كورونا يكشف الفجوة الرقمية في الهند

نقص سيارات الإسعاف وأسرّة المستشفيات والأدوية وإمدادات الأكسجين أدى إلى شل الرعاية الصحية في معظم أنحاء البلاد.
الاثنين 2021/04/26
الهند تخسر المواجهة مع كورونا بسبب البنية التكنولوجية

لكناو (مومباي) - بينما تسجل حالات الإصابة بالفايروس المستجد اليومية في الهند أرقاما قياسية عالمية، يجد الأشخاص الذين يبحثون بشدة عن أسرّة المستشفيات والأكسجين المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن بالنسبة إلى آخرين مثل روبي ياداف، من الذين لم يسمعوا بتويتر من قبل، فإن الوقت والأمل ينفد.

تعاني والدتها من أعراض شديدة، وتتنقل بين المستشفيات بعربة. لكنها لم تجد مكانا  في اثني عشر مستشفى عاما في مدينة لكناو الشمالية هذا الأسبوع مع انهيار النظام الصحي في البلاد.

وقالت ياداف (21 عاما) لمؤسسة تومسون رويترز عبر الهاتف يوم الخميس “أفقد الأمل. نعلم ما سيحدث بعد ذلك، لكن لا يمكنني تحمل مشاهدة والدتي تنهار على هذا النحو.”

أبلغت الهند عن أكثر من 300 ألف حالة إصابة بفايروس كورونا في غضون 24 ساعة يوم الخميس، وهي أعلى حصيلة يومية في العالم وترفع إجمالي الحالات في البلاد إلى ما يقرب من 16 مليونا.

أدى نقص سيارات الإسعاف وأسرّة المستشفيات والأدوية وإمدادات الأكسجين إلى شل الرعاية الصحية في معظم أنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة، مما يدفع الناس إلى نشر مناشدات على تويتر في محاولة يائسة للحصول على مساعدة لأحبائهم المصابين بأعراض خطيرة.

ويشارك الأشخاص المحتاجون أرقام هواتف المتطوعين والبائعين الذين لديهم آلات الأكسجين وتفاصيل عن المنشأة الطبية التي يمكن أن تستقبل المرضى باستخدام علامات التصنيف مثل “كوفيد إس أو إس”.

بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الهنود الاتصال المتكرر بخطوط الهاتف أو نقل المرضى إلى أقسام الطوارئ شخصيًا هو الخيار الوحيد

وقال المسؤولون إن العديد من الأشخاص ينشئون حسابات على تويتر لطلب المساعدة من أولئك الذين هم في مناصب في السلطة، لكن مئات الملايين من الهنود الأفقر لا يستطيعون الوصول إلى هاتف ذكي أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وقالت ياداف “لقد جربنا كل خط مساعدة قدمته الحكومة والرد الوحيد الذي نحصل عليه هو أنه لا توجد أسرّة. لا أعرف ما هو موقع تويتر ولم أفكر في طلب المساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي.”

من بين أكثر من 500 مليون هندي يستخدمون الهواتف الذكية، يعد واتساب ويوتيوب وفيسبوك من بين أكثر المنصات استخداما وفقا لبيانات حكومية.

وتظهر البيانات أن موقع تويتر، الذي يستخدمه المشرعون والجمعيات الخيرية وخطوط المساعدة للأحزاب السياسية لمشاركة المعلومات والرد على مناشدات المساعدة لا يشمل سوى 17.5 مليون مستخدم من الهند.

بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الهنود الذين يكافحون للحصول على المساعدة، فإن الاتصال المتكرر بخطوط الهاتف أو نقل المرضى إلى أقسام الطوارئ شخصيًا هو الخيار الوحيد، مما يبرز تأثير الفجوة الرقمية في البلاد.

في ولاية جهارخاند الشرقية يشارك الناشط في مجال حقوق الأطفال بيدناث كومار المعلومات على تطبيق واتساب وتلقي نداءات للمساعدة من السكان المحليين. ولكن الاتصال بالإنترنت قد يكون حاسما مع تفاقم الأزمة.

وقال كومار “أصبح الوصول إلى أيّ شيء، من الأسرّة إلى الأكسجين والأدوية والأطباء، أكثر صعوبة. يحتاج المرء إلى معرفة شخص ما أو البحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على رد سريع. ولكن، كم عدد الأشخاص الذين يمكنهم فعل ذلك؟ إن هذا غير فعال”.

ويتعرض أفراد المجتمعات الفقيرة والمهمشة لخطر فقدان المعلومات والدعم الذي يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأطلقت منى باغماري، البالغة من العمر 21 عاما، وهي عضو في جماعة غوند القبلية، شبكة دعم لنساء الشعوب الأصلية اللاتي يعشن في مستوطنات في مدينة بوبال وسط ارتفاع حالات الإصابة بفايروس كورونا هذا الشهر.

وقالت باغماري “معظم النساء موجودات في عالم خارج عالم تويتر ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت شريان حياة للكثير من المحتاجين الآن. بينما نعمل على جمع الأموال على تويتر بمساعدة الأصدقاء الذين يديرون حسابات، فإن الدعم الأساسي لا يكون إلا من خلال الاجتماعات، ونقل المعلومات والمكالمات الهاتفية. إنها عملية أبطأ، لكنها الوحيدة التي نستطيع مواصلتها الآن.”

البيانات تظهر أن موقع تويتر، الذي يستخدمه المشرعون لمشاركة المعلومات والرد على مناشدات المساعدة لا يشمل سوى 17.5 مليون مستخدم من الهند

في المركز الاقتصادي مومباي قضى المشرع بالولاية زيشان صديقي وقت التعافي من المرض ردا على مئات التغريدات ورسائل تويتر من أشخاص يبحثون عن الأدوية والرعاية في المستشفى لأقاربهم المرضى.

ودفعته مناشداتهم إلى إحياء خط المساعدة للطوارئ الذي أنشأه العام الماضي، ونشر الموظفين لتوزيع الرقم على تويتر وواتساب.

وقال مشغل خط المساعدة والمتطوع عابد أحمد شيخ “نتلقى حوالي 80 مكالمة في اليوم. لقد قسمنا أنفسنا إلى فرق: يبحث أحدها عن الأسرّة والآخر عن أسطوانات الأكسجين والآخر عن وحدات العناية المركزة وما إلى ذلك.”

فطلبات المساعدة تنتشر بسرعة على تويتر، خاصة إذا قرر صاحب ملف شخصي تم التحقق منه بالتغريد أو إعادة تغريد مناشدات للأشخاص.

وأضاف أن ربع المكالمات لخط المساعدة تأتي من أشخاص ليست لديهم هواتف ذكية.

ففي إحدى ضواحي مومباي قال شينماي غودي مهندس تكنولوجيا المعلومات إن خط المساعدة الذي يديره شهد زيادة في حجم المكالمات بمقدار 15 ضعفا على الأقل خلال الأيام العشرة الماضية.

وأضاف “هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يستخدمون الهواتف الذكية ولكن هناك آخرون يدوّنون طواعية تفاصيل المحتاجين ويقدمونها إلينا.. قد لا تكون على تويتر لكنك تحتاج إلى معرفة شخص يمكنه تضخيم صوتك.”

لكن بالنسبة إلى الآلاف من الأشخاص الذين يكافحون من أجل الوصول إلى الرعاية المنقذة للحياة، فإن هذا ليس خيارًا. وقالت ياداف “لم تصل أي مساعدة بعد. أمي تخسر الوقت الثمين.”

12