجل أن نمضي قدما في التطبيع علينا أن نرى تسوية للنزاع الفلسطيني ودولة فلسطين قابلة للحياة على غرار ما تم تصوره في مبادرة السلام العربية عام 2002”.
وأضاف “بدون تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فإننا لن نرى سلاما حقيقيا واستقرارا في المنطقة”. وردا على سؤال إن كان يستبعد إقامة روابط مع الدولة العبرية قريبا، أكد وزير الخارجية السعودي أنه “متفائل بوجود طريق نحو حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
واعتبر محللون سعوديون أن الهدف من نشر خبر زيارة نتنياهو هو إحراج الرياض المتمسكة بمبادرة السلام العربية لتسوية النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني كمدخل لأي تطبيع، وأشاروا إلى أن تلك التسريبات “المزيفة” أثارت غضب الجهات العليا بالمملكة.
وقال أشكنازي خلال مشاركته في مؤتمر “حوار المنامة” الأحد، إن “اتفاقات أبراهام لا تأتي على حساب الفلسطينيين، بل العكس تماما. إنها تشكل فرصة يجب عدم إضاعتها”.
وأضاف “أدعو الفلسطينيين إلى تغيير رأيهم والدخول في مفاوضات مباشرة معنا من دون شروط مسبقة. إنها الطريقة الوحيدة لحل هذا الصراع”.
ومفاوضات السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني متوقفة منذ عام 2014. وتقيم العديد من دول الخليج منذ سنوات علاقات سرية مع إسرائيل، وذلك على خلفية المخاوف المشتركة تجاه إيران بشكل خاص، بينما تشجّع الولايات المتحدة الجانبين على تطبيع العلاقات.
ويرى مراقبون أن فرضية إطلاق مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية تبدو واردة وعلى نحو كبير خلال عهد الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الديمقراطي جو بايدن.
ويشير المراقبون إلى أن هناك إمكانية أن يعمد بايدن إلى تجميد مسار التطبيع العربي – الإسرائيلي لصالح إحياء هذا الملف وأن دولا محورية مثل مصر والأردن وأيضا السلطة الفلسطينية بدأت ترتب أوراقها استعدادا لذلك.