قطريون لا يترقبون أي تحول سياسي بعد انتخاب مجلس الشورى

حملات انتخابية فاترة بعد إقصاء قبائل قطرية من الترشح والتصويت.
الأربعاء 2021/09/29
من يهتم

ما زال الجدل يتصاعد بشأن انتخابات مجلس الشورى القطري منذ أن أقر الشيخ تميم بن حمد القانون المثير للجدل بعد إقصاء قبائل قطرية كبيرة، ومع اقتراب موعد التصويت يتساءل قطريون عن أهمية المجلس الذي سيتم انتخابه.

الدوحة - لا يترقب القطريون أي تغيير سياسي من الانتخابات التي ستجري في الثاني من أكتوبر لاختيار ثلاثين عضوا في مجلس الشورى من أصل 45 عضوا. ويتم تعيين خمسة عشر عضوا من قبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويوافق رأيُ أغلب القطريين إجماعَ المحللين على أن الانتخابات -على الرغم من أنها بادرة غير معمّمة في منطقة الخليج- لن تكون نقطة تحوّل في قطر التي تجد نفسها منذ فترة تحت الأضواء بشكل متزايد بسبب استضافتها بطولةَ كأس العالم لكرة القدم العام المقبل.

ولكن يبدو التغيير الديمقراطي الذي ستحدثه الانتخابات محدودا جدا في الدولة الخليجية، حيث لن تتغيّر الحكومة بعد الانتخابات ولا توجد أحزاب سياسية.

وخفّض المتابعون سقف الرهان الذي يبديه بعض المرشحين على هذه الانتخابات في غياب تقاليد النشاط الحزبي والممارسة السياسية التي تقوم على النقد والاختلاف، معتبرين أن التجربة ستقود إلى صعود مجلس متشابه لا اختلاف فيه إلا بين الأشخاص، وسيكون بمثابة صورة تستثمرها السلطات في الترويج لنفسها دون أن يزعجها هذا المجلس.

وأشار هؤلاء إلى أن تصريحات بعض المرشحين التي تمتدح الانتخابات في حد ذاتها وتعتبرها “خطوة جريئة”، وتنظر إليها كهبة من رأس السلطة التنفيذية، لا يمكن أن تضيف شيئا ذا قيمة للمجلس الجديد الذي سيكون بلون واحد.

وقال ناخب قطري في الستينات من العمر -طلب عدم الكشف عن اسمه- في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية “ترى الحكومة حاليا أنه حان الوقت لوجود نظام ديمقراطي (…). نحن ثاني دولة في الخليج بعد الكويت تجري انتخابات”.

وتابع “حان الوقت ليقول الناس كلمتهم”، مشيرا إلى أن البلد بحاجة إلى “منحى للتعلم”.

مايكل ستيفنز: انتخابات مجلس الشورى ليست مؤشرا على أي إصلاحات سياسية

وأثار قانون الانتخابات الذي أقره أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني جدلا داخل المجتمع القطري بعد إقصائه قبائلَ قطرية.

ويحق فقط لأحفاد القطريين الذين كانوا مواطنين عام 1930 التصويت والترشح، ما يعني استبعاد بعض أفراد العائلات المجنّسة منذ ذلك العام.

ومن بين الذين يواجهون الاستبعاد من العملية الانتخابية بعض أفراد قبيلة آل مرّة، وهو ما أثار جدلا داخل المجتمع القطري امتد إلى فروع القبيلة في السعودية.

وترى الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية تشينزيا بيانكو أنّ في قضية قبيلة آل مرّة ما يستحقّ الاهتمام فعلا باعتبار أن هذه القبيلة الكبيرة مهدّدة بالاستبعاد من المناسبة الانتخابية النادرة في قطر.

وقالت بيانكو “هذه قضية يواجهها القطريون منذ عقد من الزمن، بينما يقومون بتثقيف مواطنيهم بشأن مبادئ الديمقراطية”.

ورغم التوقّعات بأن تنجح السلطات القطرية سريعا في إخماد حراك قبيلة آل مرّة بعدّة طرق، إلاّ أنّ مراقبين يعتبرون أنّ الحراك نجح فعلا في إعادة تسليط الأضواء على قضية هذه الفئة من المجتمع القطري في اللحظة المناسبة، حيث لم يعد بإمكان السلطات القطرية تطبيق أسلوبها في التعتيم الكامل على ما يجري داخل البلاد بسبب تسلّط الأضواء الدولية عليها بالمناسبة الانتخابية الاستثنائية التي تستعد لتنظيمها وأيضا مع الاقتراب النسبي لموعد تنظيم نهائيات كأس العالم في كرة القدم.

ولطالما سعت الدولة الخليجية المحافظة إلى طمأنة منتقديها بشأن تعهداتها المتعلقة بالنساء وحقوق العمال، خصوصا مع اقتراب استضافتها لبطولة كأس العالم 2022.

وستكون مهمة مجلس الشورى تقديم المشورة لأمير قطر في ما يتعلّق بمشاريع القوانين، لكنه لا يضع تشريعات خاصة به. ومن مهامه إقرار الموازنة وسحب الثقة من وزراء، لكن كل قراراته يمكن نقضها بمرسوم أميري.

وتُجرى الحملات الانتخابية بشكل خافت، وستنتهي في نهاية الشهر الحالي.

ويقول محللون إن تأثير مجلس الشورى سيبقى محدودا على الأرجح.

ويرى الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في واشنطن مايكل ستيفنز “لا أعتقد أن الانتخابات مؤشر على أمور عظيمة لقطر في ما يتعلق بالتشريعات المحلية أو الإصلاحات”.

ويشير المحاضر السياسي في جامعة جورج تاون دانييل رييش إلى أن الانتخابات “خطوة نحو الديمقراطية لم تكن لتحدث لولا كأس العالم المقبلة” وتوجه الأنظار إلى قطر.

دانييل رييش: السؤال هل سيمنح كل المواطنين القطريين حق التصويت

وأضاف “يبقى أن نرى إن كانت الانتخابات ستصبح أكثر شمولية عبر منح التصويت لكل المواطنين القطريين، وإن كان مجلس الشورى سيحصل على المزيد من الصلاحيات”.

وامتلأت شوارع الدوحة ومدن قطرية أخرى بلوحات ولافتات إعلانية عليها صور للمرشحين وهم يبتسمون مرتدين الزي الوطني القطري.

ويأمل الناخب القطري ناصر الكواري في “أن يكون التصويت للأفضل وليس الأقرب من العائلة أو الأصدقاء”.

ويضيف “أتمنى أن نختار الشخص المناسب في المكان المناسب”.

وسيحتاج مجلس الشورى الجديد المنتخب إلى غالبية كبيرة جدا لتعديل قانون الأهلية للترشح كي يشمل العائلات القطرية المجنسة.

وقال الشاب محمد حمد خميس العبيدلي، مرشح عن الدائرة التاسعة (براحة الجفيري)، إن “الأصل في الانتخابات هو تكافؤ الفرص، فلا يجب أن تكون هناك كوتة (حصة بعدد مقاعد) للشباب منفصلة بحد ذاتها أو للمرأة.. قد يكون ذلك بين المعينين في المجلس، لكن الناخب هو من يختار”.

وأضاف “مجتمعنا القطري هو مجتمع شاب بالأساس، لذا سنجد من بين المنتخبين شبابا، وتوجد تحديات عامة تحدث عنها أغلب المرشحين لتطوير وتحديث التشريعات في عدة مجالات، بما يتناسب مع انطلاقة قطر ورؤيتها التنموية 2030”.

وأوضح “المجتمع القطري له تركيبة اجتماعية وتقاليد وعادات وقيم معينة نعتز بها، لكنها لا تتنافى مع التطوير المطلوب بل تحث عليه”.

اقرأ أيضا: مجلس شورى قطر.. حل أم مشكلة؟

3