كيف يشيد مسعد بولس وستيف ويتكوف الممرات التكميلية لعلاقات أفضل في الشرق الأوسط

يتأهب مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والشرق أوسطية، وستيف ويتكوف المبعوث الخاص للشرق الأوسط، للعب أدوار محورية في تشكيل إستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة.
وكان لويتكوف دور فعال في التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقد أثار الاهتمام خلال زياراته الأخيرة إلى المنطقة. وفي الأثناء، ركز بولس بهدوء على لبنان، حيث نقل رسائل أميركية رئيسية إلى قادته السياسيين في ما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة في البلاد.
في حالة لبنان، عملت مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط (الدور الذي كان يشغله عاموس هوكشتاين خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن)على تحديد أولويات الولايات المتحدة بسرعة. وأعلنت بحزم عن وجوب إقصاء حزب الله من الحكومة خلال زيارتها إلى لبنان في 7 فبراير 2025. ووصفت ذلك بـ”الخط الأحمر” الأميركي، وشددت على التزام إدارة ترامب بسيادة لبنان.
ويبقى ويتكوف منخرطا في شؤون دبلوماسية وأمنية أوسع نطاقا ورفيعة المستوى مع حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، كإسرائيل والمملكة العربية السعودية وقطر ودول الخليج الأخرى ومصر والأردن، لتعزيز مبادرات السلام. كما من المتوقع أن يتصدى للتهديد الإيراني ويعزز الشراكات الأمنية الأميركية، بما في ذلك التعاون العسكري والاستخباراتي.
ولا يزال دور بولس الدقيق يتطور، وقد يشمل في المقام الأول بناء علاقات مع القادة والمجتمعات العربية، والاستفادة من تراثه العربي، وحذقه للغة، وعلاقاته الفريدة مع عائلة ترامب. ولن يكون من الحكمة الاستهانة بهذه الصفات. وسيتوقف نجاحه على قدرته في إقامة علاقات شخصية والتنقل بين الديناميكيات المعقدة مع الحلفاء والشركاء.
ويلعب ويتكوف وأورتاغوس وبولس أدوارا مميزة، ويحمل تعاونهم إمكانية تحقيق إنجازات مهمة.
تحدي غزة: تغيير المشهد الإقليمي
بولس يستطيع التكاتف مع ويتكوف لوضع أساس شرق أوسط يكون أكثر سلاما واستقرارا، من خلال وضع إستراتيجية فعالة
أدى اقتراح الرئيس ترامب بنقل الفلسطينيين من غزة إلى زيادة تعقيد الساحة الدبلوماسية في المنطقة. وواجهت الخطة مقاومة قوية من مصر والأردن ودول عربية أخرى بسبب المخاوف بشأن الاستقرار والسلام الإقليميين.
وقد تفاعلت الرياض، على وجه الخصوص، بسرعة وحزم مع اقتراح ترامب “بالسيطرة” على غزة، ورفضت المبادرة بشكل قاطع. وشددت وزارة الخارجية السعودية على أن إقامة الدولة الفلسطينية يبقى موقفا ثابتا وغير قابل للتفاوض. وأكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن السعودية لن تبني علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وحذرت قطر، التي لعبت دورا حاسما في التوسط في هدنة غزة، من أنه من السابق لأوانه مناقشة السيطرة على غزة أثناء فترة وقف إطلاق النار الهشة.
ويرى بولس، المتمتع بعلاقات وثيقة داخل الأوساط العربية واللبنانية والمسلمة الأميركية، في رد الفعل العنيف ضد خطة ترامب لغزة، وخاصة في السعودية، تحديا وفرصة في نفس الوقت. ويستطيع في الوقت المناسب التعاون مع المؤسسات المانحة العربية والإسلامية، مثل البنك الإسلامي للتنمية، والقطاع الخاص لتخطيط المساعدة التنموية والاستثمار في غزة. وسيكون الحفاظ على المشاركة الإستراتيجية مع القوى الاقتصادية في المنطقة ضروريا في عصر انخفاض المساعدات الأميركية الخارجية.
بولس: باني جسور إقليمي
دور بولس الدقيق لا يزال يتطور، وقد يشمل في المقام الأول بناء علاقات مع القادة والمجتمعات العربية
تنبع المزايا الأساسية التي يحظى بها بولس من تراثه العربي وعلاقاته الوثيقة مع عائلة ترامب، فابنه الأصغر، مايكل بولس، متزوج من تيفاني ترامب. ويقدر العرب الروابط العائلية، خاصة مع الشخصيات المؤثرة. ونشأ بولس في لبنان وينحدر من عائلة محترمة، مما منحه معرفة مباشرة بتاريخ المنطقة وسياستها وثقافتها. وهو معروف بسلوكه الودود، ويبدو صادقا ومنتبها لمحاوريه.
وهذا ما يمكّنه من التعامل بفاعلية مع مجموعة واسعة من القادة العرب في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياسة والتجارة والأعمال والثقافة والتعليم، وقد يكونون أكثر تقبلا للتواصل معه. وهو في موقع يسمح له بأن يصبح شخصية دبلوماسية أميركية موثوقة في جميع أنحاء المنطقة، مع الأفراد داخل الحكومة أو خارجها. ويمكن أن يلعب بولس دورا حاسما في تحقيق النجاح الإستراتيجي الأميركي على المدى الطويل.
ويركز ويتكوف على القضايا الدبلوماسية والأمنية رفيعة المستوى، وخاصة معالجة إيران وضمان الاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع. ويتعامل مباشرة مع القادة العسكريين ووكالات الاستخبارات والمسؤولين الحكوميين لمعالجة التهديدات الأمنية وإدارة العلاقات الأميركية – الإسرائيلية وتعزيز التحالفات مع دول الخليج. وتؤكد زياراته إلى السعودية وقطر، وخاصة ارتباطاته مع القادة الإسرائيليين، على مجالات تركيزه.
كما يمكنه التركيز على إنشاء أساس للتعاون الاقتصادي والتجاري والتنموي طويل المدى داخل المنطقة ومع الولايات المتحدة. ويمكن لبولس وويتكوف وأورتاغوس معا تعزيز قوة أميركا وسلامتها وازدهارها في المنطقة.
ويستطيع بولس منح الأولوية لإقامة حوارات إستراتيجية مع القوى الإقليمية وفي ما بينها، مع التركيز على المصالح الاقتصادية المشتركة. ويمكن أن تلعب خلفيته التجارية دورا حيويا هنا. وعلى الرغم من عدم تركيز بولس الخاص على الشرق الأوسط، إلا أن قدرته على إطلاق المحادثات في دوائر الأعمال يمكن أن تعزز الشراكات الاقتصادية والصفقات التجارية وفرص الاستثمار والتعاون الإقليمي. كما يستطيع تسهيل تفاهم ثنائي أكبر، وتقديم رؤى أميركية للقادة العرب، والعكس صحيح.
ويمكن تعزيز نجاح بولس بتشكيل فريق صغير لتفعيل مبادراته الإستراتيجية والاتصال مع المجتمعات العربية والمسلمة الأميركية، التي لعبت دورا أساسيا في توجيه الأصوات الانتخابية في ميشيغان للرئيس ترامب خلال نوفمبر الماضي. ويمكن أن يدعم بولس المشاركة بين قادة الأعمال والجمعيات في هذه الأوساط ودول المنطقة.
بولوس: كوشنر جديد
بولس لا يتمتع بشبكة كوشنر السياسية الواسعة، لكن موقعه في عائلة ترامب وقدرته على بناء العلاقات يمكّنه من إقامة علاقات قوية وتحويلها إلى شراكات
يستطيع بولس بلوغ مستوى التأثير الدبلوماسي الذي حققه جاريد كوشنر. ولعب كوشنر دورا حاسما في التوسط في اتفاقيات إبراهيم وتعزيز المشاركة الأعمق بين الولايات المتحدة والدول العربية، ويمكن أن يستفيد بولس من علاقاته الشخصية مع عائلة ترامب وجذوره العربية لفتح الأبواب أمام تفاعل هادف مع قادة الشرق الأوسط.
ولا يتمتع بولس بشبكة كوشنر السياسية الواسعة، لكن موقعه في عائلة ترامب وقدرته على بناء العلاقات يمكّنه من إقامة علاقات قوية وتحويلها إلى شراكات. ويمكن أن تكمّل هذه الشراكات أهداف السياسة الخارجية الأميركية الأوسع وتدعمها.
ويتولى بولس هذا الدور بفضل مؤهلاته والحماية التي توفرها الروابط العائلية. وأكد الرئيس ترامب باستمرار على أنه يعتبر الولاء العائلي أمرا بالغ الأهمية، وأن أيّ جهود لتقويض بولس، سواء في ما يتعلق بثروته أو خلفيته أو انتماءاته السياسية، ستواجه مقاومة.
ورغم التغطية الإعلامية السلبية التي تساءلت عن مصادر ثروة بولس ومعاملاته التجارية وخلفيته ومصداقيته، تبقى هذه انتقادات لا أساس لها من الصحة وتحاول تجريد دوره من الشرعية. وتولى بولس منصبه من خلال جهوده والمشاركة المجتمعية المستمرة والحملات الانتخابية في ميشيغان، حيث وجّه أصوات العرب الأميركيين والمسلمين الأميركيين بطريقة تاريخية ساعدت في تأمين فوز ترامب في ميشيغان. وأعادت مشاركته توجيه حساباتهم السياسية وأدخلتهم إلى تحالف الرئيس الموسع.
وسيُقابل أيّ جهد خارجي لإضعاف موقفه برد قوي من عائلة ترامب والإدارة نفسها، مما يضمن ترسيخ مكانة بولس وتواصل مساهماته في تشكيل السياسة الأميركية في المنطقة.
التوسع خارج لبنان: رؤية إقليمية
ويتكوف كان له دور فعال في التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وقد أثار الاهتمام خلال زياراته الأخيرة إلى المنطقة
ركز بولس جهوده على لبنان، لكن عليه أن يتبنى منظورا إقليميا أوسع إذا كان يهدف إلى إحداث تأثير حقيقي. وإذا كانت علاقاته القوية مع لبنان تمنحه نقطة انطلاق قيمة، فإن عليه أن يوسع تواصله الدبلوماسي إلى ما هو أبعد من بلد واحد، ليشمل مصر والأردن والسعودية والدول المشاركة في اتفاقيات إبراهيم. ويتجاوز دوره كمستشار أول للشؤون العربية والشرق أوسطية لبنان. أما إذا قصر تركيزه على هذا البلد، فسيخاطر بالحد من نفوذه وضياع فرص بناء تحالفات في الشرق الأوسط. إن على بولس، إن أراد التأثير الحقيقي على المنطقة، أن يسعى إلى معالجة تحديات الشرق الأوسط الأوسع، بما في ذلك التهديد الإيراني، وغياب الاستقرار الإقليمي، والديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة.
ويتمتع بولس بفرصة فريدة للاستفادة من العلاقات في جميع أنحاء العالم العربي، من المشرق إلى المغرب، لمواجهة التحديات التي تتجاوز الدول بشكل منفرد. ويخوّل له التركيز على كامل المنطقة تجنب الحد من نفوذه واغتنام الفرص لبناء تحالفات في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
ويفرض المشهد الجيوسياسي المتطور اتباع نهج أوسع بإشراك اللاعبين الرئيسيين وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة. ويتماشى هذا التركيز الإقليمي مع المصالح الإستراتيجية الأوسع التي تتبناها أميركا وحلفاؤها.
ويستطيع بولس وويتكوف أن يعملا معا من أجل تعزيز الدوار الإقليمي لكل منهما. ويمكن لبولس إشراك مجموعة واسعة من القادة العرب، داخل الحكومات وخارجها، مع التركيز على تعزيز الشراكات الاقتصادية وغيرها. كما يمكنه تعميق اتفاقيات إبراهيم القائمة وتفعيل اتفاقيات جديدة، وحتى جذب دول من خارج المنطقة مثل الهند وإندونيسيا وماليزيا. ويستطيع قيادة التنسيق الإستراتيجي مع الصناديق والبنوك والمؤسسات المانحة في الخليج لدعم إعادة إعمار غزة وتنميتها وفرص العمل فيها.
ويمكنه المساعدة في تحفيز مشاركة القطاع الخاص العربي والمسلم في الشتات للمساهمة في بناء شرق أوسط جديد والاستفادة منه. ويمكن أن يدعم هذا ازدهار أميركا من خلال تعبئة الموارد والاستثمارات التي كانت واشنطن تتحمل معظمها خلال العقود الماضية.
ومن شأن هذا أن يجعل الولايات المتحدة أكثر أمنا وأمانا عبر تحسين الظروف الإقليمية التي ولّدت الإرهاب والصراع وعدم الاستقرار الإقليمي والدولي.
ويستطيع بولس التكاتف مع ويتكوف وأورتاغوس لوضع أساس شرق أوسط يكون أكثر سلاما واستقرارا، من خلال وضع نهج محدد، وإستراتيجية فعّالة، وتشكيل الفريق المناسب. ويمكن أن يساعد هذا التعاون في تطبيع اتفاقيات إبراهيم، مما يجعلها قاعدة في العلاقات الإقليمية وليس استثناءً.