لا رسائل إيجابية للمجتمع الدولي في إعلان طالبان عن حكومتها

الاتحاد الأوروبي يستنكر تشكيل أفغانستان حكومة "غير شاملة" ولا "تمثيلية".
الخميس 2021/09/09
طالبان تواجه الاحتجاجات في الداخل والانتقادات في الخارج

استقبلت الأسرة الدولية الأربعاء إعلان طالبان عن حكومتها بحذر شديد وبعدم تفاؤل أكبر، حيث انتقد الاتحاد الأوروبي وألمانيا هذه التشكيلة التي لم تكن جامعية وفق هؤلاء، فيما تعهدت جبهة المقاومة الوطنية التي تضم آخر القوات المناهضة لحركة طالبان باعتبار الحكومة الأفغانية الجديدة غير شرعية مشيرة إلى أنها ستصبح منبوذة.

كابول - واجه إعلان حركة طالبان المتشددة في أفغانستان عن حكومتها مساء الثلاثاء انتقادات لاذعة من قبل عدة دول رأت عدم تطابق بين تعهدات الحركة التي عادت مؤخرا للحكم إثر انهيار القوات الأفغانية التي دربتها الولايات المتحدة وأفعالها.

كما تواجه الحركة التي ضمت أسماء قيادات داخلها فقط للمناصب الوزارية في الحكومة المؤقتة احتجاجات شعبية متصاعدة في مدن كبرى أفضت في محافظة هرات الثلاثاء إلى مقتل شخصين على يد قوات طالبان.

وخارجيا، انتقد الاتحاد الأوروبي الأربعاء الحكومة المؤقتة التي شكلتها حركة طالبان، معتبرا أنها غير “جامعة” ولا ذات صفة “تمثيلية” للتنوع الإتني والديني في البلاد.

وقال ناطق باسم الاتحاد الأوروبي في بيان “بعد تحليل أولي للأسماء المعلنة، لا يبدو أن التشكيلة الحكومية جامعة وذات صفة تمثيلية للتنوع الإتني والديني الغني في أفغانستان الذي كنا نأمل أن نشهده ووعدت به طالبان خلال الأسابيع الأخيرة”.

هايكو ماس: حكومة لا تشارك فيها جماعات أخرى إشارة لا تبعث على التفاؤل

وشددت دول الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي في اجتماع لوزراء خارجية التكتل على ضرورة إرساء “حكومة جامعة وذات صفة تمثيلية” في كابول.

وأشار المتحدث إلى أن ذلك كان “أحد الشروط الخمسة الموضوعة” لإقامة علاقات بين التكتل الأوروبي والسلطة الأفغانية الجديدة.

وأعلنت الحركة الإسلامية المتشددة المعروفة بحكمها القاسي والقمعي في فترة حكمها الأولى بين الأعوام 1996 و2001، تشكيل حكومة غير “جامعة”، على عكس تعهداتها.

وتتكون الحكومة التي سيترأسها الملا محمد حسن أخوند، وهو معاون سابق للملا عمر مؤسس الحركة الذي توفي عام 2013، حصرا من أفراد ينتمون إلى طالبان. ويتحدر جميعهم تقريبا من اتنية البشتون.

وأسماء العديد من الوزراء الجدد، وبعضهم كان بالفعل مؤثرا للغاية في ظل نظام طالبان السابق، مدرجة على قوائم عقوبات الأمم المتحدة. وقبع أربعة منهم في سجن غوانتانامو الأميركي.

ورئيس الوزراء محمد حسن أخوند معروف بكونه هو من وافق على تدمير تمثال باميان بوذا العملاق (وسط) عام 2001، وفقا لمدير تحرير مجلة لونغ وور ومقرها الولايات المتحدة، بيل روغيو.

وأبدت ألمانيا قلقها إزاء الفريق الحكومي الذي أعلنته طالبان وذلك على لسان وزير خارجيتها هايكو ماس.

وقال ماس الأربعاء “إعلان حكومة مؤقتة لا تشارك فيها جماعات أخرى، والعنف الذي وقع الثلاثاء ضد المتظاهرين والصحافيين في كابول ليس إشارات تبعث على التفاؤل”.

ومازال الأفغان، الذين شهدوا تقدما كبيرا في مجالات التعليم والحريات المدنية في ظل الحكومة المدعومة من الغرب على مدى 20 عاما مضت، يخشون نوايا طالبان وينظمون مظاهرات يوميا منذ أن تولت طالبان السلطة.

وعلى غرار ما حدث في الأيام الماضية، خرجت تظاهرات جديدة مناهضة للنظام الأربعاء غداة مقتل شخصين في هرات غرب أفغانستان.

وقامت حركة طالبان بتفريق مسيرة صغيرة خاطفة في كابول. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الأمر نفسه حدث في فايز أباد (شمال شرق).

وقال ماس إن بلاده على استعداد لمواصلة الاتصالات مع طالبان في محاولة لضمان السماح للمزيد من الأشخاص بمغادرة البلاد التي تعاني من نقص المواد الغذائية وتوقف المدفوعات الدولية.

وقبيل اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في قاعدة رامشتاين الأميركية، شدد وزير الخارجية الألماني “على الحاجة إلى التنسيق الوثيق”، قائلا إنهما سيبحثان كيفية التعامل مع طالبان وكيفية إجلاء المزيد من الناس من البلاد.

وكانت الصين، التي تربطها حدود مع أفغانستان، قد دعت إلى حكومة “منفتحة وممثلة للجميع” بعد وصول طالبان للسلطة وسط الفوضى التي أعقبت انسحاب القوات الأميركية.

وقال وانغ ون بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية الأربعاء إن بكين تعتبر تشكيل حكومة جديدة خطوة ضرورية صوب إعادة إعمار أفغانستان.

وأضاف وانغ في إفادة صحافية “نأمل أن تستمع السلطة الجديدة في أفغانستان للشعب من جميع الأعراق والفصائل لترقى إلى مستوى طموحات شعبها وتوقعات المجتمع الدولي”.

وتابع وانغ في تصريحات ردا على سؤال عما إذا كانت الصين ستعترف بالحكومة الجديدة، قائلا إن بلاده مستعدة للاستمرار في التواصل مع الزعماء في تلك الحكومة.

دول الاتحاد الأوروبي شددت في اجتماع لوزراء خارجية التكتل على ضرورة إرساء “حكومة جامعة وذات صفة تمثيلية” في كابول

وفي طوكيو قال مسؤول بارز إن اليابان ترقب أفعال طالبان وستبقى على التعاون مع الولايات المتحدة ودول أخرى في حين تبدي قلقها على سلامة مواطنيها في أفغانستان.

وقال كاتسونوبو كاتو كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني “نفعل ما في وسعنا، عبر جهود مختلفة منها الحوار العملي مع طالبان، على ضمان سلامة المواطنين اليابانيين وأفراد الطاقم المحلي هناك”.

ووعد كذلك بدعم اليابانيين الراغبين في مغادرة أفغانستان.

وقالت الأمم المتحدة إن الخدمات الأساسية تنهار في أفغانستان إذ توشك المواد الغذائية وغيرها من المساعدات على النفاد. وأضافت أن أكثر من نصف مليون أفغاني نزحوا داخل البلاد هذا العام.

وفي أحدث ردود الفعل الأربعاء نددت جبهة المقاومة الوطنية وهي آخر قوات مناهضة لطالبان تقهقرت مؤخرا في وادي بانشير بالحكومة “غير الشرعية” قائلة إن مصيرها ستكون منبوذة.

وهذه القوات يقودها أحمد مسعود ابن القيادي التاريخي أحمد شاه مسعود الذي اغتيل في 2001 على أيدي تنظيم القاعدة قبل يومين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر.

وقال علي ميسم ناظري الناطق باسم الجبهة إن “الحديث عن طالبان عصرية انتهى… لا وجود لطالبان مؤيدة لحكومة جامعة”.

وأضاف “ستصبح حكومة منبوذة، حكومة غير شرعية… انظر إلى عدد الإرهابيين في هذه الحكومة. ونتوقع أن يقوموا بإصلاحات؟”.

وقال ناظري إن الحكومة الجديدة لا تمثل التنوع الإتني في أفغانستان.

5