كائنات لامرئية وخرافات خارج المنطق وسيلة البسطاء للرد على تهميشهم

"طقوس الاسترضاء" كتاب يكشف عن جذور الخرافات الشعبية.
الخميس 2022/07/21
الموروث يلبي احتياجات نفسية لحامليه

على غرار الكثير من المناطق المهمشة في مختلف البلدان العربية ودول العالم أيضا، يحفل الريف المصري سواء في أقاليم مصر الشمالية أو الجنوبية بالكثير من المعتقدات والعادات والخرافات التي فرضت وجودها واستمراريتها لدى الجماعة الشعبية من جيل إلى جيل، نتيجة لأسباب كثيرة متداخلة، يحللها بعمق كتاب جديد للشاعر والباحث فارس خضر.

يتقصى كتاب “طقوس الاسترضاء” للشاعر والباحث فارس خضر تفاصيل دقيقة لأهم العادات والمعتقدات الشعبية الذائعة في الريف المصري، والمنتشرة بمسميات متقاربة، والتي انتشرن نظرا إلى عمليات الإفقار والعوز وضياع الحقوق التعليمية والصحية، وتزايد ترويج الأفكار السحرية والإدعاء باستنادها على مرجعية دينية.

تتعلق العادات التي يبحث فيها خضر باسترضاء الكائنات غير المنظورة، وهي طقوس عادة ما تندرج ضمن المعتقدات الطبية السحرية للجماعة الشعببية، وذلك لاشتباكها من جهة مع بعض وسائل الطب الشعبي، ومع بعض الممارسات السحرية من جهة أخرى. وتأتي هذه الطقوس السحرية الوقائية لدفع الضرر المحتمل حدوثه من جانب الكائنات غير المرئية، لكنها في الغالب الأعم تكون لاسترضاء هذه الكائنات، نتيجة تعرض أحد أفراد الجماعة لأمراض يعتقد أن لها طبيعة سحرية.

موروث من الخرافات

مجابهة مثل هذه المعتقدات الخرافية تبدأ بهدم الهالة القدسية المحيطة بها، وذلك بردها إلى لغة المنطق الذي أنشأها

يقسم الباحث كتابه، الصادر عن دار الأدهم، إلى مدخل وخمسة فصول، الأول يعرض لبعض تصورات الجماعة الشعبية حول الكائنات فوق الطبيعية، أما الفصول الثلاثة التالية فتتناول الممارسات الشعبية التي تؤدّي للمرأة ثم الرجل ثم الطفل، حال تعرض أحدهم لمرض ما. أما الفصل الخامس فهو بمثابة ملحق لبعض الحكايات الشعبية المؤكدة لتصورات الجماعة الشعبية حول هذه الكائنات.

يؤكد خضر أن الجماعة الشعبية المغصوبة على أن تظل في الدرجة الدنيا للسلم الطبقي، يتفنن أفرادها عبر ميراث زاخر بالأفكار الخرافية المناقضة للعقل، في أن يجعلوا هذه الحياة ـ المملوءة بعلامات الاستفهام ـ متسقة ومتوازنة، حيث يقدمون إجابات تبدو مرضية للعقل الإنساني في طفولته، فإذا بعجلة الحياة المدنية والحضارية تتسارع فتدهسهم في طريقها، وتتركهم فرائس تتنازعهم طريقتان للعيش: الأولى تقدم إليهم قشور الأساليب الحديثة، والثانية تشدهم للوراء، فيسيرون بظهورهم مأخوذين بالحنين للماضي وممارساته الوهمية.

ويشير إلى أن الموروث يلبي احتياجات نفسية لحامليه وإلا ما استمر كل هذه السنوات، وما دراسته له إلا تأكيد لجوانبه الإيجابية، وعشق لجماعة متخلية عن الزيف والتأنق، جماعة تحكي وتغني وتعتقد في صحة تصوراتها عن الواقع المحيط بها، ولأنها مهضومة الحقوق ومكسورة الجناح، تجد نفسها عاجزة، لا عن تفسير وتحليل الظواهر الاجتماعية المكرسة للتفاوت والظلم والقهر فحسب، بل عن مداواة أمراضها الجسمية، فتلجأ لقوى خفية تتصورها متحكمة في كل نواحي حياتها، تتودد إليها بالطقوس والممارسات وتبدي التذلل والضعف والطاعة، لعلها ترضى.

 والمدهش أن العوالم المتخيلة لهذه الجماعة الشعبية ما هي إنعكاس لنظامها الاجتماعي، وتكاد تتطابق تفاصيلها مع واقعها المعيش، مع تحويرات طفيفة؛ تحويرات تبث العقلية الشعبية خلالها أشواقها وأحلامها ورغباتها الدفينة، فتبتكر أفرادا يماثلون أفرادها غير أنهم يمتلكون قوى خارقة ويعيشون حياة خالدة ليست كحياتهم التي تنتهي دوما بالفناء. ومن هنا فإن مجابهة مثل هذه المعتقدات الخرافية يبدأ بهدم الهالة القدسية المحيطة بها، وذلك بردها إلى لغة المنطق الذي أنشأها، وكذلك فك رموزها التي ابتكرها العقل البدائي، حين لم يكن بوسعه إدراك وتفسير الظواهر الطبيعية، التي بدت له غامضة ولكن بفضل روح المحافظة الغريزية للإنسان تستمر هذه الطقوس والممارسة، حتى وإن اختفت المعتقدات القديمة التي أوجدتها.

ويوضح خضر أن هناك طقوس الاسترضاء تقوم بها الجماعة الشعبية لتتقي بها أخطارا يعتقد أنها تتهدد حياة أفرادها منذ لحظة الميلاد وحتى ما بعد الموت، هذه الأخطار المتوهمة ناتجة عن الاعتقاد بأن محيط الجماعة محاط بصفة دائمة بكائنات غير منظورة “فوق طبيعية”، وذات طبيعة طيفية؛ تتسبب في إصابة بعض الأفراد بعدد من الأمراض ذات الطبيعة السحرية، إذ يعجز الطب الحديث عن مداواتها، وينبغي لتفادي هذا الإيذاء القيام ببعض الطقوس لاسترضاء هذه الكائنات، هذه الطقوس التي تختلف خطواتها حسب كل مرحلة من مراحل دورة الحياة، ميلاد، زواج، موت، وكذلك حسب كيفية إصابة الفرد بذلك الأذى.

ميراث زاخر بالأفكار الخرافية المناقضة للعقل
ميراث زاخر بالأفكار الخرافية المناقضة للعقل

ويلفت إلى أن تعدد توقيتات هذا الأذى المتصور الذي يمكن أن تلحقه هذه الكائنات بالأفراد، فهي تنحصر بين ساعات الليل، التي يعتقد أن هذه الكائنات تنشط خلالها، أو في ساعات الظهيرة القائظة حين تخف حركة الأفراد، ويشمل الهدوء أرجاء القرى، في الأماكن المهجورة والخربة وفي مناطق الجبانات أو بقربها. وتضع الجماعة محظورات “تابوهات” تنظم علاقة أفرادها بهذا العالم الخفي، بحيث ينتج عن كسرها ـ بقصد أو بغير قصد ـ أن يصاب الفرد بالأذى، وثمة معتقدات متعددة حول كيفية إصابة الفرد بالإيذاء من جانب الكائنات فوق الطبيعية.

وهي معتقدات ذات صلة وثيقة بظاهرة الموت، ذلك أن كافة مظاهر الحزن التي تعقبه، والذائعة الانتشار في الأقاليم المصرية، وبالتالي كسر التابوهات التي تسنها الجماعة الشعبية وتتوارثها، ذلك الكسر الذي يأتي ـ حسب جيمس فريزر ـ كإعلان صارخ عن اعتراضها الحماسي ضد هذه الظاهرة الكارثية. وإذا كانت طقوس الاسترضاء تجيء لتفادي أخطار يعتقد بوقوعها بالفعل، فإن طقوسا أخرى تمارسها الجماعة لدفع الضرر المحتمل عند تعرضها لهزات عنيفة تهدد توازنها الاجتماعي، وتجبر بعض أفرادها على إتيان المحظور وكسر التابوهات الموروثة.

يعرض خضر مظاهر الإيذاء أو الأذى على حد تعبير الجماعة الشعبية، وكيفية القيام بطقوس الاسترضاء المختلفة لتفاديه، حيث يعرض أولا لبعض هذه المعتقدات حول الكائنات فوق الطبيعة، إذ لا يتوقف الاعتقاد لدى الجماعة حول الكائنات فوق الطبيعة. إذ لا يتوقف الاعتقاد لدى الجماعة الشعبية عند ونوع وعمر أفراد كل بيت، يل يعتقد أيضا بوجود مثيل متطابق، في ذلك العالم الذي لا يرى رأي العين، وإن كانت أخطاره ماثلة للعيان للأنظمة الاجتماعية القائمة بالمجتمعات الشعبية، وكذا وجود التراتب الوظيفي لأعضائها. وهذا تصور يكشف عنه بوضوح نصان لاستحضار الجان وصرفه ضمن طقوس “الرضوة” فقد ورد ضمن هذين النصين اللذين يتوجهان بالحديث مباشرة مع هذه الكائنات غير المنظورة، “ذكر العمدة”، و”القاضي” و”شيخ الخفر”، وهو تقسيم يتفق مع ما ذهب إليه الأنثربولوجيون بأن “المعتقدات الخاصة بعالم القوى الخارقة “فوق الطبيعية” ما هي إلا عملية تحوير لحياة الإنسان الاجتماعية، بل إن هذه المعتقدات تتشكيل إلى حد ما وفقا لنظامه الاجتماعي.

الجماعة الشعبية المغصوبة على البقاء في الدرجة الدنيا للسلم الطبقي يتفنن أفرادها في خلق الأفكار الخرافية

ويرى أن الاعتقاد بهذا التماثل بين العالمين يرجع يرجع إلى طموح الكائن الإنساني ورغبته في امتلاك قوى خارقة ـ كتلك التي تمتاز بها هذه الكائنات ـ بحيث تمكنه من الخروج من دارة إمكاناته المحدودة إلى دائرة أرحب؛ يستطيع خلالها الاطلاع على الأسرار ورؤية الغيب المستتر عنه، وبما أن هذه الأفعال الخارقة في واقعه اليومي، فقد يشبع نزعته هذه أن يكون له شبيه أو مثيل شبيه أو مثيل في عالم آخر غير مرئي بالنسبة له، لكنه يمتلك هذه الطاقات الخارقة، ولا يفتقد لعلاقة خفية تربط بينهما وتتحكم في مسار الأحداث.

ويتابع “توصف الكائنات فوق الطبيعية بـ ‘الأسياد‘ وكذلك بالملائكة ‘المخفيين‘ وهما وصفان يدلان على ما يعتقد بقدرة هذه الكائنات غير المرئية، وما تملكه من سطوة على الأفراد، تشبه سطوة السيد على عبيده. ومن ثم ينبغي إقامة علاقة ما مع هذا العالم لتفادي خطورته. وهذا التصور يماثل الاعتقاد القديم، إذ كان الناس يصورون العالم السفلي بقواه المسيطرة على أنه يحتاج للخضوع من جانب الأحياء، فهو عالم غير مادي، وما يمكن أن يتسبب به للإنسان يكون أيضا غير ملموس”.

 وكذلك، يبين أن الجماعة تختزل إشارتها إلى هذا العالم بكل مكوناته بكلمات مثل “الأرواح”، و”الإخوان”، كما تسمى عادة بصفاتها؛ كالملائكة الدوارة والقرين والأخت… إلخ. مع أن “الملائكة” في المفهوم الديني تعني كائنات أخرى غير الجان الذي تحاول الجماعة الشعبية استدعاءهم واسترضاءهم، كما أن “الملائكة الطوافين”، أو “الملائكة الياحين” لهم حضور خاص في مجالس الذكر، ويحفون الذاكرين، ولا علاقة لهم بالغضب من بني الإنسان أو إيذائه.

أمثلة من المعتقدات

فارس خضر باحث يغوص في تفاصيل دقيقة لأهم العادات والمعتقدات الشعبية الذائعة في الريف المصري
فارس خضر باحث يغوص في تفاصيل دقيقة لأهم العادات والمعتقدات الشعبية الذائعة في الريف المصري

يلاحظ خضر وجود الثنائيات في التصورات الخاصة بهذه الكائنات، فكل مسمى منها ما يقابله، بحيث يكون أحدهما دافعا للخير والآخر للشر، فالملائكة الدوارة تنقسم إلى أهل يمين وأهل شمال، والقرائن يقابلها “الأخوات” والعفاريت يقابلها “الجان” ويرجع هذا التقابل إلى فكرة الثنائيات التي لازمت العقلية البدائية منذ طفولة البشرية، لتقوم بوظائف تعليمية ووعظية وإرشادية.

ثمة اعتقاد بأن الملائكة الدوارة تحمل أرواح أصحابها وهم نيام، وتجوس في القرى لتمارس حياتها ليلا كما يفعل أصحابها نهارا. فإذا ما اعتدى أحد عليها بالضرب يتأمل صاحب الروح النائم في سريره .ويرتبط الاعتقاد بوجود الملائكة الدوارة بذلك الاعتقاد القائل بأن الروح تفارق الجسم أثناء النوم،وتهيم متجولة بعيدا عنه، فإذا اتفق وحدث شيءٌ للروح فلن يستيقظ النائم،وقد يصاب بالمرض، وبالرغم من أن مفارقة الروح للجسد أثناء النوم من المعتقدات الدينية الثابتة بنص القرآن الكريم، إلا أن الجماعة الشعبية تتصور أن الأرواح تفارق أصحابها ليلا عادة ما تتلبس جسد أحد الحيوانات الضالة، ولهذا لا تجرؤ امرأة من الجماعة أن تهش قطة تعبث بآنية المطبخ ليلا.

ويذكر أنه إذا ضربتها بعصا، فإن هذه المرأة تصحو من نومها في الصباح لتجد ذراعها “مشكولة” بمعنى مصابة بما يشبه الشلل المؤقت، نتيجة تعديها على الملاك الحارس، ولا تشفى ذراع المرأة من إصابتها هذه إلا بعد أن تقوم طقوس “الرضوة” لكي ترضى عنها الملائكة التي أغضبتها. إذ يعتقد أن هذه القطة أو هذا الكلب روح ملاك حارس ليلي ضمن الملائكة الدوارة. إن فكرة الأرواح الهائمة في هيئة ملائكة حارسة هي من الاعتقادات الذائعة في المجتمع المصري، وهو اعتقاد ينسب حدوثه الدائم لتوائم الأطفال، إذ يعتقد أن الطفل الثاني من التؤأم إذا أحس بالجوع وهو نائم تخرج روحه، بعد أن تتلبس جسد قطة، وتعبث في حجرة المطبخ بالبيت الذي يوجد به، أو بواحد من بيوت جيرانه بحثا عن الطعام.

وتتبدى مظاهر إيذاء الكائنات فوق الطبيعية في ثلاثة أشكال محددة، فيما تتنوع وتتداخل طقوس استرضاء هذه الكائنات وتختلف حسب تقييم الجماعة الشعبية لمسببات الإيذاء ودرجته، وأشكال الإيذاء هذه غالبا ما تجيء في صورة امرأة “مشاهرة” أو “مشهورة” أو في صورة رجل “ملمسوس” أو “طفل مبدول”، فالمشاهرة إعاقة مؤقتة يعتقد أنها تصيب المرأة أو وليدها، نتيجة عدم التزامها بمجموعة التابوهات “المحظورات” التي تحددها الجماعة.

خضر يؤكد أن الجماعة الشعبية المغصوبة على أن تظل في الدرجة الدنيا للسلم الطبقي، يتفنن أفرادها عبر ميراث زاخر بالأفكار الخرافية المناقضة للعقل، في أن يجعلوا هذه الحياة، المملوءة بعلامات الاستفهام، متسقة ومتوازنة

ويعتقد أن هذه الإعاقة قد تستمر طوال عمر المرأة، مل لم تستطع إزالة أثارها “فكها” بأي طقس من طقوس الفك المتعددة، وتبدو مظاهر هذه الإعاقة في عدم الانجاب إذا كانت عروسا حديثة، أو التوقف عنه، إذا ما كانت قد أنجبت من قبل حدوث الإصابة، وأقل درجات هذه الإصابة هي جفاف لبن الأم المرضعة، وحدوث اضطراب في الدورة الشهرية أو إصابة وليدها بآلام في العينين أو بتعثر المشي وتأخره عن السن المعتادة. ويعد كل ما يتخلف عن خطوات تجهيز الموتى قاسما مشتركا في العديد من طرق فك “المشاهرة”، وذلك للاعتقاد بما لهذه البقايا من صفات سحرية كامنة، تصلح للتداوي بها، وكذا لفك المشاهرة، ولإزالة المس الشيطاني وعلاج الطفل المتعثر في مشيته “المشوهر” أيضا، أو المبدول.

أما الملموس أو الممسوس والملبوس، فهي ألفاظ ثلاثة يتم استخدامها للدلالة على نفس المعنى، وذلك للإشارة إلى إصابة الفرد بأعراض مرضية، يعتقد أنها ناتجة عن كسره أحد التابوهات المنظمة لعلاقته بالكائنات فوق الطبيعية، وقد يتعرض لهذه الإصابة ـ كما تعتقد الجماعة الشعبية ـ بشكل مباشر حين يتراءى له “عفريت” أو أن يمس جسده من دون أن يراه، وذلك بأن يمر بجواره، فيستشعر ذلك الفرد هواء باردا قد ضرب جسده، فيصاب برجفة عنيفة مما يدل على تحقق إصابته بالمس، وترتبط كلمة المس بالشيطان ويوصف الرجل الذي يعتقد أن الشيطان مسه بالممسوس، والمرأة بالمضروبة، وهما التعبيران الأكثر شيوعا لدى الجماعة الشعبية.

ومسببات هذا المس كما تحددها الجماعة تأتي نتيجة كسر تابوهاتها مثل أولا المرور بأحد المناطق المسكونة بالجان وهي عادة ما تكون خرائب ومناطق خلاء وبيوت قديمة مهدمة وغير مسكون ببشر، ثانيا حضور امرأة حائض لحظة احتضار أحد الأفراد. ثالثا إصابة الفرد بالخضة أثناء زيارة ضريح أحد الأولياء. رابعا الحزن الشديد والبكاء الحار أثناء زيارة قبر لمتوفي حديثا.

ويتطرق خضر للحديث أيضا عن طاسة الخضة التي توصف بـ “الرضوة” غير أنها وأن كانت تتفق مع “الرضوة” في هدفها النهائي، وهو طلب القبول من أرواح العالم السفلي، إلا أنها تختلف في الأغراض التي تعد لأجلها، إذ لا يتم إعدادها، إلا لمن أصيب بفزع عند رؤيته أو ملامسته ميتا، ممن لم تكن ميتته طبيعية، إذ يتحتم القيام بطقوسها لمن يشاركون في نقل جسده من موقع الحادث، سواء بانتشاله من بئر بعد غرقه، أو بنقل جثمانه بعد حريق أو حادثة.. إلخ، ويطلق على تلك الرجفة المفاجئة التي تنتاب الفرد عند رؤية ميت اسم “الخضة”.

وطاسة الخضة هي “طاسة من نحاس مرسوم عليها صور طيور أو مكتوب كتابات غير واضحة، يوضع فيها ماء ثم تعرّض في الليل للندى، ثم يشربه المريض، ويوجد حول الطاسة نحو أربعين قطعة معدنية رقيقة كالصفيح كذلك، فإذا فقدت واحدة منها زال مفعولها” ويشترط في هذا الإناء النحاسي القديم أن يكون قد استخدم بكثرة في بيت الرجل “الممسوس” أو “الملبوس” وتتم خطوات الترضية بهذا الطاسة في ثلاث ليال متتالية.

13