"كيّاس ولاباس" مونودراما توظف الكوميديا السوداء لنقد المجتمع الجزائري

العرض المونودرامي "كيّاس ولاباس" يعالج من خلال مزاج وتقلبات شخصية البطل مشاكل اجتماعية ونفسية وسياسية متنوعة بتنوع الأشخاص في المجتمع الجزائري.
الخميس 2021/07/15
المستضعفون يهمشهم المجتمع

الجزائر- يعالج العمل الموندرامي الجزائري الجديد بعنوان “كيّاس ولاباس” للمخرج عبدالغاني شنتوف وأداء الفنان فوزي بايت العديد من القضايا الاجتماعية، حيث يمكننا تصنيفه كعمل درامي اجتماعي ممزوج بقالب فكاهي، من خلال شخصية العياشي (التي تقمصها الفنان فوزي بايت).

وينقل العمل يوميات محترفي مهنة الكياسة (التدليك) في الحمامات العمومية وواقعهم والمشاق التي تعترضهم والتضحيات التي يتكبدونها في سبيل كسب لقمة العيش وراحة مرتادي هذه الفضاءات.

وتعتبر مهنة الكياسة من المهن التقليدية المرتبطة بالحمامات المفتوحة للعموم، حيث أكثر مرتاديها لا يهتمون بالاغتسال في الحمام بقدر حاجتهم إلى “كيّاس” جيد ينعش أجسادهم المنهوكة.

العرض يحكي قصة مدلك في حمام عمومي يغرم بفتاة ويحاول الزواج بها فيما الواقع بتقلباته له كلمة أخرى

ويسرد العياشي الذي يعمل مدلكا بأحد الحمامات العذاب الذي سببته له رومانة التي التقاها بحافلة وتبعها إلى غاية بيت والدها دون أن يقول لها كلمة واحدة.

وكلما قرر البوح بحبه لها والكشف لها عن مهنته، تردد في ذلك خوفا من خسارتها ومن أن يتعرض إلى السخرية والاستهزاء، فيمنعه خوفه هذا من الإقدام على أي خطوة إيجابية.

وإذ تنتابه خيبة الأمل والقلق، يسرد العياشي بعض مراحل حياته مع والده لاسيما عندما علمه أن يرى المرأة كـ”قارورة غاز” يجب غلقها بشكل “محكم” خشية أن تنفجر، وهو ما يكتشف بأنه خاطئ، حيث تنقد المسرحية العادات المتوارثة والتعاليم الأبوية والذكورية التي تعمّق التناقض بين الجنسين وتسبب الكثير من الاضطرابات على حد السواء للرجال والنساء.

وتدور أحداث هذا العمل الفني الإبداعي، الذي ألفه المسرحي أحمد رزاق، بأحد الحمامات بمدينة جزائرية داخلية حيث يعمل المدعو العياشي، كياس الحمام، وعلى امتداد العرض، نراه مترددا في محاولات إقناع الفتاة التي سلبت قلبه بالزواج منه، فالخجل من مهنة الكياسة التي يمارسها يمنعه عن مصارحتها بذلك، وبالتالي ينتهي به المطاف إلى ألم مضاعف، هو ألم الخسارة.

وتتطور أحداث العمل وتتصاعد الدراما التي يقدمها في ظل المشاكل التي يواجهها الكياس مع مرتادي الحمام، وعندما يقتنع بضرورة المغامرة وإخبار الفتاة التي يريد الزواج منها بنوعية العمل الذي يسترزق منه، يكون قد أخذ القرار متأخرا، عندما يصل إلى مسامعه بأن المرأة التي كان يحلم بها أقدمت على الزواج من شخص آخر.

وعلى مدار أكثر من ساعة من الزمن، عالجت هذه القصة، من خلال مزاج وتقلبات شخصية البطل، مشاكل اجتماعية ونفسية وسياسية متنوعة بتنوع الأشخاص على اختلاف مشاربهم ومراتبهم في المجتمع، الذين يرتادون هذا المكان الاجتماعي المميز بشكل دوري نهاية كل أسبوع.

ورغم أن العمل جاء بصوت واحد فقد نجح في نقد المجتمع الجزائري ومن خلفه العربي بجرأة، حيث كشف الظروف الاجتماعية السيئة للضعفاء من ذوي الدخل المحدود وكيف يضيع حقهم في السعادة، حيث يتعرضون لأسوأ أنواع الاحتقار والتهميش والرفض، ما يخلف مرارة دائمة قد لا تمحوها السنين.

 وصرح المخرج شنتوف أن هذا العمل الموندرامي هو من الكوميديا السوداء، قائلا “الضحك والسخرية على غرار المسرح الشعبي يبقيان الخيارات الوحيدة لعودة الجمهور إلى المسرح”.

ويذكر أن العرض المونودرامي الجديد “كياس ولاباس” استقطب في أول عرض رسمي له مؤخرا، بمدينة بومرداس، جمهورا عريضا، خاصة من العائلات، حيث تجاوب وتفاعل بشكل لافت مع مختلف مراحل وتطورات هذه القصة المسرحية الواقعية.

ويندرج عرض هذا العمل المونودرامي، الذي أخرجه شنتوف وأداه الفنان فوزي بايت، بقاعة العروض لجامعة امحمد بوقرة، ضمن فعاليات أيام بومرداس الوطنية في المونودراما، بمشاركة عدد من الوجوه الفنية والمسرحية والسينمائية.

ينقل العمل يوميات محترفي مهنة الكياسة (التدليك) في الحمامات العمومية وواقعهم والمشاق التي تعترضهم والتضحيات التي يتكبدونها في سبيل كسب لقمة العيش

وتعيش مدينة بومرداس منذ الإثنين على وقع فعاليات أيام بومرداس الوطنية في المونودراما، التي ستتواصل على مدار خمسة أيام بمشاركة عدد من الفنانين والمسرحيين وجمعيات فنية ونقاد من مختلف محافظات الجزائر.

وتتضمن هذه الفعالية التي تستهدف إبراز المواهب الشبابية في العمل المسرحي، حسب المنظمين، عروضا مونودرامية وكوريغرافية وألعاب الخفة وورشات تكوينية، ينشطها عدد من الوجوه الفنية في المسرح والسينما، على أن تختم التظاهرة بتنظيم قافلة ثقافية ورحلة استكشافية إلى قصبة دلس العتيقة لفائدة المشاركين.

وتشرف على تنظيم هذه التظاهرة الثقافية، التي تحتضنها كل من قاعة العروض للجامعة ودار الثقافة رشيد ميوني بمدينة بومرداس، تحت شعار “شعلة الشباب وضرورة التكوين”، جمعية الشعلة للمسرح والسينما، بالتنسيق مع الرابطة الولائية للنشاطات الثقافية والعلمية والمعهد الوطني للفنون الدرامية ومديرية الشباب والرياضة بالمحافظة.

15