كما كان منتظرا.. لا دخنة بيضاء من لقاء هوكشتاين - نتنياهو

التسوية بالنسبة إلى نتنياهو يجب أن تشكل هدية للرئيس ترامب، بعد تسلم ولايته، لأنّ العلاقة بين الرجلين على ما يبدو وثيقة.
الأحد 2024/11/24
المبعوث الأميركي لا يلقى تجاوبا إسرائيليا

اعتبرت الحكومة الأميركية أن “إسرائيل حققت بعض الأهداف المهمة في حربها ضد حزب الله، وأن نهاية الحرب قريبة“. وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي في واشنطن الأربعاء ما “رأيناه هو أن إسرائيل حققت عددًا من الأهداف المهمة.” وتأتي هذه التصريحات بالتوازي مع وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، حيث عقد اجتماعات مع المسؤولين والتقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

كما كان متوقعًا من لقاء هوكشتاين – نتنياهو أن لا تخرج “الدخنة البيضاء”، في دليل على أن المحادثات لم تصل إلى خواتيمها، مع إعطائها مزيدًا من الوقت. هذا الوقت ليس لدراسة أو تعديل بعض من البنود، لكنه ليؤكد أن لا نيّة حاليًا عند حكومة نتنياهو من تمرير أيّ تسوية لاسيما مع لبنان.

يستعجل الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) التوصل إلى تسوية مع العدو لاعتبارات ترتبط بسير المعركة وتقدم إسرائيل ميدانيًا، إضافة إلى ارتفاع تعداد الشهداء والجرحى، وما يترافق مع ذلك من دمار مخيف في بلدات وقرى (شيعية) تحديدا ضاحية بيروت الجنوبية معقل الحزب، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين الذين يفترش البعض منهم الأرصفة.

هذا وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري قد أكد أن الأجواء الأربعاء 20 نوفمبر الجاري أكثر إيجابية من الثلاثاء، مضيفًا “عملنا اللي علينا، بانتظار ردّ إسرائيل على المقترح ليُبنى على الشيء مقتضاه“. حضر آموس هوكشتاين، الثلاثاء 19 نوفمبر، الموفد الخاص للرئيس الأميركي جو بادين، إلى لبنان للقاء الرئيس بري المكلّف من قبل حزب الله بالتفاوض لوقف الحرب في لبنان، بعدما أخذت الحرب منحى أكثر تدميريًا بطريقة ممنهجة من قبل العدو على مناطق لبنان.

يعتبر هوكشتاين أنها فرصته الأخيرة لفرض تسوية بين حزب الله وإسرائيل على أساس تطبيق القرار الأممي رقم 1701 بلاس أي إضافة التعديلات الإسرائيلية عليه، الذي أقرّ بعد حرب تموز 2006، وهذا ما أكد عليه بري من أنّ هذه القرار هو “الاتفاق نفسه، حتى آليات تطبيق القرار نفسها“.

وينتظر اللبناني بفارغ الصبر التوصل إلى تسوية، لكنّ القرار عند نتنياهو، الذي قدّم مقترحات جديدة على القرار 1701، لضمان أمن مستوطنيه، وعلى رأسها حرية التحرك لجيشه داخل الأراضي اللبنانية عند أيّ اشتباه للإعادة تنظيم الحزب من جديد. إذ قال نتنياهو في كلمة له أمام الكنيست الثلاثاء 19 نوفمبر إن “إسرائيل ستواصل عملياتها العسكرية ضدّ حزب الله حتى في حال تمّ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان،” بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

◙ سلوك نتنياهو لا يبشّر بأنّ التوصل إلى تسوية هي من أهداف حكومته، إذ إن تجربة هذا الرجل مع حركة حماس تشكل عبرة للاعتبار من قبل اللبنانيين

لا يبشّر سلوك نتنياهو بأنّ التوصل إلى تسوية هي من أهداف حكومته، إذ إن تجربة هذا الرجل مع حركة حماس تشكل عبرة للاعتبار من قبل اللبنانيين، فهو المعرقل الرئيسي لأيّ تسوية في غزة، لاسيما بعدما وافقت الحركة على مقترح الرئيس بادين في 2 مايو الماضي، ولكن نتنياهو تسلّل إلى البنود ليضف إليها بنودًا جديدة، في سبيل الدفع بالمقترحات نحو الفشل.

لم يقدم نتنياهو للرئيس بايدن في السابق، هدية انتخابية تحفّز وصول المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض كامالا هاريس، من خلال وقف الحرب على غزة، بل استمر في عدوانه خدمة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب. لهذا تساءل البعض طارحًا، عن السبب الذي سيدفع بنتنياهو لتقديم هدية مجانية لبادين في آخر أسابيع ولايته، ويتمثل في الإنجاز الأمني لوقف الحرب في لبنان، بعدما أفشلها سابقًا في غزة؟

قد تكون إسرائيل تحتاج إلى تسوية، أو على الأقل تفتّش عن تسوية دائمة في الجنوب اللبناني، وذلك وفق تقرير أقرته وكالة استخبارات أميركية بناء على واقع ميداني، من أن اتفاق وقف إطلاق النار يظل أفضل فرصة لـ”عودة الإسرائيليين إلى الشمال”، وفق ما نقلت صحفية “نيويورك تايمز”.

إلا أنّ هذه التسوية بالنسبة إلى نتنياهو يجب أن تشكل هدية للرئيس ترامب، بعد تسلم ولايته، لأنّ العلاقة بين الرجلين على ما يبدو وثيقة، إذ ذكرت بعض الدوائر المقرّبة من ترامب أن نتنياهو أجرى ثلاثة اتصالات هاتفية بعد فوز ترامب وهذا ما يعتبر أكثر شخصية مسؤولة تواصلت معه في هذه الفترة.

يجد البعض أن قرار الحرب والتسوية يرتبطان مباشرة بما يقرره هذا الرجل، إلا أنّ التفاصيل في حكومته المصغّرة توضح مدى التعقيدات التي تعصف بقراراته، ومدى التدخلات لوزراء محسوبين على اليمين المتطرف، والتي إلى الآن لم تزل تحضن مشروعه السياسي، لا بل تبعده عن أبواب السجن. فإن حكومة اليمين المتطرف لديها مشروع في الداخل الفلسطيني. هذا ما أثارته التسريبات التي نقلتها القناة 13 في إسرائيل حول محاولات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير تشكيل ميليشيات وإشعال الأوضاع في القدس، إضافة إلى أن تدخلات زوجته في سياسة الدولة تلقي بآثارها على الرأي العام في إسرائيل.

ذلك أن هذه التسريبات، إضافة إلى تسريبات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش السابقة قبل أشهر حول إجراءات ضم الضفة الغربية، أكدت حقيقة سعي هذا الشخص وتيار الصهيونية الدينية بعامة، للسيطرة القائمة، أو لبناء إسرائيل الكبرى كدولة قومية يهودية إلى الأبد.

وتقاطعت مخاوف نتنياهو مع “الزمرة الصهيونية” ذات الفكر الإلغائي، وحظيت بدعم أميركي لرسم شرق أوسط جديد. لهذا لم يدخل نتنياهو الحرب في غزة ولا في لبنان وبعدها في العراق وصولا إلى طهران لتنتهي على أساس تسويات، بل على أساس تغيير معادلات. لقد أسقط الهجوم الإسرائيلي معادلة وحدة الساحات و”رمي إسرائيل في البحر”، إلى معادلة فرض التطبيع وتغيير خريطة فلسطين، كل هذا قابل لأن يحدث في حال سقطت المقاومة في غزة.

5