كيف يساهم عقار "ميتفورمين" المخصص للسكري في خفض الوزن

عقار "ميتفورمين" يُسوّق بأسماء أخرى كغلوكوفاج وغلوكومين وميتفورال وسيوفور وديالون وهو دواء يؤخذ عن طريق الفم.
الثلاثاء 2020/01/14
قدرة مذهلة للعقارعلى خفض الوزن

أثار عقار “ميتوفورمين” المستخدم لعلاج السكري اهتمام الباحثين مرة أخرى بعد أن أثبتت الدراسات العلمية قدرته على خفض الوزن بطريقة فعالة. وبالرغم من تناسيه في العقدين التاليين لتاريخ تصنيعه مع تحول الأبحاث إلى الإنسولين وأدوية أخرى مخفضة لضغط الدم، إلا أن نجاعته في خفض الوزن جعلته محل اهتمام الأبحاث.

لندن – كشفت دراسة بريطانية حديثة عن سر نجاح عقار “ميتفورمين” الذي يستخدم على نطاق واسع لعلاج السكري، في خفض الوزن بطريقة مذهلة.

وقد أثبتت الدراسة، التي أجراها باحثون بجامعة كامبريدج البريطانية، ونشروا نتائجها، في العدد الأخير من دورية “نايتشر” العلمية، أن أكثر من 60 بالمئة من قدرة العقار على ضبط سكر الدم، تأتي من نجاحه في خفض وزن الجسم، ما دفعهم لإجراء المزيد من الدراسات لاستنباط الآليات الجزيئية الرئيسية الكامنة وراء كيفية قيام هذا الدواء بعمله.

قال الطبيب التونسي أحمد الغرايري، من المستشفى الجامعي بمنزل تميم في محافظة نابل، في تصريح خاص لـ”العرب” إن “نتائج هذه الدراسات لا تعد مفاجئة إذ تم إثبات العلاقة بين النتائج الفعلية للدواء على مرضى السكري والحد من الوزن. غير أنه يمكن كذلك استخدام عقار ‘الميتفورمين’ لغير مرضى السكري لعلاجات أخرى ولاسيما للحوامل اللاتي يعانين تكيسا في المبيض”.

 وأضاف الغرايري أنه ينصح باستخدام هذا العقار لشفط الدهون في المبيض للمساعدة على الحمل. لكن الطبيب صلاح الدين الدخلي يشدد على أن ذلك “لا يعني أنه يمكن للبدناء غير المصابين بالسكري تناول هذا العقار لغاية إنقاص الوزن فقط لأنه قد يخلف أضرارا على الكلى”.

وفي تجارب سريرية أجريت على البشر، غير المصابين بالسكري، اكتشف فريق البحث وجود علاقة بين “الميتفورمين” وبروتين رئيسي يعرف باسم “جي.دي.أف 159”.

وحسب الدراسة، ينفذ البروتين مجموعة واسعة من الأنشطة البيولوجية ويوجد في مجموعة متنوعة من أنسجة الجسم التي تنظم آلية “الموت المبرمج للخلايا” وإصلاحها. كما اتضح أن هذا البروتين أيضًا يلعب دورًا قويًا في نجاح عقار “الميتفورمين” في السيطرة على داء السكري من النوع الثاني.

اكتشافات طبية

واكتشف الباحثون أن “الميتفورمين” يعمل مع بروتين “جي.دي.أف 159” لحث الجسم على فقدان الوزن والحفاظ على توازن الطاقة.

كما وجدوا أيضًا أن هذا العقار يزيد من مستويات بروتين “جي.دي.أف 159” بشكل ملحوظ لدى جميع الأشخاص الذين يتعاطون الدواء بانتظام بمقدار 2.5 مرة مقارنة بمن لا يتناولون هذا العلاج، وذلك بعد دراسة لمراقبة مستويات البروتين لدى المشاركين استمرت 18 شهرًا.

وأجرى الفريق تجارب أخرى على الفئران، واكتشفوا أن “الميتفورمين” زاد من مستويات بروتين “جي.دي.أف 159″، كما كبح زيادة وزن الجسم حتى بعد إخضاع الفئران لحمية غذائية غنية بالدهون.

وقال الدكتور ستيفن أورايلي، قائد فريق البحث، “تم استخدام ‘الميتفورمين’ لأوّل مرة كعقار يخفض نسبة السكر لدى مرضى السكري من النوع الثاني، لكن نسب خفض الوزن لديهم كانت متواضعة”.

وأضاف “فقط عندما أجريت دراسات طويلة الأمد على المشاركين غير المصابين بالسكري، أصبح من الواضح أن الأشخاص الذين لديهم امتثال جيد بالفعل لـ’الميتفورمين’ يفقدون في المتوسط حوالي 6 بالمئة من وزن الجسم ويمكن أن يحافظوا على ذلك الانخفاض لسنوات”.

ويُسوّق عقار “الميتفورمين” بأسماء أخرى كغلوكوفاج وغلوكومين وميتفورال وسيوفور وديالون. وهو دواء مخفّض لسكر الدم يؤخذ عن طريق الفم من فئة البيغوانيد. وهو خط المعالجة الأول للسكري من النمط الثاني، على وجه الخصوص، للناس الذين يعانون من فرط الوزن أو السمنة، والذين لديهم وظيفة كلوية طبيعية.

 وقد تم حدّ استخدامه في سكري الحوامل بسبب مخاوف تتعلّق بالسلامة. ويعمل “الميتفورمين” عن طريق تثبيط إنتاج الغلوكوز من قبل الكبد.

كما تشير أدلة محدودة أن “الميتفورمين” قد يمنع مضاعفات القلب والأوعية الدموية، وربما مضاعفات السرطان لدى مرضى السكري.

نجاعته في خفض الوزن جعلته محل اهتمام الأبحاث
نجاعته في خفض الوزن جعلته محل اهتمام الأبحاث

وبالرغم من أن “الميتفورمين” قد تم تصنيعه للمرة الأولى في عام 1920 حين وجد أنه ناجع في خفض سكر الدم، تم تناسيه في العقدين التاليين مع تحوّل الأبحاث إلى الإنسولين وأدوية مخفضة لسكر الدم أخرى.

ثم عاد الاهتمام بهذا العقار في أواخر الأربعينات من القرن الماضي بعد نشر عدة تقارير عن أنه قد يخفض سكر الدم لدى البشر، وفي عام 1957، نشر الطبيب الفرنسي جان ستيرن أول تجربة سريرية حول “الميتفورمين” كعلاج لداء السكري.

 وأوضح الباحثون أن هيئة الغذاء والدواء الأميركية اعتمدت عام 1995 عقار “ميتفورمين” كعلاج لمرض السكري من النوع الثاني، بعد عقود من اعتماده في أوروبا.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن هناك أكثر من 1.4 مليار نسمة من البالغين يعانون من فرط الوزن، وأكثر من نصف مليار نسمة يعانون من السمنة، ويموت ما لا يقل عن 2.8 مليون نسمة كل عام بسبب فرط الوزن أو السمنة.

وتفيد المنظمة بأن السكري من النوع الثاني يظهر جرّاء فرط الوزن وقلّة النشاط البدني، ومع مرور الوقت، يمكن للمستويات المرتفعة من السكر في الدم، أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والعمى والأعصاب والفشل الكلوي.

فى المقابل، تحدث الإصابة بالنوع الأول من السكري عند قيام النظام المناعي في الجسم بتدمير الخلايا التي تتحكم في مستويات السكر في الدم، وتكون معظمها بين الأطفال.

17