قلق الآباء على دروس الأبناء يربك نفسياتهم ويبدد فرص نجاحهم

تسلط الوالدين وتشددهما مع أطفالهما يجعلهم أكثر ميلا إلى المبالغة في انتقاد أنفسهم والقسوة عليها.
الخميس 2020/11/19
الضغوط المتواصلة تؤدي إلى نتائج عكسية

لندن - يعيش الآباء والأمهات حالة من التوتر عند مساعدة أبنائهم على القيام بواجباتهم المنزلية، وتفاقم هذا التوتر في زمن كورونا ومساهمة الأسر في عملية تعليم الأبناء بسبب التغيرات التي فرضتها هذه الجائحة على أساليب التعليم وتفعيل أكثر لدور العائلة في تدريس الأبناء في المنزل.

وتتضاعف هذه الضغوط بسبب مشاعر القلق والتوتر التي يعيشها الأولياء في هذه الفترة والتي لها تأثيرات سلبية على الأبناء الذين يحتاجون إلى الهدوء والسكينة من قبل المحيطين بهم.

وقالت المختصة في علم النفس الإكلينيكي في مصر الأستاذة هدى عبدالعال العماوي “يبالغ الآباء والأمهات في مجتمعاتنا أحيانا في لوم أطفالهم وانتقاد سلوكهم ومطالبتهم بتحقيق نتائج أحسن في الدراسة إيمانا منهم بأن ذلك يصب في مصلحة الأبناء ويجعلهم أكثر انضباطا وقدرة على الإنجاز، لكن العلم يؤكد أن تلك الطريقة لها آثار نفسية سلبية تمتد إلى ما بعد الطفولة”.

وأضافت موضحة لـ”العرب”، “أكدت إحدى الدراسات على أن تسلط الوالدين وتشددهما مع أطفالهما يجعلهم أكثر ميلا إلى المبالغة في انتقاد أنفسهم والقسوة عليها وهذه المشكلة تتزايد بمرور العمر وتنتج عنها آثار بعيدة المدى”.

وأشارت إلى أن الأطفال الذين لديهم انتقادات متزايدة للذات تظهر عليهم أعراض اكتئاب وقلق أكثر من غيرهم بسبب ذلك، مشددة على “ضرورة التسامح مع فشل أطفالهم الدراسي”.

وتابعت المختصة المصرية أنه عندما يتدخل الوالدان على سبيل المثال لحل الخلافات أو المشكلات التي تواجه أطفالهما في أثناء اللعب مع أقرانهم أو في قاعة الدرس تضيع على الأطفال فرص عظيمة لتعلم مهارات حل المشكلات، وحتى لو فشلوا في حل المشكلة يمكنهم إعادة المحاولة من جديد، ودون اكتساب هذه المهارات قد يصبح الأطفال أكثر اعتمادا على غيرهم ويعانون من القلق والاكتئاب.

وأكدت أنه لا شك أن الآباء والأمهات يقومون بتلك الممارسات الخاطئة عن حسن نية، لأنهم يرغبون في أن يكون أطفالهم في أحسن حال، لكن ينبغي ألا تكون تلك الآمال بمثابة توقعات تلقى على عاتق الطفل والتي يجب أن يصل إليها وإلا يعتبر فاشلا.

كل ما يقوم به الآباء بوعي أو من دونه يسلط ضغوطا كبيرة على الأبناء، فيزداد توترهم وينعكس ذلك سلبا على نتائجهم الدراسية

ولفتت إلى أن الأفضل أن يدعم الوالدان أطفالهما في تحقيق توقعاتهم الخاصة بأنفسهم، وأن يتعلم الآباء تقبل الأبناء كما هم بصفاتهم وقدراتهم التي ولدوا بها ويشجعوهم ويظهروا التقدير والرضا عما أنجزوه مما يساعدهم على التألق ويجعلهم يشعرون بالرضا عن أنفسهم والسعادة في حياتهم.

وأكد المختصون أن اهتمام الكثير من أولياء الأمور بالنتائج الدراسية لأبنائهم قد يبلغ حدا ينسيهم الاهتمام بالأبناء أنفسهم كما لو كانت هذه النتائج أهم من الأبناء، حتى إنّ الابن، في مثل هذه الحالة، يشعر بأن حب والديه له وعطفهما عليه مرهونان بنتائجه الدراسية، مما يجعل علاقته بوالديه مُعرضة دائما للاهتزاز وعدم الثبات.

وحذروا من أن شعور الابن بالفشل والإحباط بسبب نتائجه الدراسية المتدنية قد يدفعه حتى إلى التفكير في الانتحار، وقد يميل إلى تعذيب نفسه بأشكال مختلفة كأن يتظاهر بالمرض أو يفقد شهيته للطعام أو يتكاسل في أداء واجباته المدرسية، كل ذلك ليثير اهتمام والديه به شخصيا بدل اهتمامهما بنتائجه المدرسية.

وأكد الخبراء أن انتشار ظاهرة الغش في الامتحانات، تشكل إفرازا لهذا الوضع الذي ينظر إلى الامتحان كغاية في حدّ ذاته كما لو كان الامتحان هو الحد الفاصل بين النجاح والفشل، وهو الذي يحدد في ما إذا كان الطفل يستحق احترام والديه وتقديرهما أم العكس.

وأفاد الخبراء أن كل ما يقوم به الأولياء بوعي أو من دونه يسلط ضغوطا كبيرة على الأبناء، فيزداد توترهم وقد ينعكس كل ذلك بالسلب على نتائجهم المدرسية وعلى مستقبلهم بصفة عامة.

وأشاروا إلى أن قيام الآباء والأمهات بدور المعلم في المنزل يجعلهم لا يتمالكون أعصابهم ولا يتقبلون من أبنائهم أي تهاون أو تكاسل أو التعبير عن عدم قدرتهم على الفهم واستيعاب المعلومة بشكل سريع مما يستفزهم.

ولفت خبراء التربية إلى أن أولياء الأمور الذين يستخدمون الترهيب مع أبنائهم لن يجنوا منهم سوى العناد والتمرد في المستقبل، حيث يظن الأبناء أن الترهيب هو الأسلوب الأمثل في التعامل مع أقرانهم، فالعنف لا يمكن أن يولد إلّا عنفا بل وينشئ أطفالا عدوانيين في سلوكياتهم مع أصدقائهم، ويترك ذلك تأثيرا وخيما عليهم، يدفعون ضريبته لاحقا.

21