كورونا يشطب بوادر انتعاش الاقتصاد التونسي

عدوى فايروس كورونا تصيب الصادرات وتزيد المخاوف من تضرر السياحة.
الجمعة 2020/03/13
كورونا تربك خطط الحكومة

دقت منظمات وأوساط اقتصادية تونسية نواقيس الخطر بعد انهيار صادرات عدد من المنتجات بفعل تعطل نشاط المبادلات التجارية في أعقاب انتشار فايروس كورونا لاسيما مع أهم شريك تجاري وهو الاتحاد الأوروبي أحد أبرز المتضررين من تفشي المرض.

 تونس - اصطدمت الحكومة التونسية الجديدة بأعباء اقتصادية إضافية جراء تداعيات فايروس كورونا على اقتصاد البلد الذي يعاني أصلا من أزمات لا حصر لها ما يزيد من حجم التركة الثقيلة أمامها.

وطالب مسؤولون من الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل) واتحاد الفلاحة والصيد البحري عقب اجتماع لمختلف المتدخلين في القطاع بتكوين خلية أزمة حكومية بشكل عاجل لوضع مخطط لمواجهة تراجع صادرات المنتجات البحرية جراء انتشار كورونا.

وأوضح الخبير الاقتصادي محمد علي المنقعي في تصريح لـ”العرب” أن “تراجع الصادرات لم يمسّ فقط قطاع الأسماك وإنما امتد إلى العديد من القطاعات الأخرى ما تسبب في خسارة 2 في المئة من مجموع الصادرات خلال شهري يناير وفبراير الماضيين”.

وحذر الخبير من أن “أزمة كورونا باتت تعقد الأمور أكثر لأنها بدأت تشل قطاع النقل وتحد من الاستهلاك حيث سيضر ذلك كثيرا الاقتصاد المحلي.”

وأشار إلى أن الفايروس سبب ركودا كبيرا في نشاط قطاع الصيد البحري وخسائر بالجملة بالنسبة إلى المستثمرين من صيادين ومصانع تحويل لاسيما أن عائدات هذا المجال غير منتظمة مما انعكس على مداخيل العملات الصعبة، وبالتالي التأثير سلبا على الميزان التجاري.

محمد علي المنقعي: تداعيات كورونا بدأت تشل قطاع النقل وتحد من الاستهلاك
محمد علي المنقعي: تداعيات كورونا بدأت تشل قطاع النقل وتحد من الاستهلاك

وقال رئيس الغرفة الوطنية لصناعة منتجات الصيد البحري وتصديرها محمد العابد طراد، عقب اجتماع بحث انعكاسات تفشي الفايروس على تصدير منتجات الصيد البحري إلى الاتحاد الأوروبي، أنه “يجري العمل من أجل التوقيف الوقتي لشراء المنتج المعد للتصدير عند الإنزال بالموانئ التونسية“.

وأضاف طراد أن “هذا الوضع يهدد نحو 105 آلاف شخص يعملون بالقطاع في تونس وهم يتوزعون على العاملين في قطاع الصيد البحري وتربية الأحياء المائية ومصدري المنتجات السمكية”.

وتظهر الأرقام أن صادرات المنتجات السمكية بلغت في نهاية يناير الماضي، حوالي 1829.2 طن بقيمة 33.5 مليون دينار (11.9 مليون دولار) مقابل 2345 طنا بقيمة 36.5 مليون دينار (12.95) خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وأكد المنقعي في تصريحه لـ”العرب” أن الأنشطة الصناعية عرفت ركودا حتى قبل ظهور أزمة فايروس كورونا، وهو ما يؤكده مؤشرا الإنتاج الصناعي والاستثمار اللذان شهدا تراجعا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.

وبيّن أن خطورة كورونا تكمن في شلها لجزء كبير من الحركة الاقتصادية العالمية، وكذلك في الآثار النفسية على السلوك العالمي حيث تجعل الإقبال على الاستهلاك يتراجع، وبتراجع الاستهلاك يتعطل الاقتصاد.

ويشكل الاستهلاك ركنا رئيسيا من أركان أيّ اقتصاد لأنه السلوك المتحكم في دفع النمو وفي توازن عملية العرض والطلب ما يجعل تراجعه بفعل الصدمات والأخطار مثل تفشي الأوبئة والفايروسات يقود إلى خلل في التوازنات المالية لأيّ دولة.

وسجلت تونس حسب أحدث بيانات وزارة الصحة إصابة 7 أشخاص بالفايروس منها 5 حالات لتونسيين عائدين من إيطاليا وحالة عدوى محلية وحالة لتونسي عائد من مصر.

ويشير خبراء إلى أن تراجع إنتاج الصيد البحري وتربية الأحياء المائية في تونس سيؤثر على الاقتصاد رغم ما حققه من نمو خلال يناير 2020 بنسبة 25 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي من حوالي 6799 طنا إلى نحو 8522 طنا.

 

ضربة للاقتصاد التونسي
ضربة للاقتصاد التونسي

وسبق وأقر رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، الذي تسلم مهامه الشهر الماضي بعد نيله ثقة البرلمان في مقابلة مع صحيفة “المغرب” المحلية أن التقييمات الأولية تفيد بأن الفايروس قد يتسبب في خسارة تونس نصف نقطة مئوية من النمو ليتراجع إلى 1 بالمئة، جراء تداعيات فايروس كورونا على القطاعات المحلية.

وأشار الفخفاخ، الذي تواجه حكومته تحديات اقتصادية لإنعاش النمو، أن “الفرضية التي تم العمل عليها هي تحقيق نمو بنحو 1.5 في المئة، ولكن بعد ظهور الفايروس انخفضت التوقعات إلى واحد بالمئة فقط”.

وسجّل الاقتصاد التونسي نسبة نمو 1 في المئة في العام الماضي، مقابل 2.5 بالمئة في 2018، و1.9 بالمئة في 2017.

وحتى النصف الأول من العام الماضي، كان الدينار يسجل مستويات متراجعة في قيمته أمام الدولار، إلى متوسط 3 دنانير، قبل أن يرتفع إلى 2.8 دينار حاليا، بعد إجراءات حكومية لضبط حركة النقد الأجنبي والواردات.

وتوقع وزير التجارة الأسبق محسن حسن في تدوينة نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن “يتراجع النمو بسبب تقلص أداء القطاع السياحي خاصة إذا لم تتمكن السلطات من التحكم في انتشار الفايروس قبل بداية يونيو القادم”.

وأشار أيضا إلى احتمال تراجع أداء قطاع النقل الجوي والبحري وتفاقم الوضعية المالية لشركة الخطوط التونسية، التي تمر بأزمة حادة منذ سنوات.

وكشفت شركة الخطوط الجوية التونسية أنّها تكبدت خسائر كبيرة بلغت إلى حد الخميس نحو 36 مليون دينار (حوالي 12.8 مليون دولار) جراء إيقاف العمرة بعد إلغاء السعودية لأنشطة زيارة الحرم المكي على خلفية انتشار الوباء، وبسبب نقص الرحلات في اتجاه أوروبا التي تسجل هي الأخرى أعدادا كبيرة من المصابين خصوصا في إيطاليا التي باتت منطقة حمراء.

ورجّح حسن أن يتضاعف تراجع الإنتاج الصناعي بفعل انخفاض نسق التصدير وانحسار واردات المواد الأولية والمواد نصف المصنعة والتجهيزات ذات المنشأ الصيني خاصة ذات العلاقة بنشاط القطاع.

ويرى خبراء أن الشلل الذي ضرب المصانع الصينية أحدث رجة كبيرة في الاقتصاد العالمي نظرا لأن الصين تمثل أكبر مزود للعالم بالمكونات الصناعية ما جعل توقّفها قطعا لشرايين اقتصادات أغلب دول العالم.

وتوقع الوزير السابق أيضا أن تتراجع صادرات قطاعات استراتيجية تعوّل عليها الدولة كثيرا وخاصة الفوسفات لضعف الطلب العالمي، إضافة إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارات الموجهة للتصدير بشكل خاص.

11