قيس سعيد: لا تطبيق لقانون تشغيل من فاقت بطالتهم عشر سنوات

تونس - رفض الرئيس قيس سعيد تفعيل القانون رقم 38 الصادر العام الماضي، والذي يقضي بتشغيل من فاقت بطالتهم العشر سنوات، في خطوة لاقت ترحيبا باعتبار غياب الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك.
ووجه الرئيس سعيّد مساء الجمعة اتهامات مبطنة للحكومات السابقة بارتكاب فساد إداري وممارسة المحسوبية في التشغيل على نطاق واسع، ما دفع بالآلاف إلى الانتفاع بوظائف بمؤسسات الدولة بشهائد مزورة.
وقال سعيد خلال لقائه وزير التشغيل في حكومة نجلاء بودن، إن الآلاف تقدموا إلى الوظائف بشهائد تحمل أختاما غير صحيحة بتواطؤ جهات لم يسمّها، مضيفا أن عددا منهم جرت إحالته إلى القضاء.
وقال الرئيس “عديدون انتفعوا بهذه الشهائد بناء على ولائهم وبناء على تواطؤ جهات مكنتهم من هذه الشهائد”.
ويطالب عشرات الآلاف من خريجي الجامعات التونسية ممن طالت بطالتهم أكثر من عشر سنوات بتشغيلهم آليا، وتطبيق قانون صدر في أغسطس 2020 يمنح أولوية الانتداب لهذا الصنف من العاطلين.
لكن الرئيس سعيد قال إن هذا القانون “وضع لبيع الأوهام واحتواء الغضب”.

رابح الخرايفي: قرار سعيد شجاع وصريح لأن القانون 38 غير قابل للتطبيق
وتبلغ نسبة البطالة في تونس 18.4 في المئة في إحصائيات تخص الربع الثالث من هذا العام يمثلون أكثر من 762 ألف عاطل.
وقبل عام كانت نسبة العاطلين من حاملي الشهادات العليا قرابة الثلث من إجمالي العاطلين.
وتعهد سعيّد الذي أعلن التدابير الاستثنائية في البلاد وعلق العمل بمعظم مواد الدستور، بمكافحة الفساد المستشري بمؤسسات الدولة والتصدي للفوضى.
وقال سعيّد “سنعمل على تطهير البلاد، لأن الشعب يريد تطهير البلاد”.
ورحبت أوساط سياسية بقرار سعيد باعتبار أن القانون المذكور وُصف حتى قبل مصادقة البرلمان المجمدة أعماله بالشعبوي، حيث ترزح تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية حادة، لكن العديد من الشباب الذين راهنوا على القانون خرجوا في احتجاجات في عدد من المدن.
وأكد رابح الخرايفي الكاتب والباحث في القانون الدستوري السبت أن القانون عدد 38 المتعلق بالانتداب الاستثنائي لمن طالت بطالتهم، يعتبر من “القوانين المهجورة التي لا يمكن تنفيذها” مرجعا ذلك لـ”غياب الأسس المالية”.
ونقلت إذاعة “إكسبراس أف.أم” المحلية عن الخرايفي، قوله “كان من المفروض الإقرار بعدم دستورية هذا القانون من طرف الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين”.
وبخصوص إعلان سعيد عدم تفعيل هذا القانون، قال المتحدث “هو قرار شجاع من الناحية السياسية لأنه لا بد من المصارحة بالواقع وعدم بيع الأوهام”، مضيفا “رئيس الجمهورية كان ولأول مرة صريحا من خلال قراره هذا”.
وتابع “كلّ من رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة مُطالبان بالخروج وبمصارحة الشعب واتخاذ قرارات في إطار التقشف، من قبيل إيقاف توريد كل ما هو استنزاف للمالية العمومية، إضافة إلى الحدّ من استعمال السيارات الإدارية”.
وواصل “على سعيّد مخاطبة الشعب خاصة حول ما يتعلق بموارد صندوق 1818 واعتماد الشفافية لكسب ثقة التونسيين، وعليه الإعلان عن إيقاف الانتدابات ما عدا المتعلقة بالأمن والجيش، وكذلك التوجه إلى تعبئة 40 في المئة من الضرائب غير المستخلصة والإعلان عن الترفيع في الضرائب لتغطية العجز المالي الوارد في قانون المالية التعديلي للسنة الحالية”.
وفي المقابل، أثار قرار الرئيس سعيد غضب عدد من الشباب العاطلين عن العمل الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج في بعض المدن.
وتظاهر العشرات من العاطلين عن العمل في ولاية (محافظة) قفصة (جنوب غرب).
ورفع هؤلاء المتظاهرون شعارات على غرار “خدّمونا خدّمونا ولا هزوا وقفونا” (نريد التوظيف أو أوقفونا في السجون)، وغيرها من الشعارات.
وبدورها طالبت حركة الشعب التي تعد الحزب الرئيسي الداعم لسعيد بتطبيق القانون عدد 38.
وقالت الحركة في بيان نشرته السبت إن “الحكومة مطالبة بمباشرة إصدار الأمر الترتيبي المتعلق بالقانون المذكور بعيدا عن استحضار كل الخلفيات والحسابات السياسية التي رافقت صياغته والمصادقة عليه”، مذكّرة بأنها صاحبة المبادرة التشريعية التي أفرزت القانون.
وطالبت الحركة الحكومة بـ”مباشرة العمل على حلحلة كل الملفات ذات العلاقة بالتشغيل الهش وملف المفروزين أمنيا على خلفية نشاطهم النقابي والسياسي في الجامعة والدكاترة المعطلين عن العمل”، محمّلة الدولة “مسؤولية إدماج قوة البلاد الشبابية للمساهمة في بناء تونس الجديدة وإيقاف نزيف تحويلها إلى فريسة سهلة لعصابات الهجرة السرية والإرهاب والانحراف”.
وذكّرت بأن “حركة الخامس والعشرين من يوليو التصحيحية كانت استجابة لمطالب الشعب المنادية بدور الدولة الاجتماعي الذي تم تغييبه لفائدة دوائر الفساد ومجاميع الريع والرأسمال الطفيلي” وبأن “استعادة الدولة لدورها في التنمية هي مقياس نجاح أو فشل كل فعل سياسي مستقبلي”.