قطر تحاول اللحاق بطفرة الطاقة النظيفة

تدشين أول محطة شمسية بتكلفة 470 مليون دولار بالشراكة مع ماوريني اليابانية وتوتال الفرنسية.
الأربعاء 2022/10/19
لماذا تأخرتم كل هذا الوقت؟

كشفت قطر عن محاولات تحريك تموضعها في مجال صناعة الطاقة النظيفة في محاولة منها للحاق بركب طفرة القطاع لدى جيرانها الخليجيين أملا في كسب رهان الوصول إلى مسار منسجم مع البيئة، بعدما تقاعست لسنوات في ترسيخ مكانة المشاريع الخضراء في اقتصادها.

الدوحة - تحاول قطر اللحاق بركب من سبقوها في إنتاج الكهرباء من المصادر المستدامة وخاصة في منطقة الخليج لتحقيق المكاسب التي يمكن أن تجنيها من هذا المسار مع تنويع مزيج الطاقة في بلد يعد من أبرز المدمنين على إيرادات الغاز.

ورغم أن البلد يتجه إلى تعزيز مشاريع القطاع عبر العناوين البراقة التي يبثها المسؤولون بين الفينة والأخرى، لكن الخبراء ينتقدون تأخر الدوحة لسنوات في إرساء بنية تحتية تجعل من هذا المجال إحدى القواعد الأساسية في بناء اقتصاد أخضر أسوة بما يفعل جيرانها.

وتتجه الحكومة حاليا إلى التوسع في القطاع حيث تطمح إلى مضاعفة قيمة إجمالي المشاريع إلى 4 مليارات ريال (1.1 مليار دولار).

وحتى تثبت أنها قادرة على منافسة دول المنطقة في هذا المضمار، دشن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد الثلاثاء أول مزرعة للطاقة الشمسية بالبلاد والتي تقع في منطقة الخرسعة بقدرة 800 ميغاواط سنويا.

سعيد الكعبي: أمامنا خطوة رئيسية للاعتماد أكثر على الطاقة البديلة
سعيد الكعبي: أمامنا خطوة رئيسية للاعتماد أكثر على الطاقة البديلة

وقال الشيخ تميم في تغريدة على حسابه على تويتر “افتتحنا اليوم (الثلاثاء) محطة الخرسعة، الأولى من نوعها في البلاد، والتي ستُسهم في توليد ما يعادل عُشر الطاقة المستخدمة في الشبكة في أوقات الذروة من مصدر مستدام”.

وأضاف “المشروع ضمن خططنا نحو تقليل انبعاثات الكربون وآثار التغيّر المناخي”.

وتمتد المحطة على مساحة عشرة كيلومترات مربعة وبلغت تكاليف تشييدها 1.7 مليار ريال (470 مليون دولار).

والمحطة عبارة عن مشروع مشترك أطلق في 2016 بين شركات تابعة لشركة قطر للطاقة للحلول المتجددة بنسبة 60 في المئة، وشركة ماروبيني اليابانية بنسبة 20.4 في المئة، وتوتال إنرجيز الفرنسية بنسبة 19.6 في المئة.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة النفط والغاز الفرنسية العملاقة باتريك بويانيه لوكالة الصحافة الفرنسية “في الواقع أن توتال أصبحت مؤخرا الشريك الدولي الأول لقطر، هو مؤشر قوي”.

واعتبر أن ذلك هو “نتيجة الكثير من العمل منذ سنوات عديدة، لكن أعتقد أنه يأتي في وقت تُطرح فيه مسألة أمن إمدادات أوروبا علينا جميعا”.

سيف الحجري: الاتجاه جاء مع ذروة الطلب على مختلف مصادر الطاقة
سيف الحجري: الاتجاه جاء مع ذروة الطلب على مختلف مصادر الطاقة

وكانت السلطات القطرية قد أعلنت مؤخرا عن ضخ استثمارات بقيمة 2.3 مليار ريال (630 مليون دولار) لتطوير محطتي مسيعيد ورأس لفان خلال العام الحالي.

وفي المجمل تبدو هذه الأرقام ضعيفة قياسا بمليارات الدولارات التي ضخها جيرانها، ولاسيما الإمارات والسعودية وسلطنة عمان في السنوات الأخيرة ضمن خطط تنويع مزيج الطاقة، وفي الوقت ذاته المضي قدما في تحقيق الحياد الكربوني.

لكن المسؤولين يرون أن هذا التوجه يعكس السياسات والخطط الحكومية لتنويع مصادر الطاقة، عبر التشجيع على الاستثمار في الطاقة المتجددة، بالنظر إلى المعطيات المناخية والإمكانات المادية والتقنية المتاحة في قطر.

ونسبت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إلى سعد الكعبي وزير الدولة لشؤون الطاقة قوله إن “محطتي مسيعيد ورأس لفان تعدان خطوة رئيسية على طريق الاعتماد المتزايد على الطاقة المتجددة عالية الكفاءة”.

ومن المنتظر أن تدخل المحطتان اللتان ستبنيهما شركة سامسونغ سي أند تي الكورية الجنوبية مرحلة الإنتاج نهاية 2024.

وتقول وزارة الطاقة إن مسيعيد ورأس لفان ستسهمان في زيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة في البلاد إلى 1.67 غيغاواط.

ويعتقد سيف علي الحجري المختص في مجال البيئة أن قرار قطر بالتوسع في الطاقة الشمسية جاء مع ذروة تزايد الطلب على الطاقة من مختلف المصادر.

ولفت في تصريح لوكالة الأنباء القطرية إلى أن الحاجة الماسة للطاقة جعلت الدوحة تفكر في المساهمة في لعب دور إقليمي ودولي في هذا المجال.

Thumbnail

وأشار إلى أن هناك وعيا في قطر بضرورة التوجه نحو استخدام الطاقة البديلة على غرار مشروعي لوسيل ومشيرب، بالإضافة إلى توجه الأفراد في قطر إلى إنجاز محطات فردية لإنتاج الطاقة الشمسية في قطاعي الزراعة والصناعة والمنازل.

وباتت جارتها الإمارات من الدول الرائدة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ولديها إستراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى زيادة حصتها النظيفة ضمن مزيج الطاقة إلى 50 في المئة، وتملك مشروعات طاقة شمسية عديدة.

وتعد نور أبوظبي إحدى أكبر المحطات المستقلة للطاقة الشمسية في العالم بطاقة إنتاجية قدرها 1.177 ميغاواط، وهو ما يتيح للإمارة زيادة إنتاجها من الطاقة المتجددة والحد من استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء.

وفي دبي المجاورة أطلق قبل سنوات مشروع ضخم للطاقة الشمسية بقيمة 13.6 مليار دولار وقدرة على تلبية ربع حاجة الإمارة الثرية من الطاقة بحلول 2030.

كما تتصدر الطاقة الشمسية المشاريع المتجددة في السعودية لمواءمة رؤية 2030 التي يتبناها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وما يندرج تحتها من مبادرات لتجسيد جهود توطين القطاع الحيوي وتعزيز المحتوى المحلي وصناعة مكونات إنتاج الطاقة البديلة محليا.

ومن المتوقع تطوير أكثر من 35 مشروعا للطاقة المتجددة في غضون ثماني سنوات، ما يسهم في زيادة القدرة الإنتاجية من 9.5 غيغاواط إلى 27.3 غيغاواط في عام 2024 عبر برنامج أطلقته الرياض يهدف إلى الوصول إلى 58.7 غيغاواط من الطاقة المتجددة.

Thumbnail

وفي سلطنة عمان تطمح السلطات إلى أن تبلغ مساهمة الطاقة البديلة حوالي 16 في المئة بحلول 2025 لترتفع إلى 30 في المئة بنهاية العقد الحالي.

وتقول الحكومة إن القطاع الخاص سيستثمر حوالي 9 مليارات دولار في المشاريع المتعلقة بالطاقة المتجددة.

وكانت مسقط قد أعطت خلال العام الماضي إشارة انطلاق إنتاج محطة عبري 2 للطاقة الشمسية الواقعة في محافظة الظاهرة، بسعة 500 ميغاواط وبتكلفة بلغت أكثر من 400 مليون دولار.

وقبل أربع سنوات دشنت عُمان محطة مرآة لتوليد البخار بالطاقة الشمسية في منطقة مرمول بمحافظة ظفار جنوب البلاد بقيمة استثمار بلغت 660 مليون دولار.

وفي دليل على تأخر الدوحة في الالتزام السريع بالبصمة الكربونية انضمت قطر للطاقة الحكومية في يونيو الماضي إلى مبادرة الحياد الكربوني التي تشمل 12 شركة عالمية للطاقة.

وتعد المبادرة واحدة من مبادرات قطاع الطاقة التي كان عملاق النفط السعودي أرامكو أول الكيانات العربية التي انضم إليها والهادفة إلى الوصول إلى ما يقارب انبعاثات صفرية من غاز الميثان في أصول النفط والغاز بحلول 2030.

وتضم المبادرة شركات طاقة عالمية هي بي.بي وشيفرون وسي.أن.بي.سي وإيني وإكوينور وإكسون موبيل وأوكسيدنتال وبتروبراس وريبسول وشل وتوتال إنرجي.

11