لا تخدعنك مظاهر التقدم فالحال مثل الدول العربية.. ابن الماليزية ليس ماليزيا

تحيز القوانين للرجل يصعّب على الأبناء التمتع بالخدمات الاجتماعية.
السبت 2021/07/17
الأطفال أمام خيارين: الحرمان من الجنسية أو الحصول عليها بشروط تعجيزية

لا يقتصر منع منح الجنسية لأبناء النساء المتزوجات من رجال أجانب على الدول العربية فحسب، فماليزيا التي تعد من الدول المتقدمة تحظر منح جنسيتها لأبناء الماليزيات المتزوجات من أجانب. وتقوم بعض الأمهات الماليزيات بإجراءات قانونية ضد الحكومة بسبب قواعد الجنسية. وقد يكون للانتصار تداعيات على عشرات الآلاف من العائلات ثنائية القومية ما يزيد الضغط على الدول الأخرى لإصلاح قوانينها.

كوالالمبور – تمتلك بطلة الكرة الصّائتة (الإسكواش) الماليزية السابقة تشونغ واي لي خزانة مليئة بالجوائز من السنوات الخمس التي لعبت فيها لبلدها. لكن، إذا ورث ابنها مواهبها الرياضية فلن يكون قادرا على تمثيل بلادها، وذلك لأن ماليزيا هي واحدة من 25 دولة لا تمنح الآباء والأمهات حقوقا متساوية في نقل جنسيتهم إلى أطفالهم.

ويحمل مايكل ابن تشونغ جنسية والده الأيرلندية ويعتبر أجنبيا في ماليزيا، البلد الذي يسميه وطنه.

وإلى جانب خمس أمهات ماليزيات أخريات، بدأت تشونغ إجراءات قانونية ضد الحكومة بسبب قواعد الجنسية “المتحيزة ضد المرأة والتي عفا عليها الزمن”، والتي يقلن إنها تُهدّد بترك الأطفال دون جنسية.

ويقول محامون إن الانتصار قد يكون له تداعيات على عشرات الآلاف من العائلات ثنائية القومية ويزيد الضغط على الدول الأخرى لإصلاح قوانينها.

وقالت تشونغ، التي كانت في يوم من الأيام أفضل لاعبة شابة في ماليزيا “أشعر بالخيانة الشديدة بعد كل ما فعلته لبلدي”.

وتابعت لمؤسسة طومسون رويترز “ماليزيا هي وطننا لكن ابني يعيش هنا أجنبيّا”.

وتنشأ المشكلة عندما يولد أطفال لنساء ماليزيات في الخارج مع أزواج أجانب. وعلى الرغم من أن الرجال الماليزيين يمكنهم منح الجنسية للأطفال المولودين في الخارج تلقائيا، إلا أن النساء لا يتمتعن بنفس الحق.

وقال محامي النساء جوشوا أندران “إنه لأمر محرج أن يبقى هذا الوضع قائما في 2021″، مضيفا أن مثل هذه القوانين يمكن أن يكون لها عواقب مأساوية.

وينتهي المطاف ببعض النساء المحاصرات في زيجات مسيئة خوفا من فقدان حضانة أطفالهن، بينما قد ينتهي الأمر ببعض النساء إلى الانفصال عن أطفالهن إذا انهار زواجهن.

وقال أندران إن الوباء أكد الحاجة الملحة لحل المشكلة، حيث لا تستطيع بعض الأمهات في الخارج العودة إلى ديارهن بسبب قيود دخول الأجانب التي تشمل أطفالهن.

وأكّد أن “القانون نتاج نظام أبوي.. والضرر الذي يسببه لهذه العائلات كبير للغاية”.

قرارات التقدم بطلب للحصول على الجنسية للأطفال المولودين في الخارج غالبا ما تستغرق سنوات ويبقى الرفض أمرا شائعا

وكافحت تشونغ لسنوات للحصول على الجنسية الماليزية لمايكل، البالغ من العمر الآن سبعة أعوام، والذي ولد بينما كانت العائلة تعيش في هونغ كونغ حيث كانت تعمل.

وعلى الرغم من أنه يمكن للمرأة الماليزية التقدم بطلب للحصول على الجنسية للأطفال المولودين في الخارج، إلا أن القرارات غالبا ما تستغرق سنوات ويبقى الرفض أمرا شائعا.

وقالت تشونغ من كوالالمبور “حان وقت التغيير. نريد حقوقا متساوية”.

ولا يتمتع الأطفال مثل مايكل بنفس الحقوق في التعليم المجاني والرعاية الصحية مثل الأطفال الماليزيين، وقد صعّب الوباء تجديد التأشيرات أكثر.

وقال نشطاء إن الرسوم المدرسية والتأمين الصحي وتكاليف التأشيرة يمكن أن تشكل عبئا ماليا خطيرا على العائلات.

وغالبا ما يمنع ذلك النساء من العودة إلى المنزل لتربية أطفالهن، ويعزز خوفهن من اضطرار الأطفال لمغادرة البلاد بمجرد بلوغهم سن الرشد.

وفي مايو، طلبت الحكومة الماليزية من المحكمة العليا إسقاط دعوى النساء، معتبرة إياها “تافهة”. لكن القاضي حكم على أنها قضية مهمة وقال إنه يتعين على الحكومة تقديم تبرير لما يبدو أنه تمييز.

ولم ترد الحكومة التي تستأنف الحكم على طلب للتعليق. ومن المتوقع النطر في القضية الشهر المقبل.

وقالت مجموعة فاميلي فرونتيرز، وهي مدعية في القضية أيضا، إن عدد العائلات ثنائية الجنسية يتزايد كل عام وأن القانون يجب أن يلحق بالركب. وقالت المتحدثة تشي يوك لينغ “ليس من المنطقي أن تجعل الحكومة من الصعب على النساء العاملات العودة إلى ديارهن في وقت تحرص فيه البلاد على عكس اتجاه نزيف الأدمغة”.

Thumbnail

وأكدت أن بعض الحالات التي تعاملت معها كانت “مؤلمة”. حيث أن “بعض النساء يضطررن للاستمرار في زيجات سيئة للغاية لأنهن خائفات للغاية لدرجة أنهن إذا رحلن فلن يتمكن أطفالهن من العودة معهن لأنهم ليسوا ماليزيين”.

وقالت تشي إنه في الحالات التي لا يتمكن فيها الأب من منح جنسيته، ينتهي الأمر بالأطفال بأن يُصبحوا عديمي الجنسية. ويُحرم عديمو الجنسية من الحقوق الأساسية وغالبا ما يكونون غير قادرين على الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والشغل والسكن.

ومُنحت سيدة الأعمال الماليزية ريكا سين، وهي مدعية أخرى في القضية التي وُلد أطفالها الثلاثة في تايلاندا المجاورة، الجنسية لطفل واحد، لكن ليس للأطفال الآخرين دون أي تفسير.

وقالت سين، التي أسست شركتها للمجوهرات في ماليزيا لكنها تعيش في بانكوك، إن بلادها تخاطر بفقدان الكثير من المهنيين العاملين من خلال خلق حواجز تحول دون عودتهم.

وأضافت “ماليزيا هي موطني وأردت دائما رد الجميل لبلدي، لكنني أشعر أن الباب مغلق الآن في وجهي من نواح كثيرة”.

وقالت إن الوباء سلّط الضوء على الضرر الناجم عن قوانين الجنسية التمييزية، حيث تُركت بعض العائلات منفصلة حين قُيّدت الدول دخول غير المواطنين.

وأضافت “لقد ضاعف كوفيد – 19 القضية. فهذه القوانين تسبب محنة بالفعل”.

ونجد قوانين مماثلة لماليزيا في ست دول، بما في ذلك بربادوس والعراق وليبيريا.

لا تسمح 18 دولـــة أخـرى، بما في ذلك نيبـــال والكويـت وماليزيا، للأمهات بمنح الجنســـية لأطفالهن حتى لو ولدوا في البلاد

ولا تسمح 18 دولة أخرى، بما في ذلك نيبال والكويت والمملكة العربية السعودية، للأمهات بمنح الجنسية لأطفالهن حتى لو ولدوا في البلاد.

لكن الحملة العالمية للمساواة في حقوق الجنسية قالت إن هناك زخما متزايدا لمعالجة المشكلة مع قيام أكثر من 20 دولة بتعديل قوانين المواطنة التمييزية منذ عام 2003، على الرغم من أن الإصلاحات غالبا ما كانت جزئية.

وتقول الأمهات الماليزيات إن أحكام الدستور المتعلقة بالجنسية تنتهك المادة 8 من الدستور، التي تحظر التمييز بين الجنسين، وتسعى للحصول على إعلان بأن الأمهات يمكنهن نقل الجنسية إلى الأطفال المولودين في الخارج.

وقالت سين “ليس لهذا القانون مكان عام 2021، إنه قديم ولا معنى له”.

كما تواجه العربيات المتزوجـــات مـــن أجانـب مشـكلة عـــدم القدرة علـــى منح جنســـياتهن الأصلية لأبنائهـــن. فقوانين منـــح الجنسـية لأبنـــاء المتزوجـات من أجانـــب توصـف فـــي دول عربية بأنها متحيزة للرجل بشـــكل كبير.

و تحرم القوانين الأم من منح جنسـيتها لأبنائهـا، كما أنه يتم منح الجنسية بشـروط تعجيزية في دول أخرى.

وحسـب موقع هيئة الخبراء بمجلس الـــوزراء الســـعودي، تواجـــه حوالي 700 ألف امرأة ســـعودية هذه المشـــكلة. وفي لبنان أيضا، تعاني نحو 80 ألف امرأة من المشكلة ذاتها.

ولا تســـمح 18 دولـــة أخـــرى، بما في ذلك نيبـــال والكويـــت وماليزيا، للأمهات بمنح الجنســـية لأطفالهن حتى لو ولدوا في البلاد. لكن الحملـــة العالمية للمســـاواة في حقـــوق الجنســـية قالت إن هنـــاك زخما متزايـدا لمعالجة المشـــكلة مع قيام أكثر مـــن 20 دولـــة بتعديل قوانيـــن المواطنة التمييزية منذ عام 2003 ،على الرغم من أن الإصلاحات غالبا ما كانت جزئية.

وقررت رايان إعلامية لبنانية متزوجة من رجـل بحريني كانت أســـقطت عنه جنسيته البحرينية، وزوجها عدم إنجاب طفـل لأن والدته لـــن تســـتطيع إعطاءه الجنســـية اللبنانية، ووالده مسقطة عنه الجنســـية بطبيعة الحال، حيث سيواجه الطفـــل فـــي المســـتقبل مشـــكلة انعدام الجنسية. وقالــت “هيومن رايتـــس ووتش” إن على لبنان تعديل قانون الجنســـية البالي لضمان حصول أطفال وأزواج اللبنانيات علـــى الحق بالجنســـية أســـوة بزوجات وأطفال الرجال اللبنانيين.

ويميز القانون الحالي ضد النســـاء المتزوجات مـــن أجانـــب وأطفالهـــن وأزواجهـــن عبـــر حرمان هـــؤلاء مـــن الجنسية. ويؤثـــر على حياة الأطفـــال والأزواج مـــن جميع النواحي، بما فـــي ذلك الإقامة القانونيـــة وإمكانيـــة الحصـــول علـــى عمـــل والتعليـــم والخدمـــات الاجتماعية والعنايـــة الصحيـــة، كما ّ يعـــرض بعض الأطفال لخطـر انعدام الجنســـية. وعلى لبنان أن ينهي جميع أشكال التمييز ضد النســـاء اللبنانيات وأزواجهن وأطفالهن فـــي قانون الجنسـية، وفق مـــا دعا إليه حقوقيون.

21