كورونا يحوّل سياحا خليجيين نحو وجهات أوروبية غير تقليدية

تدفق الزوّار العرب الذين يستقطبهم نظام إعفاء من التأشيرة تمّ تبنيه عام 2020 ورحلات مباشرة منخفضة التكلفة، فرصةً لانتعاش القطاع السياحي الأوكراني.
الثلاثاء 2021/08/31
وجهة مريحة وآمنة

كييف - في قلب مدينة لفيف التاريخي يستقلّ سعوديون عربات تجرّها خيول ويلعبون الشطرنج مع السكان في مشهد غير مسبوق بهذه المدينة الواقعة في الغرب الأوكراني والتي يرتادها عادة أوروبيون.

وبسبب القيود الصارمة لمكافحة فايروس كورونا المفروضة على المسافرين إلى أوروبا الغربية يختار السياح من دول الخليج، وخصوصا من السعودية، هذا العام أوكرانيا التي يتدفقون إليها منذ يونيو الماضي.

وقبل الأزمة كانت أسمى، وهي سعودية تبلغ اثنين وثلاثين عاما، تزور بشكل منتظم القارة العجوز مع زوجها وابنيهما. وهذا العام اكتشفت العائلة للمرة الأولى لفيف والعاصمة كييف. وتقول أسمى من أمام دار الأوبرا في لفيف “كل شيء هنا رائع”.

ويمثل تدفق الزوّار العرب الذين يستقطبهم نظام إعفاء من التأشيرة تمّ تبنيه عام 2020 ورحلات مباشرة منخفضة التكلفة، فرصةً لانتعاش القطاع السياحي الأوكراني بعدما شهد فترة سيئة جدا بسبب أزمة الوباء.

ويقول المرشد السياحي بوغدان غيتس “علينا اغتنام هذه الفرصة”، وتنقل وكالته السياحية سياحا على متن قطار صغير في الشوارع المرصوفة في مدينة لفيف المعروفة بهندستها المعمارية التي تجمع بين أنماط عصر النهضة والفن الكلاسيكي والفنّ الحديث.

وفي الفصل الأول من 2021 بلغ عدد السياح السعوديين الذين زاروا أوكرانيا 14 ألف شخص مقابل 350 شخص قبل عام، بحسب الوكالة الأوكرانية للسياحة، أي أن العدد ارتفع بنسبة 3900 في المئة. وحتى فترة قريبة ماضية كان يرتاد مدينة لفيف، وهي إحدى الوجهات السياحية الرئيسية في البلاد، بولنديون وبيلاروسيون وأتراك وألمان وبريطانيون.

جمهوريات سوفييتية سابقة مثل أوكرانيا تحتفظ بقيم أقرب إلى مواطني الخليج قياسا بدول غربية توصف بـ"المتعالية"

وبعدما جال في أوروبا والولايات المتحدة اختار حسن، وهو رجل أعمال سعودي يبلغ من العمر أربعة وستين عاما، هذه المرة أوكرانيا بناء على توصيات أصدقاء له. ويقول إنه سعيد جدا لمكوثه حوالي شهر في البلد الذي يسهل السفر إليه.

ويعتبر حسن أنه خلافا للدول الغربية “المتعالية دائمًا” حيال مواطني الخليج تبدو أوكرانيا الجمهورية السوفييتية السابقة “أكثر نشاطا وحيوية”، ويعبّر عن إعجابه بالقيم العائلية التي يتمتع بها الأوكرانيون. ويضيف أثناء جلوسه في الباحة الخارجية لأحد مقاهي كييف مع زوجته التي ترتدي الحجاب “سنعود إلى هنا بالطبع مع ابنتنا وابننا”.

بحسب آنا نايدا المسؤولة عن سلسلة مقاه في لفيف فإن وصول السياح العرب فاجأ المطاعم التي اضطرّت إلى التأقلم بسرعة.

وبعدما تجاوزت الصدمة الأولى طبعت سلسلة المقاهي لوائح طعام باللغة العربية، ومن أجل احترام تعاليم الدين الإسلامي استبدلت لحم الخنزير بالدجاج في وجباتها. وتضيف نايدا “ليس لدينا مشروبات كحولية على قوائم الطعام، هذه ميزتنا”.

وعلّقت محلات بيع التذكارات أيضا لافتات باللغة العربية. وتشير آنا نايدا إلى أن ذلك يشكل دافعا إلى التغيير. وتوضح خريستينا كاغوي من مجموعة فنادق في لفيف أن هؤلاء السياح القادمين من بلدان ذات مناخ جاف جدا يقدّرون بشكل خاص الأشجار والأمطار في أوكرانيا. وتؤكد أنّ “الغرف المطلة ولو قليلا على أشجار أو حديقة مطلوبة جدا”.

ويلفت المرشد السياحي بوغدان غيتس إلى أنه لم يرَ يوما أشخاصا سعداء إلى هذه الدرجة بكونهم تحت المطر. ويتابع “يقولون إنهم جاءوا إلى لفيف عن قصد ولا يهتمون إلا لذلك”. وترى الشابة السعودية أسمى أن قطرات المطر ساحرة. وقالت “كأنها الجنة”، مؤكدة أنها ستعود إلى أوكرانيا كل عام.

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن هذه الشعبية قد تتراجع عندما تُرفع القيود في دول أوروبا الغربية. والانتعاش الشامل للقطاع لا يزال بطيئاً في المجمل رغم هذه الموجة السياحية الجديدة. وانخفض عدد السياح الأجانب في أوكرانيا بمعدل 4.5 مرات في 2020 على مدى عام. ولم يرتفع سوى بنسبة 9 في المئة في الفصل الأول من عام 2021 مقارنة بالأشهر الستة السابقة

2