كير ستارمر زعيما جديدا للعمال: هل يقطع مع سياسات جيريمي كوربن

قائد العماليين الجديد يتعهد بمحاربة معاداة السامية في حزبه، فيما تسيطر الضبابية على سياسة حزب العمال البريطاني الجديدة في ظل عهدته.
الأحد 2020/04/05
فرصة لنزع قناع معاداة السامية عن حزب العمال

أكد زعيم حزب العمال البريطاني الجديد الوسطي كير ستارمر أنه سيكافح معاداة السامية داخل حزبه في وقت لم تتضح فيه بعد ملامح السياسة الجديدة التي سيتوخاها الحزب في ظل عهدته، خاصة بعد الانتكاسات التي شهدها في فترة قائده السابق جيريمي كوربن.

لندن - انتخب العماليون البريطانيون السبت كير ستارمر، وهو وسطي، رئيسا جديدا لحزبهم خلفا لزعيم أكبر حزب معارض في بريطانيا السابق اليساري المتشدد جيريمي كوربن.

وفي أول ظهور له عقب انتخابه اختار الزعيم الجديد لحزب العمال أن يعتذر عن معاداة السامية الصادرة عن رفاقه في وقت سابق متوعدا بالقطع مع هذه الممارسة.

وفي كلمة بثها التلفزيون بُعيد انتخابه من قبل أعضاء حزبه قال ستارمر “باسم حزب العمال أعتذر”، متعهدا “بنزع سم” معاداة السامية.

وتفوق ستارمر في سباق الوصول إلى رئاسة الحزب على ريبيكا لونج بيلي، حليفة كوربن، وليزا ناندي.

وسعى ستارمر خلال السباق إلى كسب تأييد أنصار كوربن الاشتراكيين لكن مع الاحتفاظ بأصوات المزيد من أعضاء حزب العمال المحسوبين على تيار الوسط.

وفاز ستارمر بنسبة 56.2 في المئة من أصوات أعضاء الحزب ومؤيديه بعد أن أدلى نحو 600 ألف عضو بأصواتهم بطريقة غير مباشرة بسبب تفشي وباء كورونا حيث جرت عملية التصويت على الإنترنت أو عبر البريد.

وقال في بيان مسجل مسبقا في ضوء تفشي وباء كورونا “إنه لشرف عظيم لي أن يتم انتخابي رئيسا لحزب العمال. يأتي هذا في لحظة لا مثيل لها من قبل في حياتنا”.

وأضاف “تحت قيادتي سنتعامل بشكل بناء مع الحكومة، ولن تكون المعارضة من أجل المعارضة. لن نسجل النقاط السياسية الحزبية أو نقدم مطالب مستحيلة”.

ويحيل ما قاله ستارمر للعماليين بشأن تصوره للمرحلة المقبلة إلى التساؤل عما إذا كان الحزب سينتهج الخط الذي رسمه له كوربن أم أنه سيحدد خطوطا عريضة جديدة لسياساته؟

وبالعودة إلى مواقف ستارمر فإنه يعد في حزب العمال أحد أبرز المؤيدين للاتحاد الأوروبي ومؤسساته، وهو محامٍ سابق في مجال حقوق الإنسان ومسؤول منذ ثلاث سنوات عن مسألة خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي (بريكست) داخل الحزب.

ستيفن فيلدينغ: أول تحد أمام ستارمر سيكون تشكيل فريق قادر على توحيد الحزب
ستيفن فيلدينغ: أول تحد أمام ستارمر سيكون تشكيل فريق قادر على توحيد الحزب

كما يتعهد ستارمر المعروف ببراعته لكنه يفتقد للجاذبية، بإعادة بناء حزب العمال وتوحيده بعدما مُني بأسوأ هزيمة له في انتخابات تشريعية منذ عام 1935، ناتجة خصوصاً عن خسارته في المعاقل التي تعدّ تقليدياً عمالية في استحقاق اكتسحه المحافظون بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون. وكانت تلك ثاني هزيمة انتخابية لجيريمي كوربن منذ انتخابه رئيساً للعمال في عام 2015 بفضل دعم قوي من قاعدة الحزب.

وكان الزعيم الجديد للحزب قد قال لمؤيديه الخميس خلال مؤتمر عبر الفيديو “لدينا فرصة لإعادة بناء حزبنا، والأهم من ذلك (لدينا) فرصة ليضع العمال من يجب أن يكون في السلطة”.

ويلمح بذلك ستارمر إلى الانتخابات التشريعية المقبلة التي من المقرر أن تُجرى في العام 2024.

ولكن تبدو مهمة توحيد الحزب صعبة بسبب الانقسامات العديدة والعميقة فيه، وتتمحور هذه الانقسامات حول الخط الذي يجب أن يتبعه الحزب بين التشدد أو الليبرالية، لكن أيضاً الخلاف بين المشككين بالمؤسسات الأوروبية والمؤيدين للاتحاد الأوروبي في قضية بريكست، وكذلك بشأن إدارة مسألة معاداة السامية داخل الحزب بينما يعتبر البعض أن كوربن يفرط في التهاون في معالجة هذه القضية.

ويبدو أن ستارمر قد اتخذ قرارا بحسم الأمور في ما يتعلق بمعاداة السامية ليطوي بذلك صفحة حقبة كوربن التي تعرض خلالها الحزب لانتقادات عديدة ضربت خزانه الانتخابي.

ويوضح الخبير السياسي في جامعة نوتنغهام ستيفن فيلدينغ “يوجد فعلاً الكثير من الاستياء وعدم الثقة”.

ويضيف أن “التحدي الأول أمام الرئيس الجديد سيكون تشكيل فريق يبدو على الأقل أنه يملك القدرة على توحيد الحزب”. ولكن في الوقت الحالي، تشكّل جائحة كوفيد – 19 التي تصبّ في صالح شعبية الحكومة، التحدي الرئيسي أمام ستارمر. وفرضت حكومة جونسون عزلاً عاماً للسكان في إطار محاولة احتواء تفشي الوباء ودعم العمال هذا الإجراء.

وأصدرت حكومة حزب المحافظين كذلك تدابير دعم اقتصادي غير مسبوقة للموظفين والشركات الذين تضرروا بشكل كبير من الإغلاق، وهي مسائل عادة يأخذ حزب العمال على عاتقه المطالبة بها، لكنه كان شبه غائب في هذه الأزمة.

ومنذ ذلك الحين، ارتفعت شعبية رئيس الوزراء بشكل كبير. وبحسب استطلاع جديد لـ”يوغوف”، أعرب 55 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن تأييدهم لجونسون، مقابل 43 في المئة قبل أسبوع.

ومن بين الـ72 في المئة الذين يعتبرون أن الحكومة تدير الأزمة بشكل جيد، هناك العديد من الناخبين المؤيدين للعمال.

ويحاول حزب العمال من جهته التركيز على نقاط ضعف الحكومة بانتقاده عدم كفاية عدد الفحوصات الخاصة بفايروس كورونا المستجد، والنقص في معدات الحماية الخاصة بموظفي الرعاية الطبية.

وأكد كير ستارمر في مدونة صوتية (بودكاست) في صحيفة “ذي غارديان” البريطانية الأسبوع الماضي “حدسي يدفعني إلى أن أكون بنّاء لكن عبر طرح الأسئلة الصعبة”. وعلى غرار رؤساء الأحزاب الأخرى في المعارضة، تلقى ستارمر دعوة من رئيس الوزراء لكي يشارك الأسبوع المقبل في استعراض الوضع المتعلق بانتشار وباء كورونا.

وغرد جونسون السبت على تويتر “بصفتنا رؤساء أحزاب علينا واجب العمل معا في فترة الطوارئ الوطنية هذه”.

3