قطر تقود مساعي لتقويض دور القبائل في ليبيا

الدوحة تدخلت في توجيه الدعوات لمشائخ التقوا الرئيس التونسي قيس سعيد.
الخميس 2020/03/12
وعي شعبي بالأجندات الخارجية

استشعرت قطر في وقت مبكر تداعيات اصطفاف شيوخ قبائل ليبيا خلف الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ما دفعها إلى التحرك بسرعة لإنقاذ أذرعها الإسلامية المحاصرة في العاصمة طرابلس. وفي إطار تبادل الأدوار أُوكل إلى تركيا الدعم اللوجستي لميليشيات حكومة الوفاق بينما تتكفل الدوحة عبر نشرها للإشاعات بمهمة شق صفوف القبائل.

هراوة (ليبيا) - يمثل تفويض قبائل ليبيا للقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر بتطهير البلاد من التدخل التركي والمرتزقة السوريين وغيرهم جرعة دفع إضافية للجيش الوطني الليبي الذي بات على تخوم العاصمة طرابلس آخر معاقل الإسلاميين.

وتستشعر كتائب حكومة الوفاق المحاصرة في طرابلس اقتراب ساعة الصفر، ما دفعها إلى الهرولة نحو تحشيد من وصلوا إلى حد الآن من مرتزقة سوريين والاستعداد للانخراط في سيناريو الفوضى العارمة علّها تخلق واقعا جديدا يؤجل معركة غير قادرة على حسمها لصالحها في الوقت الراهن.

واشتدت شوكة الجيش الوطني الليبي أكثر مع اصطفاف شيوخ القبائل وأعيان البلاد خلف المشير خليفة حفتر، ما جعل دولة قطر تتحرك بسرعة لشق صفوف القبائل وبالتالي إضعاف زخمها ومحاولة تحجيم دورها في تقرير مصير البلاد.

وقال مسؤول الإعلام بالمجلس الأعلى لشيوخ وأعيان ليبيا أبوبكر سليمان مردمة، إن المجلس رصد جميع الدعوات المشبوهة التي تقودها دولة قطر للتأثير على المشروع الوطني الذي يقوده شيوخ ليبيا، من خلال دعمها للمشروعات المؤدلجة والمتطرفة والتواصل مع الحركات الإرهابية لتوريط دول أخرى من الجوار في دعم الإرهاب في ليبيا، في اشارة لعدد من شيوخ قبائل استقبلهم في وقت سابق الرئيس التونسي قيس سعيد.

وأرجع مردمة الأزمات والانشقاقات التي تمر بها ليبيا إلى تدخلات دولتي قطر وتركيا، مشيراً إلى أن ذلك أثر على الجانب المعيشي لليبيين.

وحول الحدود المفتوحة وعبور أجانب إلى داخل ليبيا، أكد أن هنالك محاولة لتشويه المناطق الحدودية والتشكيك في دعمها للاستقرار بالبلاد.

أبوبكر سليمان مردمة: قطر وتركيا وراء الأزمات التي تعيشها ليبيا
أبوبكر سليمان مردمة: قطر وتركيا وراء الأزمات التي تعيشها ليبيا

وتابع “الليبيون رفعوا شعار الجهاد ليس لمحاربة الليبيين بل ضد الاحتلال العثماني البغيض”، مشيراً إلى أن “أبناء جميع القبائل الليبية يقاتلون في المحاور تحت راية الجيش الوطني لمحاربة المحتل العثماني الذي حاول قطع أواصر الود بين الليبيين ونشر الفتنة ببلادهم”.

وفي ما يخص الأمن في جنوب ليبيا، أوضح المسؤول الإعلامي أن ”مدن الجنوب كانت تعاني من أزمات أمنية لعدم وجود القوات المسلحة ما جعلها منطقة رخوة وظهرت بها تنظيمات مدعومة من تركيا، لكن مع تدخل الجيش هربت تلك التنظيمات إلى الصحراء”. واستطرد أن الحرب الآن مع قطر وتركيا في الجنوب أخذت منحاً آخر وهو مواجهة الشائعات حول جماعات من دول أخرى عابرة للحدود قد سيطرت على مدينة معينة.

وقال ”من يروّجون مثل هذا لديهم أجندة أخرى لشق الصفوف، في كل القرى الصغيرة الناس يعرفون بعضهم وأي غريب يدخل نعرفه ونعرف توجهه ومن أين جاء، لهذا المتطرفون والمجرمون منهم يلجأون إلى الصحراء والأودية”.

ووضعت القبائل الليبية مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى ليبيا، الذي لم يعين بعد، أمام مسؤولية كبيرة، فهؤلاء يقدمون دعمهم للجيش والبرلمان، وبالتالي من الصعب تجاوزهم.

وعقد مجلس القبائل الليبية في مدينة هراوة الأسبوع الفارط، اجتماعه الأول لتأسيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية على مستوى ليبيا، حيث تم تكليف الشيخ صالح الفاندي برئاسة المجلس.

ويفند تكتل مشائخ القبائل خلف الجيش الوطني الليبي، الافتراءات المشككة في الدعم الشعبي للمشير خليفة حفتر في معركته لتحرير العاصمة طرابلس، ما يمثل صفعة جديدة للمحور التركي القطري الذي يراهن على إحداث فرقة في صفوف الليبيين.

وطالب شيوخ القبائل الليبية في اجتماع ترهونة قبل أسبوعين، الأمم المتحدة بسحب اعترافها بما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة، في وقت يسيطر فيه الجيش الوطني الليبي على مناطق واسعة من طرابلس.

وخولت القبائل الجيش الوطني الليبي حسم المعركة والقضاء على الميليشيات، مع التأكيد على مقاومة جميع أشكال الغزو الخارجي، ورفض أي اتفاقيات دولية تشكل خطرا على الأمن القومي، في إشارة لمذكرتي التفاهم البحري والأمني اللتين وقعهما السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوفمبر الماضي.

ووضع شيوخ القبائل مجموعة من المحددات والخطوط العريضة، في مقدمتها أن ليبيا دولة مستقلة ذات سيادة وموحدة، وأن جميع القوانين التي أصدرها مجلس النواب واجبة النفاذ بما فيها ما يتعلق بالعفو العام، وحظر تشكيل الأجسام غير الشرعية والكيانات الإرهابية وإلغاء قانون العزل السياسي.

وشددوا على رفض كل المنظمات والتشكيلات ذات العقيدة الأيديولوجية المتطرفة التي تشكل خطرا على وحدة الدولة الوطنية، والتمسك بالنهج الديمقراطي الذي يقرره الليبيون بأسلوب وطريقة حكم البلاد وإقرار دستور توافقي، ورفض أي حوار قائم، بما فيها حوار جنيف برعاية الأمم المتحدة، ما لم يتم الرجوع إلى الليبيين باعتبارهم المعنيين بأي نتائج لهذه الحوارات.

و تمسك شيوخ القبائل بقرار غلق الحقول والمصارف والموانئ النفطية إلى حين تشكيل حكومة موحدة قادرة على حماية مقدرات الليبيين وضرورة وضع حد للعبث القائم بمؤسسات الدولة المالية، وعلى رأسها مصرف ليبيا المركزي وجهاز الاستثمارات الخارجية.

وبناء على زخم المجلس الأعلى للقبائل، يستعد شيوخ القبائل لبعث هيكل شبابي جديد أطلقوا عليه تسمية “مجلس شباب ليبيا” في الرابع من شهر أبريل المقبل، لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب والتصدي للعدوان الخارجي على ليبيا.

4