قوانين الانتخابات تدفع نحو معركة بين عقيلة وباتيلي

باتيلي: بلغني صدور القوانين من الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي.
السبت 2023/10/07
شهر واحد يكفي في ليبيا لانقلاب المواقف

تونس – تتجه العلاقة بين مجلس النواب الليبي وبعثة الأمم المتحدة إلى مواجهة مفتوحة في ظل اتساع الخلافات بين الطرفين بعد إدخال البرلمان تعديلات على القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6 ومصادقته عليها بشكل أحادي.

يأتي ذلك بينما أعلن رئيس البرلمان عقيلة صالح عن الاستعداد لتشكيل حكومة جديدة، ووصم رئيس مجلس الدولة الاستشاري، محمد تكالة الذي رفض مجلسه التعديلات على القوانين، بأنه منقوص الخبرة وهناك جهات تؤثر عليه، وهو ما يؤكد اتهامه بالدفع نحو تأزيم الأوضاع.

ويرى مراقبون أن صالح تعمّد تجاهل دور البعثة الأممية ورئيسها عبدالله باتيلي، الذي لم يجد أمامه سوى توجيه خطاب إلى مجلس النواب في بنغازي ليطلب تمكينه من الحصول على نسخة رسمية منقحة من القوانين التي لم يطلع عليها، والتي أحالتها اللجنة المشتركة 6+6 إلى مجلس النواب، ليصادق عليها الاثنين الماضي ويأمر بإحالتها إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات.

وقال باتيلي “لقد تفاجأت حين بلغتني الأخبار، عبر الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي، أنكم استلمتم مشاريع القوانين التي أعدتها لجنة 6+6 وأنكم عرضتموها على جلسة لمجلس النواب”، مذكّرا رئيس مجلس النواب بأنهما كانا قد اتفقا خلال اجتماعاتهما في بنغازي يوم 24 يوليو، وفي مقر إقامة رئيس مجلس النواب في الثاني من سبتمبر الماضي، على أن يكون التواصل بين الطرفين من خلال القنوات الرسمية.

الخلاف بين الطرفين يعني حصول باتيلي على دعم دولي وفشل مجلس النواب في تغيير الوضع الحالي في البلاد

وكشف باتيلي في خطابه أن عقيلة صالح التزم بمشاركة بعثة الأمم المتحدة، ومشاركته شخصيا، مشاريع القوانين الانتخابية التي ستقدم إلى مجلس النواب من قبل اللجنة البرلمانية المشتركة 6+6 حال استلام النسخ النهائية، مشددا على ضرورة أن تستند العملية الانتخابية إلى قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ.

وبادر صالح بتلبية رغبة باتيلي، وقال الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق إنه تم تسليم نسخة من قانون انتخاب رئيس الدولة وقانون انتخاب مجلس الأمة للمبعوث الأممي إلى ليبيا بناء على طلبه.

وينتظر أن يعلن باتيلي عن موقفه النهائي من القانونين بعد تنسيق المواقف مع عدد من القوى الداخلية والخارجية المؤثرة في الملف الليبي، فيما ترى أوساط ليبية مطلعة على الأمر أن أغلب المؤشرات تصب في اتجاه تمسك المبعوث الأممي بمواقفه السابقة الرافضة لتشكيل حكومة جديدة ولاعتماد قوانين انتخابية دون توافق عليها.

وقالت بعثة الأمم المتحدة في بيان الجمعة إنها ستعمل على “تقييم إمكانية تطبيق” قوانين الانتخابات التي أصدرها رئيس البرلمان، وأضافت أنها تلقت نسخة من تلك القوانين يوم الخميس.

وذكر البيان أن البعثة ستعمل أيضا على التوصل إلى حلول وُسطى “بما يشمل الأمور المتعلقة بتشكيل حكومة موحدة” وتعتقد أن الحلول السياسية يجب أن تكون “بالتوافق وقابلة للتطبيق” لضمان عملية انتخابية سلسة.

وسعى صالح لتجاوز باتيلي، ومخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مباشرة من خلال مراسلة، طالب فيها بحشد الدعم الدولي لتشكيل حكومة موحدة مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لافتا إلى ضرورة تشكيل حكومة موحدة مهمتها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقًا لنص المادة 86 من قانون انتخاب رئيس الدولة، والمادة 90 من قانون انتخاب مجلس الأمة، لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل حكومة موحدة في كافة أنحاء البلاد.

ويرجح مراقبون أن يحتدم الجدل خلال الأيام القادمة بين مجلس النواب والبعثة الأممية، بخصوص مضامين القانونين الانتخابيين وشرعية التعديلات المسقطة عليها، وكذلك بإعلان عقيلة صالح عن الاتجاه نحو تشكيل حكومة جديدة قادرة على بسط نفوذها على مختلف مناطق البلاد بدلا من حكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية ولايتها والتي تباشر مهامها من طرابلس وحكومة أسامة حماد التي تعمل انطلاقا من بنغازي وتفتقد إلى الغطاء الدولي.

ويضيف المراقبون أن الخلاف بين الطرفين يعني حصول باتيلي على دعم المجتمع الدولي وخاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفشل مجلس النواب في تغيير الوضع الحالي في البلاد وبقاء السلطات الانتقالية الحالية، بما فيها حكومة الدبيبة، إلى أجل غير مسمى، ملاحظين أن الأزمة الليبية مستمرة وقد تزداد حدّة خلال الفترة القادمة.

ولا يستبعد هؤلاء المراقبون أن يكون باتيلي الذي زار كلا من الدوحة وأبوظبي خلال الأسبوع الجاري قد سعى لجس النبض بشأن مدى اهتمامهما بالملف الليبي وما إذا مازال بإمكانهما التأثير على الفرقاء الليبيين وخاصة عقيلة صالح الذي تربطه علاقة جيدة بالبلدين.

ويستند المراقبون في ملاحظاتهم إلى أن مجلس النواب المنتخب منذ عام 2014 لا يمتلك دورا أساسيا في مناطق سيطرة حكومة الوحدة وغير قادر على تغيير الأوضاع في طرابلس، وله خصوم سياسيون في مقدمتهم الدبيبة الذي أكد في أكثر من مناسبة تمسكه بمنصبه الحالي، وأعلن انه غير مستعد للاعتراف بما يصدر عن مجلس النواب.

وترجح مصادر ليبية أن يكون صالح كلف عددا من النواب المقربين منه بالتعبير عن موقفه المناهض لباتيلي، ومن بينهم النائب عبدالسلام نصية الذي دعا المبعوث الأممي إلى الرحيل عن ليبيا، ووصف خطابه إلى رئيس مجلس النواب بـ”البائس”، متسائلا “ألا يعلم باتيلي أن التعديل الدستوري 13 ملك لليبيين وأنه لا يتضمن أن يطلع باتيلي على القوانين قبل عرضها على مجلس النواب، وأن ذلك يعد انتهاكا للسيادة الليبية وانحرافا عن مهام وظيفته؟ أم أن باتيلي يرى أنه فوق الإعلان الدستوري؟”.

tt

كما رفض عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي أي وصاية من البعثة الأممية برئاسة باتيلي، بخصوص القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة 6+6 والمعتمدة من مجلس النواب، داعيا إلى ضرورة إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة موحدة.

وطلب عضو مجلس النواب حفيظ شنينة من عقيلة صالح توجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يبلغه فيها بأن باتيلي غير مرغوب فيه وغير جدير بمهمة المبعوث الأممي، معتبرا أن البعثة الأممية تعرقل مسار الانتخابات وباتيلي يجب أن يُستبدل.

ووصلت ظاهرة الأصوات الداعية لطرد باتيلي إلى المنطقة الغربية، ومن بينها مصراتة، حيث دعا المرشح الرئاسي سليمان البيوضي مجلس النواب إلى إصدار بيان رسمي مسنود ببيانات من النخب والقوى الاجتماعية والسياسية، للمطالبة باستبعاد باتيلي من البعثة بسبب تدخلاته السلبية ومحاولاته لتعطيل الحل.

وينتظر أن يحتدم الخلاف بين صالح وباتيلي خلال الأيام القادمة في ظل تحالف القوى المناهضة للقوانين الانتخابية ولتشكيل حكومة جديدة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ومنها المجلس الرئاسي ومجلس الدولة وحكومة الوحدة الوطنية، وهو ما يرجح تعميق حالة الانقسام السياسي والاجتماعي التي ستستفيد منها السلطات الحالية في غرب البلاد وشرقها لتكريس نفوذها وتمديد مهامها سنوات أخرى.

1