قطاع النسيج المغربي يسعى للتأقلم مع الصناعة الخضراء

يسعى المغرب لإحداث قفزة في نشاط قطاع النسيج خلال السنوات المقبلة بوضع خطط مرحلية متكاملة تنسجم مع التحولات في مجال الصناعة الخضراء، وفي الوقت ذاته دعم القدرة التنافسية للشركات المحلية في أعقاب الأزمة الصحية بغية تحصيل المزيد من الإيرادات من بوابة الصادرات.
الرباط- اعتبر وزير الصناعة والتجارة المغربي الجديد رياض مزور أن قطاع النسيج أحد الرهانات الرئيسية لحكومة عزيز أخنوش باعتباره أحد دعائم التنمية الاقتصادية لاسيما إذا ما تعلق بالأمر بجعله يتأقلم مع التحولات التي تطرأ على الصناعات الخضراء.
ويبرز هذا التحدي المستقبلي مع ترقب القطاع فرض ضريبة الكربون الأوروبية خلال 2023، وهو ما يفرض على الرباط الالتزام باحترام المعايير البيئية الأوروبية.
ويتمتع القطاع بالقوة الكافية للدخول في مرحلة جديدة بفضل إمكانياته بدءا بالمهارات ذات الصيت العالمي لدى أكبر العلامات التجارية الكبرى وجودة إنتاجه وقدرته التنافسية، مما يسمح له بفتح أسواق جديدة للتصدير.

رياض مزور: حالة القطاع حاليا تتطلب التنويع مع الامتثال للمعايير البيئية
وقال مزور خلال جلسة عمل مع الجمعية المغربية لصناعات النسيج والألبسة الاثنين الماضي بمقر المدرسة العليا لصناعات النسيج والألبسة إن “الحالة الراهنة للقطاع ومختلف رهاناته تتطلب التنويع مع امتثال العاملين بالقطاع للمعايير البيئية”.
وأضاف “المتغيرات الحاصلة في ما يتعلق بالمناخ تدفع القطاع نحو الانسجام مع أهداف التنمية المستدامة من أجل إنتاج منسوجات صديقة للبيئة”، موضحا في الوقت ذاته أن طول عمر منتوج النسيج المغربي يبقى رهينا بذلك.
وتمكن قطاع صناعة النسيج، الذي يضم 1628 شركة، ما يمثل 22 في المئة من إجمالي الوظائف المتوفرة على الصعيد المحلي، من تحقيق رقم معاملات بلغت قيمتها 50.5 مليار درهم (5.6 مليار دولار) منذ بداية العام.
كما حقق إيرادات من عملية التصدير وصلت إلى قرابة 36.5 مليار درهم (نحو 4 مليارات دولار) في الفترة ذاتها، ناهيك عن قيمة مضافة بلغت 15.9 مليار درهم (حوالي 1.7 مليار دولار).
ويمثل القطاع أكثر من 17 في المئة من الشركات في القطاع الصناعي وهو داعم مهم لسوق العمل، إذ يضم ألفا 189 شخصا، أي 22 في المئة من عدد العاملين في القطاع الصناعي.
وتعتقد المديرة العامة للجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة فاطمة الزهراء العلوي أن الشركات بحاجة إلى الدعم للحفاظ على المؤهلات البشرية والتقنية التي يزخر بها القطاع، فضلا عن الخبرة التي تمت مراكمتها عبر الأجيال، من أجل ضمان انتعاش مستدام بمجرد أن يسمح السياق العالمي بذلك.
وبخصوص حصيلة مخطط التسريع الصناعي، يتجلى من المعطيات الرسمية أن القطاع حقق أداء جيدا تجلى في إحداث مناصب شغل جديدة خلال الفترة الممتدة من سنة 2014 إلى 2020، منها 10.7 آلاف فرصة عمل بنهاية العام الماضي.
ومن بين خلاصات تشخيص استراتيجي أنجزته الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة مؤخرا، التركيز على تعزيز مرونة القطاع من خلال ملاءمته مع خيارات الزبائن والمستهلكين وقدراته على التوقع والاستباق، فضلا عن جودة خدماته اللوجستية والمستوى العالي لكفاءاته، إضافة إلى تعزيز جودة العرض من حيث التقنية والتتبع والمواد.

فاطمة الزهراء العلوي: الشركات تحتاج الدعم لمراكمة المزيد من الخبرات وتحقيق الأهداف
ويؤكد أهل القطاع أن صناعة النسيج المغربية ستكون قادرة على تقديم منتج متكامل “صنع في المغرب”، يستجيب لطموحات الفاعلين الأجانب من حيث المصادر القريبة والابتكار وتنافسية الأسعار، والتي لا تزال تخضع بشدة لقواعد المنشأ المفروضة في إطار اتفاقات التبادل الحر التي أبرمها المغرب، أو من حيث تقديم عرض مسؤول بيئيا يتيح إمكانية التتبع على طول سلسلة القيمة.
وباتت العلامات التجارية الأوروبية والأميركية أكثر اشتراطا بخصوص الامتثال للمعايير البيئية والتنمية المستدامة، بحسب مزور، الذي اعتبر أن علامة “صُنِعَ في المغرب” لديها ما تجنيه في هذا الباب.
ولهذا يرى وزير الصناعة أن من الضروري أن تتبوَّأ العلامة المغربية مكانة متميزة في السوق المحلية والدولية، مشددا على أن الحكومة لن تدّخر وُسعا لبلوغ هذا الهدف كإحدى أولوياتها في تطوير التصنيع المحلي يستلزم أيضا تطوير علامات تجارية مغربية بحتة ذات جودة وفي متناول المستهلك المحلي.
ويسعى المغرب من خلال خططه الطموحة لتطوير القطاع إلى دعم الطلب الخاص من قبل المحلات التجارية في البلاد والطلب المحلي لدعم مبادرة “صُنِعَ في المغرب”.
وقال مزور إن “القطاع ما كان أن يبلُغ هذا المستوى المتميز من دون الموارد البشرية المؤهلة، إذْ يُمثّل الرجال والنساء الذين يعملون معا لفائدة القطاع، القوة الحقيقية لهذه الصناعة”.
ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذا القطاع الذي شهِد انبثاق تخصصات جديدة ترتبط بالمنسوجات التقنية ذات الاستعمال الطبي، يرى المسؤولون المغاربة أن هناك ضرورة لاستفادة القطاع من مكتسباته العديدة واغتنام الفرص التي يُتيحها السياق الاقتصادي العالمي الخاص بإعادة توطين المواقع الصناعية، من أجل جذب المزيد من المستثمرين والتحسين النوعي للجودة.
وأوضح مزور أن الاستثمار في بداية سلسلة قطاع النسيج أمرٌ استراتيجي بالنسبة إلى استدامته، كما هو الشأن بالنسبة إلى التحوّل نحو نماذج أعمال موجهة نحو المنتجات التامة الصنع.
وتعمل الحكومة على متابعة قرابة 102 مشروع جديد في القطاع ضمن مخطط الإنعاش الصناعي بمبلغ استثماري مبدئي ناهز أكثر من ثلاثة مليارات درهم (330 مليون دولار) يُرتقب أن يسمح بتوفير أكثر من 15.5 ألف فرصة عمل بشكل قار.
يمثل قطاع النسيج أكثر من 17 في المئة من الشركات في القطاع الصناعي وهو داعم مهم لسوق العمل، إذ يضم ألفا 189 شخصا
وبحسب بيان صادر عن الوزارة، تلقت صحيفة “العرب” نسخة منه، فإنه من شأن هذه المشاريع أن تسمح، برسم السنة الثالثة من تنفيذ برنامج التسريع الصناعي، بتحقيق رقم معاملات إضافي توقعي تقترب قيمته من سبعة مليارات درهم (نحو 771 مليون دولار) منها نسبة 44 في المئة موجهة للسوق المحلية.
ولتحفيز الطلب محليا أو دوليا تم إطلاق 227 مشروعا استثماريا في القطاع، حسب معطيات رسمية، منها 38 مشروعا رائدا و189 مشروعا استثماريا للشركات الصغرى والمتوسطة، بمبلغ استثماري إجمالي تبلغ قيمته 5.6 مليار درهم (552 مليون دولار).