كورونا يفرض توسيع رقعة مزارع الأسماك العالمية

نشاط الصيد العالمي للأسماك انخفض بنحو 6.5 في المئة نتيجة للقيود ونقص العمالة بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فُرضت لاحتواء الجائحة.
الأربعاء 2020/06/10
مورد مستدام بحاجة إلى اهتمام أكبر

تؤكد تحليلات الخبراء أن أزمة فايروس كورونا المستجد ستعطي حافزا أكبر لتوسيع رقعة مزارع الأسماك حول العالم، وستدفع حكومات الدول إلى التفكير في كيفية إعادة النظر في استثمارات الثروات السمكية بما يحقق الأمن الغذائي خاصة خلال فترة انتشار الأوبئة.

روما - اعتبر خبراء منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) في تقرير حديث أن أزمة الوباء أثارت قضية السعي إلى زيادة الاستثمارات في مزارع الأسماك، وفق معايير التنمية المستدامة والإدارة الفعالة لهذا النوع من المجالات.

ورغم أن تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية يستند إلى معلومات سُجّلت قبل انتشار الوباء، لكن المعلومات الأساسية التي يتضمنها التقرير تساعد الفاو بالفعل على الاستجابة عبر توفير الحلول الفنية والتدخلات المستهدفة لقطاعي مصايد الأسماك والزراعة.

وأشار المدير العام للفاو شو دونيو إلى هذين المجالين من بين القطاعات الأكثر تأثرا بالجائحة، ولذلك يفترض أن تضع حكومات الدول، وخاصة المطلة على السواحل، استراتيجية جديدة لتحفيزهما.

وقال دينو إنه “من المعروف أن الأسماك ومنتجات مصايد الأسماك هي من بين أكثر الأطعمة الصحية على وجه الأرض، وليس ذلك فحسب، بل إنها من المنتجات الأقل تأثيراً على البيئة الطبيعية”.

وشدد على أن هذه المنتجات يجب أن تلعب دوراً أكثر مركزية في استراتيجيات الأمن الغذائي على جميع المستويات.

شو دونيو: المصائد يجب أن تقوم بدور محوري في الأمن الغذائي
شو دونيو: المصائد يجب أن تقوم بدور محوري في الأمن الغذائي

وأوضح المدير العام أن ما جاء في التقرير عن تزايد الأدلة بأنه في الوقت الذي تثمر الإدارة الفعالة لمزارع الأسماك عن نتائج في تعزيز مخزونات الأسماك أو إعادة بنائها، فإن عدم تطبيق هذه الإجراءات يهدد اسهاماتها في الأمن الغذائي.

ووفق الفاو، يتم صيد ما نسبته 34.2 في المئة من مخزونات الأسماك الآن عند مستويات غير مستدامة بيولوجيا.

وهذه النسبة الكلية مرتفعة للغاية ولا تتحسن على مستوى العالم رغم أنه من المطمئن أن 78.7 في المئة من جميع الأسماك التي يتم اصطيادها تأتي من مخزونات مستدامة بيولوجياً، إضافة إلى ذلك فإن توجهات الاستدامة للعديد من الأصناف الرئيسية من الأسماك تتحسن.

وتظهر تقديرات الفاو أن نشاط الصيد العالمي للأسماك قد انخفض بنحو 6.5 في المئة نتيجة للقيود ونقص العمالة بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فُرضت لاحتواء الجائحة.

وقد أثّر تعطل النقل الدولي بشكل خاص على منتجات تربية الأحياء المائية المعدّة للتصدير، في حين أثر انخفاض السياحة وإغلاق المطاعم بشكل كبير على قنوات التوزيع للعديد من أنواع الأسماك، رغم أن مبيعات التجزئة ظلت مستقرة أو زادت بالنسبة للأسماك المجمدة والمعلبة والمتبلة والمدخنة ذات الصلاحية الأطول.

وفي أجزاء من منطقة البحر المتوسط والبحر الأسود، أُجبر أكثر من 90 في المئة من صغار الصيادين على التوقف عن العمل بسبب عدم القدرة على بيع ما يصطادوه. وقد تفاقم ذلك في كثير من الأحيان بسبب انخفاض الأسعار.

وتؤثر الأسواق الموازية وقضايا العمالة المهاجرة، والمخاطر المرتبطة بأسواق المنتجات الطازجة المزدحمة، على إنتاج واستهلاك الأسماك، مع تعرض سلاسل التوريد غير الرسمية لضغوط أكبر بسبب عدم وجود علاقات تعاقدية وسلاسل تبريد راسخة.

منتجات تربية الأحياء المائية  شكلت 46 في المئة من إجمالي الإنتاج
منتجات تربية الأحياء المائية  شكلت 46 في المئة من إجمالي الإنتاج

وتركز الفاو بشكل أساسي على دعم وإعادة تشغيل وتعزيز سلاسل توريد وسبل استدامة القطاع مع إعطاء الأولوية للمجموعات والمناطق الأكثر ضعفاً.

وسجل استهلاك الفرد من الأسماك في جميع أنحاء العالم رقماً قياسياً جديداً بلغ 20.5 كيلوغرام سنويا، ومن المتوقع أن يزداد ذلك في العقد المقبل، ما يؤكد على دور الأسماك الحاسم في أمن الغذاء والتغذية في العالم.

ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج الأسماك إلى 204 ملايين طن في العام 2030، أي بزيادة 15 في المئة عن العام 2018، مع زيادة حصة تربية الأحياء المائية من هذا الإنتاج، والتي تبلغ حالياً 46 في المئة.

ويساوي هذا النمو حوالي نصف الزيادة المسجلة في العقد السابق، ويعني أنه من المتوقع أن يصل متوسط استهلاك الفرد السنوي من الأغذية السمكية إلى 21.5 كيلوغرام بحلول العام 2030.

الاستهلاك يسجل رقما قياسيا
الاستهلاك يسجل رقما قياسيا

وبلغ المصيد من جميع أنواع التونة أعلى مستوياته حيث بلغ حوالي 7.9 مليون طن في 2018، ويتم الآن صيد ثلثي هذه المخزونات بمستويات مستدامة بيولوجياً.

ويعتبر المختصون في المجال أن هذه زيادة كبيرة بعد أن صلت إلى 10 في المئة في عامين فقط، وهذا دليل على الإدارة المكثفة لمصايد الأسماك في قطاع يتميز بسلعة عالية القيمة، وبقدرة مفرطة لبعض أساطيل سفن الصيد.

وقال مانويل بارانغ مدير قسم مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في منظمة الفاو إن “التحسن الذي كان ثمرة لمساهمات العديد من أصحاب المصلحة، هو شهادة على أهمية الإدارة الفعّالة في الوصول إلى الاستدامة البيولوجية والحفاظ عليها”.

وأضاف “يؤكد هذا الأمر على مدى ضرورة أن نطبق نفس هذه الأساليب في المصايد والمناطق التي تكون فيها أنظمة الإدارة في حالة سيئة”.

وليس من المفاجئ أن نلاحظ أن الاستدامة صعبة بشكل خاص في المناطق التي تعاني من الجوع والفقر والنزاعات، ولكن لا يوجد بديل عن الحلول المستدامة.

10