قطر تفشل في إبعاد شبهة مسؤوليتها عن وفاة عمال في مشاريع المونديال

تتفاقم محنة العمالة الأجنبية في مشاريع مونديال قطر 2022 رغم تسويق الدوحة لجدوى الإجراءات التي اتخذتها طيلة السنوات الأخيرة لتقديم صورة وردية في هذا الملف الحساس، والذي لا يزال يطاردها في ظل ما قدمته من تبريرات بدت غير مقنعة لملابسات وفاة 9 عمال خلال 2019.
الدوحة - عادت السلطات القطرية إلى إثارة الجدل حول ملف العمالة الوافدة بعد أن حاولت الأربعاء إبعاد شبهة تحملها مسؤولية وفاة عدد من العمال أثناء تنفيذ عدة مشاريع تتعلق بتنظيم كأس العالم بعد أقل من ثلاث سنوات من الآن.
وأعلن المنظمون القطريون وفاة تسعة من عمّال مشاريع مرتبطة بكأس العالم 2022 طيلة العام الماضي، مشيرين إلى أن الوفيات لم تحدث نتيجة لحوادث في أماكن العمل بل خارجها.
ويشكك متابعون لهذا الملف الحساس في الأرقام التي تسوّقها الدوحة بين الفينة والأخرى لاسيما مع تأكيد منظمات حقوقية دولية أن ظروف العمل في مشاريع كأس العالم لم تستجب للمعايير الدولية، التي يفترض أن يتم تطبيقها في بناء الملاعب.
وأكّدت اللجنة المنظّمة للبطولة أنّ كافة حالات الوفاة باستثناء واحدة لم تخضع لكشف طبي شامل مخصص للكشف عن أيّ مخاطر محتملة.
ويأتي الكشف الطبي الشامل بالإضافة إلى الإشراف على الصحة العقلية والسجلات الطبية الإلكترونية للعمال بعد انتقادات وجّهتها منظمات حقوقية لقطر حول حقوق العاملين في السنوات الأخيرة.
وأكد المدير التنفيذي لإدارة رعاية العمال في اللجنة المنظمة للبطولة محمود قطب لوكالة الصحافة الفرنسية أنّه مع كل حالة وفاة، بغض النظر عما تظنّه المنظمات غير الحكومية، “فإننا لطالما أولينا الأمر الكثير من الانتباه والقلق”.
الدوحة تؤكد وفاة 9 عمال في مشاريع كأس العالم في 2019 بحوادث خارج عملهم لكن تقارير دولية تشير إلى أن الأرقام أكبر
وسعى قطب إلى تبرير الإجراءات التي تقوم بها إدارته بالقول إنّ “الفحص الطبي الشامل كإجراء وقائي قد يكون أحد أكثر البرامج التي أطلقناها فعالية”.
وفي 2018، توفي عامل واحد نتيجة لحادث متعلّق بالعمل بعد سقوطه من ارتفاع في إستاد الجنوب، بينما تم الإبلاغ عن عشر حالات وفاة فقط وهي غير مرتبطة بالعمل في ذات الفترة.
ويشكل الأجانب 90 في المئة من عدد سكان قطر البالغ 2.75 مليون نسمة، وغالبيتهم من دول نامية يعملون في مشاريع مرتبطة باستضافة الإمارة لنهائيات كأس العالم 2022.
وكانت قطر وضعت في العام 2015 نظاما لحماية الأجور لضمان تقيّد أرباب العمل بالمواعيد المحددة لدفع أجور موظّفيهم كاملة، وذلك على خلفية انتقادات وجّهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش في هذا الاطار.
وقتل 3 عمال وأصيب 11 في حادث حافلة في نوفمبر الماضي، بحسب النسخة الخامسة من تقرير اللجنة.
ووفقا للتقرير، فإن نجارا تركيا توفي إثر أزمة قلبية في فبراير الماضي، بينما توفي عامل نيبالي في يونيو من نفس العام نتيجة قصور في جهازه التنفسي. بينما أقدم نيبالي على الانتحار في أكتوبر بعد 5 أيام على وصوله إلى قطر.
وفي الشهر ذاته، توفّي كهربائي هندي إثر أزمة قلبية، وبعدها بشهر توفي عامل نيبالي بسبب مرض السل. وفي ديسمبر، عثر على عامل هندي ميتا في مقر إقامته. وما زال التحقيق في سبب وفاته قائما.
وأكّد قطب “بإمكاننا الجلوس والقول الناس يموتون. لكنهم لم يموتوا خلال عملهم، وهذه ليست مسؤوليتنا… ولكن أردنا أن نكون شفافين قدر الإمكان”.
وتعاقبت التحقيقات الأممية حول العمالة في قطر بعدما أجمعت كل المنظمات الحقوقية الدولية على أن الدوحة ظلت تراوغ لتخالف الوعود التي قطعتها للتصدي لاستغلال العمال.
وأعلن عدد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية في 2017 تأسيس لجنة “الإنصاف الدولية” لضحايا بطولة كأس العالم 2022 في قطر من العاملين في تشييد المنشآت الخاصة بالمونديال.
وجاءت تلك الخطوة لترفد تقارير حقوقية سابقة كشفت عن الأوضاع المتردية للعمالة وتدني مستوى الإقامة الأجور والساعات الطويلة للعمل.