قوانين النظام القديم تطارد الصحافيين السودانيين

رغم أن الدستور المؤقت يكفل حرية الصحافة، إلا أن القوانين الصارمة التي كان يستخدمها النظام السابق ضد وسائل الإعلام لا تزال سارية حتى الآن.
الجمعة 2021/04/23
صحافة مكبلة بقوانين بالية

الخرطوم – أفاد تقرير منظمة مراسلون بلا حدود بتحسن تصنيف السودان في مؤشر حرية الصحافة بعد عام من الإطاحة بنظام الرئيس حسن عمر البشير، إلا أن بعض الممارسات ما زالت قائمة وتعيق حرية العمل الصحافي.

وقالت المنظمة في تقريرها عن السودان، بعنوان “المشهد الإعلامي في حاجة إلى إعادة البناء”، “وإذا كانت مطاردة الصحافة من قبل أجهزة الأمن والمخابرات أقل جلاءً في الوقت الحالي، فإن السياسة المتوحشة السالبة للحرية لم تختف تماما. وظلت معظم الصحف التي تغطي الأحداث السياسية تابعة للنظام القديم أو مقربة من مؤيديه”.

وكانت أجهزة الأمن والمخابرات تعتبر اللبنة الأساسية في آلية الرقابة التابعة للنظام، إذ كانت تتدخل مباشرة في وسائل الإعلام ودور الطباعة لاتخاذ شتى أنواع الإجراءات التعسفية، من منع لنشر الصحف ووضع “خطوط حمراء” أمام الصحافيين، وفقاً لمصالح السلطة الحاكمة.

وفي ذروة “ملاحقة الصحافيين” خلال العهد السابق، وبينما كان النظام يترنح في أوائل أبريل 2019، وثقت مراسلون بلا حدود أكثر من مئة حالة اعتقال في أوساط الفاعلين الإعلاميين، حيث ترك ذلك النظام عواقب وخيمة على المشهد الإعلامي الذي يجب إعادة بنائه من الأنقاض.

وتواصل الوحدة الجهادية السيبرانية نشاطها المتمثل أساساً في مراقبة الصحافيين والتجسس عليهم، كما تعمل على نشر رسائل أو مقالات تحتوي على معلومات كاذبة، وذلك بهدف تشويه سمعة السلطات المشرفة على المرحلة الانتقالية أو الدفاع عن أحزاب النظام القديم التي ما زالت تسيطر على غالبية وسائل الإعلام.

مراسلون بلا حدود: من الضروري توفير الدعم والتدريب لترسيخ عقلية الصحافة الحرة والمستقلة بعد ثلاثين عاما من القمع

وأصبحت السيطرة على الصحافة تتم بشكل أقل جلاءً وأكثر خُبثا؛ ذلك أن هيئة الإذاعة والتلفزيون العامة السودانية لا تزال مليئة بعملاء مخابرات سريين مندسين في هياكلها منذ فترة طويلة، لذلك تظاهر مئات الصحافيين العاملين في هذه الهيئة أمام وزارة الإعلام في أواخر 2019.

ويصعب انضمام فاعلين جدد إلى الحقل الإعلامي، بالنظر إلى الشروط المشددة التي تقتصر فقط على الجهات الحكومية والأحزاب السياسية والشركات العاملة أصلاً في هذا المجال. كما أن نسبة الصحافيات ضعيفة للغاية في المناصب الإدارية داخل وسائل الإعلام، علماً أنهن يتعرضن بانتظام للمضايقات وأعمال العنف.

ورغم أن الدستور المؤقت للمرحلة الانتقالية يكفل حرية الصحافة والوصول إلى الإنترنت فإن القوانين الصارمة التي كان يستخدمها النظام السابق ضد وسائل الإعلام لا تزال سارية حتى الآن.

وقالت المنظمة “من الضروري توفير الدعم والحماية والتدريب لترسيخ عقلية الصحافة الحرة والمستقلة بعد ثلاثين عاماً من القمع الذي جعل من الرقابة الذاتية القاعدة الأساسية في معظم وسائل الإعلام”.

وأصدر النظام السابق قوانين عدة مقيدة لحرية الصحافة والتعبير، أبرزها قانون عام 2009 الذي تضمن مواد عقابية تنص إحداها على حظر الصحف لأيام عدة، أما قانون عام 2013 فنصّ على إمكان إغلاق دور الطباعة وفرض غرامات على الناشرين، في حين ظل بند مخالفة هذه القوانين غير واضح.

وكانت مصادرة الصحف تتم دون سابق إنذار ودون أن يعلم الناشرون سبب ذلك، كما كان يتم استدعاء الصحافيين أمام النيابة العامة بلا إجراءات قانونية محددة، ومن غير علم بتهمتهم.

وفي غالبية الحالات يأتي التكهن بالسبب في وقت لاحق، ويكون انتقاد سياسات الحكومة أو الإشارة إلى بعض مواطن الفساد الحكومي وغير ذلك. واحتل السودان المرتبة 159، متقدماً 16 مرتبة عن موقعه العام الماضي في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره مراسلون بلا حدود.

18