كورونا يلقي بظلاله على الغابات الاستوائية

رئة الأرض الخضراء تدفع فاتورة الحجر الشامل.
الاثنين 2021/03/01
تدمير الغابات المطيرة استمر في 2020 بلا هوادة

أدت محدودية التنقل إثر فرض الإغلاق والحجر الصحي بسبب جائحة كورونا إلى تقييد حماية الغابات وتدهور الحياة البرية، وهو ما يسبّب العديد من التداعيات السلبية على الأهداف العالمية الرامية إلى الحد من تغير المناخ، حيث يحذر الخبراء من تسارع وتيرة معدل تدمير الغابات الاستوائية في العالم.

كوالالمبور - حذرت المجموعات الخضراء من تسارع وتيرة معدل تدمير الغابات الاستوائية في العالم العام الماضي، حيث أدت جائحة فايروس كورونا إلى إضعاف اللوائح البيئية، وخفض التمويل لأعمال الحماية وإجبار المهاجرين من المدن على العودة إلى المناطق الريفية.

ووفقا لنظام الرصد العالمي للغابات، اختفت في 2019، الغابات المطيرة الاستوائية بمعدل ملعب كرة قدم واحد كل ست ثوان، وذلك بالرغم من زيادة الوعي بدور الغابات في إبطاء تغير المناخ.

ومن المقرر أن تصدر منصة التتبع، التي تستخدم صور الأقمار الصناعية ويديرها معهد الموارد العالمية، ومقره الولايات المتحدة، في الأشهر الثلاثة المقبلة بيانات تراجع الغابات في 2020، عندما ضربت الجائحة.

وقالت فرانسيس سيمور، وهي زميلة بارزة في معهد الموارد العالمية، إن عمل وكالات إنفاذ القانون وحماية الغابات كان مقيدا بسبب محدودية التنقل عند الإغلاق بسبب فايروس كورونا وتخفيضات الميزانية المرتبطة بالمشاكل الاقتصادية.

وتابعت سيمور “بالإضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات على أن بعض الحكومات استجابت للأزمة الاقتصادية من خلال تخفيف اللوائح البيئية كوسيلة لتسهيل الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي”.

ولتراجع الغابات تداعيات كبيرة على الأهداف العالمية للحد من تغير المناخ، حيث تمتص الأشجار حوالي ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة المنتجة في جميع أنحاء العالم، ولكنها تطلق الكربون مرة أخرى في الهواء عندما تتعفن أو تحترق. كما توفر الغابات الغذاء وسبل العيش للأشخاص الذين يعيشون فيها أو بالقرب منها، وتبقى موطنا أساسيا للحياة البرية.

ومثّلت خسارة 3.8 مليون هكتار من الغابات في 2019، ثالث أكبر تراجع منذ مطلع القرن، في ثلاثة بلدان هي البرازيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا وهي تباعا تحتل مطلع لائحة المخالفين، وفقا لنظام الرصد العالمي للغابات.

وأضافت سيمور أنه في حين تسبب الوباء العام الماضي في تراجع الطلب على السلع التي غالبا ما يلقي دعاة حماية البيئة باللوم عليها في إزالة الغابات، مثل زيت النخيل والأخشاب وفول الصويا، فقد العديد من عمال المدن وظائفهم وعادوا إلى منازلهم الريفية، مشيرة إلى أنه كان من الصعب توقع تأثير تلك العودة.

ولفتت “بينما قد يؤدي انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى إبطاء تحويل الغابات إلى تجارة زراعية، يمكن أن تزيد عودة عمال المدن إلى القرى الريفية التصحرات الصغيرة”.

دمار مستمر

ظلت معدلات إزالة الغابات في إندونيسيا، التي تضم ثالث أكبر غابات استوائية في العالم وتعتبر أكبر منتج لزيت النخيل، عند مستويات منخفضة تاريخيا للعام الثالث على  التوالي في 2019.

وقال خبراء الغابات إن تطبيق القانون الأكثر صرامة لمنع حرائق الغابات وقطع الأشجار غير القانوني، والوقف الاختياري لإزالة الغابات المطيرة الجديدة، حسّنت الأمور قليلا.

ومع ذلك، لا يزال الأرخبيل مترامي الأطراف يعاني من عمليات إزالة الغابات والحرائق بشكل منتظم بسبب المؤسسات الحكومية الضعيفة والفساد والمطالبات المتداخلة بالأراضي.

الغابات توفر الغذاء وسبل العيش للأشخاص الذين يعيشون فيها أو بالقرب منها، وتبقى موطنا أساسيا للحياة البرية

وقلّصت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا في العام الماضي بالإضافة إلى ذلك، جهودها لحماية الغابات بسبب الوباء، وقدمت مشروع قانون لخلق فرص عمل قال المستثمرون والناشطون إنه قد يضر بالبيئة في السنوات القادمة.

وأشارت جيما تيلاك، وهي مديرة سياسة الغابات في شبكة رين فورست أكشن التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، إلى أن البيانات الأولية من إندونيسيا أظهرت استمرار إزالة الغابات وقطع الأشجار والحرائق، التي ارتفعت في بعض الحالات على مدار العام الماضي.

وتابعت تيلاك “سيُذكر 2020 باعتباره العام الذي استمر فيه تدمير الغابات المطيرة بلا هوادة”.

وبعد فشل الشركات في تحقيق هدف 2020 لإنهاء إزالة الغابات في سلاسل توريدها، أطلقت المؤسسات البارزة في منتدى السلع الاستهلاكية مبادرة جديدة، تعهدت بتسريع العمل لوقف السلع الرئيسية التي تتسبب في فقدان الغابات، في محاولة للحد من تغير المناخ.

وتوقع ديفيد جانز، وهو المدير التنفيذي في مركز البشر والغابات الدولي لحقوق الأراضي والغابات، أن خسائر الغابات المدارية والمعتدلة في العام الماضي ستكون أربعة إلى خمسة أضعاف ما كانت عليه في 2019، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الحرائق التي لا يمكن السيطرة عليها.

وأضاف “المفارقة هي أن فقدان الغابات وزيادة الاتصال بين الناس والحياة البرية من العوامل الرئيسية لظهور مسببات أمراض جديدة، مثل الإيبولا والسارس والآن كوفيد – 19”.

تغيير المسار

تدهور الحياة البرية
تدهور الحياة البرية

وفي البرازيل، تُظهر البيانات الحكومية أن معدلات إزالة الغابات في غابات الأمازون المطيرة ارتفعت إلى أعلى مستوى لها في 12 عاما في 2020 مع تصاعد الدمار منذ تولى الرئيس اليميني جايير بولسونارو منصبه وإضعافه إنفاذ القوانين البيئية.

وقال أندرز هوغ لارسن، وهو رئيس السياسات في مؤسسة رين فورست أوسلو، إن بيانات مراقبة الغابات أظهرت أن معدلات إزالة الغابات في منطقة الأمازون البرازيلية قد ارتفعت بنحو 10 في المئة في 2020.

وألقى باللوم في ذلك على انخفاض تمويل الوكالات التي تكافح إزالة الغابات وحرائقها، والمزيد من تفكيك مؤسسات المراقبة البيئية والسيطرة عليها.

ولفت لارسن، الذي حثّ الدول على الاستثمار في التعافي الأخضر من الوباء “نرى أن السلطات المحلية في إندونيسيا تحوّل الأموال من الوقاية من حرائق الغابات إلى محاربة الوباء”.

وفي أستراليا، دمرت حرائق الغابات في 2019 و2020 أكثر من 11 مليون هكتار عبر الجنوب الشرقي، أي ما يعادل نصف مساحة بريطانيا تقريبا.

وشددت فران ريموند برايس، وهي رئيسة الممارسات العالمية في مجال الغابات في الصندوق العالمي للطبيعة، على أن العام الماضي كان “عاما مدمرا آخر” للغابات في أجزاء كثيرة من العالم، داعية الحكومات إلى سن تشريعات أقوى لوقف إزالة الغابات.

وأضافت أن مثل هذا التنظيم يجب أن يركز على تعزيز حقوق الحيازة للسكان الأصليين والمجتمعات المحلية، فضلا عن دعم المزارعين لتبني الممارسات المستدامة.

وذكرت أن على الشركات أن تتحمل مسؤولية فهم بصمتها البيئية بشكل أفضل وتعزيز الجهود لتنظيف سلاسل التوريد، متابعة أنه في الوقت نفسه، يمكن للمستهلكين لعب دورهم من خلال مطالبة المشرعين بالعمل على الحد من إزالة الغابات والتأكد من أن المنتجات التي يشترونها لا تسهم في هذه الممارسات.

وترى برايس أن 2021 “يمكن أن تكون السنة التي تغير مسارنا، لكننا بحاجة إلى إجراء حاسم بشأن الدوافع الرئيسية لإزالة الغابات لضمان أن تكون الحلول مستدامة وتفيد كلا من الطبيعة والبشر”.

20